يتطلّع السوريون بكثير من الأمل إلى المشاركة الفاعلة في جهود مؤتمر الحوار الوطني الذي انطلقت مؤخرًا أولى جلساته الحوارية للجنته التحضيرية، في مدينة حمص، تمهيدا لانطلاق المؤتمر . 

وبخلاف تحديد ملامح المرحلة المقبلة في سوريا، فإن أهمية مؤتمر الحوار الوطني تتمثل في أنه يُعد مرحلة تأسيسية لهيئات ومؤسسات الحكم التنفيذية والتشريعية في المرحلة الانتقالية والدائمة. 

فرصة حقيقية 

لم يتحاور السوريون فيما بينهم منذ 75 عاماً، بحسب رئيس لجنة الحوار الوطني السوري، ماهر علوش، خلال تصريحات سابقة له، حيث قال “لم تكن لهم مشاركة فعلية في صنع القرار السياسي وبناء مستقبلهم، واليوم نحن أمام فرصة حقيقية لتحمّل مسؤولياتنا الوطنية في رسم ملامح المرحلة القادمة”. 

ومن المنتظر أن تعقُد لجنة الحوار الوطني لقاءات في مختلف المحافظات السورية للوصول إلى أوراق عمل تمثل جميع الآراء والأفكار المطروحة في الجلسات، والتي سيتم مناقشتها خلال المؤتمر العام. 

وبالنسبة للشأن الاقتصادي، أشار علوش، موضحاً أن المؤتمر سيناقش المبادئ الاقتصادية التي ستشكل دعامة قوية لسورية المستقبل. 

وكان رئيس “المرحلة الانتقالية” في سوريا أحمد الشرع تعهد بإصدار “إعلان دستوري” للمرحلة الانتقالية بعد تشكيل “لجنة تحضيرية لاختيار مجلس تشريعي مصغّر” وحلّ مجلس الشعب. 

خطوة نحو الاستقرار 

عن المأمول من الحوار الوطني، قال الباحث والخبير الاقتصادي، يحيى السيد عمر، إن الحوار الوطني في سوريا يُعد خطوةً رئيسة نحو الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي، مشيرًا إلى أن الآثار المتوقعة من هذا الحوار لا تتوقف على مستوى الدولة والسوريين فحسب، بل تتعدَّى ذلك لتشمل العلاقة مع دُوَل العالم. 

ومن الآثار المتوقعة للحوار على المستوى الاجتماعي، أكد الخبير الاقتصادي خلال منشور على صفحته بموقع التواصل “فيسبوك“، على ضرورة ضمان استقرار الداخل السوري؛ من خلال وجود حكومة تُمثّل مختلف الاتجاهات السياسية، بما يضمن الاستقرار الاجتماعي، ويُعالج بعض الظواهر السلبية مثل الطائفية والعشائرية.

أما بالنسبة للمستوى السياسي، رأى أن الحوار يدعم جهود الحكومة في اكتساب الشرعية السياسية، واعتراف العالم بها؛ خاصةً أن تمثيل مختلف شرائح السوريين في الحكومة يُعدّ عاملًا رئيسيًا للانفتاح السياسي الدولي مع دمشق. 

وعن المستوى الاقتصادي، أوضح أن الحوار الوطني سيعمل على دعم المؤشرات الاقتصادية بشكلٍ غير مباشر، مؤكدًا أنه لا يمكن الحديث عن انتعاش اقتصادي وإطلاق مشاريع جديدة دون استقرار المجتمع السوري، كما أن مؤشرات الاستقرار الاجتماعي تُعدّ عاملاً مُهمّاً في استقبال الاستثمارات الخارجية؛ وأن المستثمرين يُفضِّلون الدول المستقرة اجتماعيًا وسياسيًا؛ لكونها تُعد أكثر أمنًا وأسرع نموّاً اقتصاديًا. 

وشدد على ضرورة أن يكون للحوار الوطني قُدرة على النجاح وتحقيق أهدافه، وأن يكون فعّالاً، ويشمل مختلف أطياف المجتمع بدون أيّ إقصاء، وأن يناقش القضايا الحقيقية التي تَهُمّ الجميع، مثل شكل الدولة، وهويتها، والعلاقة بين الحكومة والشعب، وغيرها من القضايا المُلِحَّة. 

تحديد النهج الاقتصادي

من جانبه حاول الكاتب السوري، نزار بعريني، خلال مقال له، أن يرسم تصورًا لطبيعة المهام السياسية والتشريعية والاقتصادية التي من المتوقّع أن يناقشها المؤتمر الوطني السوري. 

بعريني شدد في مقاله، على ضرورة أن تأخذ اللجان الخاصة بوضع القاعدة التشريعية للاقتصاد السوري الجديد، بعض الملامح التي بدأت تتبلور خلال الأسابيع القليلة الماضية، مشيرًا إلى أنها قد تشكّل سمات” النهج الاقتصادي الرأسمالي” الذي تعتزم “الإدارة الجديدة” تبنيه، ويأخذ طابع الاقتصاد الحر. 

وأضاف أنه لابدّ من تنظيم وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة، وسياساتها المالية والنقدية، خاصة التي ترتبط بدعم الدولة للقطاعات الرئيسية المرتبطة بالبنى التحتية، وتتوافق مع سياسات ربط الأجور بالأسعار. 

وتابع بأن الصادرات يجب أن ترتبط بآليات ضرائب مرنة، وتراعي حاجة السوق الاستهلاكية، إضافة إلى إعادة البنية القانونية الناظمة لمشاريع إعادة الإعمار. 

قوانين مُنظمة 

أشار الكاتب إلى حديث رئيس” المرحلة الانتقالية”، أحمد الشرع، حيث قال: “هناك كثير من الخراب في هذه الدولة التي حكمها النظام لأكثر من خمسين عاما، وخلّف دمارا.. كثير من الهدم والدمار.. وهناك انقسام مجتمعي وتهديم للبنية التحتية، تعليمية وبنية اقتصادية ومنشآت وزراعة”. 

وأردف قائلًا: “السوريون بحاجة إلى قوانين ناظمة تنظم العمل بما يتناسب مع تطلعات الشعب السوري في أن يكون بلد متقدم ومتطوّر”.  

يشار إلى أنه في الأحد الماضي انطلقت في مدينة حمص السورية الجلسة الحوارية الأولى للجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني السوري. 

وفي 12 فبراير/ شباط الحالي، أصدر الرئيس السوري أحمد الشرع قرارا بتشكيل لجنة تحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني تتكون من “حسن الدغيم، ماهر علوش، محمد مستت، يوسف الهجر، مصطفى موسى، هدى الأتاسي، هند قبوات”. 

 وكُلّفت اللجنة بإعداد التوصيات الخاصة بكل من البناء الدستوري والعدالة الانتقالية، ومن ثم رفع التوصيات لرئاسة الجمهورية، حيث أكدت اللجنة التزامها بالمصداقية والشفافية، مع مراعاة التنوع الاجتماعي في سورية، واستبعاد مشاركة داعمي النظام السوري المخلوع. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة