لم تختلف سياسات الحكومة السورية الجديدة، التي يرأسها، محمد الجلالي، عن الحكومات المتعاقبة، حيث بدأت منذ توليها مهامها باتباع سياسة “الترقيع”، بدلا من إيجاد حلول تخفف وطأة الأزمة الاقتصادية، في ظل عدم نية الحكومة زيادة الرواتب. 

إذ اتخذت حكومة الجلالي قرارات فاقمت الأوضاع المعيشية في البلاد، التي تعيش أزمة اقتصادية منذ سنوات، حيث بدأت برفع سعر “المازوت” المخصص للتدفئة والقطاع الزراعي، ما أدى إلى رفع الأسعار.  

ارتفاع التضخم

 خلال شهر تشرين ثاني/نوفمبر، شهدت الأسعار ارتفاعا بنسبة بلغت أكثر من 20 بالمئة، نتيجة رفع سعر “المازوت” الزراعي والغاز الصناعي، وفق الأستاذ في كلية الاقتصاد، شفيق عربش.

لافتة تحمل صورة الرئيس السوري بشار الأسد معلقة على جدار في سوق الحميدية في دمشق في 20 سبتمبر/أيلول 2023. (تصوير لؤي بشارة/وكالة الصحافة الفرنسية)

وأضاف عربش، أن قيام الحكومة برفع المحروقات وعدم قدرتها على تأمينه يصعّب الأمر كثيراً، ويفتح الباب أمام السّوق السّوداء لرفع أسعارها.  

إذ إن الفلاح أو الصّناعي أو غيره يحصل على نسبة ضئيلة من مخصصاته المدعومة، فيضطر للجوء إلى السّوق السّوداء، أيّ أن الحكومة كلما أصدرت قراراً برفع أسعار المحروقات فقد سمحت برفعه في السّوق السّوداء تلقائياً. 

نسبة التضخّم منذ حزيران/يونيو الماضي، ارتفعت بنسبة 35 بالمئة، بناءً على الأسعار وما تتم ملاحظته في الأسواق، بسبب رفع أسعار المحروقات بشكل دوري، وفق عربش.  

منذ أزيد من 10 سنوات لم تصدر إحصائية حقيقية للتضخم الاقتصادي في سوريا، لكن معاونة حاكم البنك المركزي السوري، الدكتورة مها عبد الرحمن، كشفت أن نسبة التضخم السنوي بلغت في نيسان/أبريل الماضي 122 بالمئة، معتبرة أن الرقم كبيرا، لكن البلاد لم تصل بعد إلى مرحلة التضخم الجامح.

واعتبر عربش، في حديث لـ “كيو بزنس” المحلي، أن كل القرارات التي اتخذتها الحكومة الحاليّة والحكومات السّابقة أدّت لزيادة معدّل التضخّم في البلاد، فهي قادرة على زيادة سعر أيّ سلعة وعاجزة عن زيادة الرواتب.  

زيادة الرواتب

رئيس الحكومة السورية محمد غازي الجلالي، أكد في 20 تشرين أول/أكتوبر الماضي، أنه لن يكون هناك قدرة على مضاعفة الرواتب والأجور أو زيادتِها إلى مستوياتٍ تلبي “رغبات المواطنين ورغباتنا العاطفية والنفسية”.

سوق مدحت باشا في دمشق - انترنت
سوق مدحت باشا في دمشق – انترنت

وجاء ذلك خلال مناقشة وزارة المالية ميزانية العام 2025، إذ اشتكى الجلالي أمام مجلس الشعب بأن حكومته تعاني من “أزمة مركبةُ وواقع معقّد أمام الحكومة، وهناك إشكاليات خارجية المنشأ، وإشكاليات داخلية تتعلق بشكل خاص بكيفية إدارة الموارد الوطنية”. 

وتحدث أيضاً عن ما وصفها بـ “المحدودية الواضحة في الموارد المالية للدولة، والتي تترافق مع تنامي عجز الموازنة العامة للدولة إلى مستويات غير مسبوقة”، مبرراً أن هذه الحالة تعكس خللاً في مقاييس المال والاقتصاد. 

الحكومة لا تستطيع زيادة الرواتب لكنها تستطيع زيادة الأسعار، مشيراً إلى أنّ المسؤولين لا يعتمدون على أيّ دراسة حقيقة لإصدار قرارات الرفع، وفق الخبير الافتصادي، شفيق عربش. 

وأضاف أن الحكومة الجديدة لا تختلف عن القديمة بالإجراءات قطعاً، وإنما الاختلاف يكمن بالجمل الإنشائية المستخدمة لتبرير القرارات أو لاتخاذها، منوّهاً بأنها ما زالت تتبع سياسة “الترقيع” البالية.

ووفقاً لعربش، فإن سياسة التمويل بالعجز ما زالت متّبعة، والهم الوحيد للحكومة هو تخفيض عجز الموازنة مهما كان الثّمن، لافتاً إلى أنّها لا تتدخل ولا تجيز اتخاذ أيّ قرار يعاكس قرارات المركزي السّوري التي خنقت السّوق والاقتصاد، فالمنصة موجودة، والاستيراد محصور بمجموعة من الأشخاص.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات