خيمت الضائقة الاقتصادية والمعيشية على بهجة قدوم شهر رمضان بعد تحرير السوريين بلادهم والتخلص من حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد، حيث بات من الصعب على عائلات كثيرة تدبّر أمور معيشتهم والحفاظ على تقاليدهم الخاصة بالشهر الفضيل وطقوس الاحتفاء التي لم تكتمل من دون أصناف الحلوى الرمضانية المختلفة.  

وشهدت أسعار الحلويات الرمضانية في المدن السورية تغيرات ملحوظة هذا العام، بعد أن ارتفعت أسعارها، ما أدى إلى تراجع الإقبال عليها مقارنة بالسنوات الماضية، وسط أوضاع اقتصادية متردية تعاني منها الأُسر. 

ارتفاع أسعار ووضع معيشي متدنٍ 

تُعدّ الأسعار مرتفعة مقارنة بالوضع المعيشي، فبحسب دراسة أجرتها جريدة “قاسيون” المحلية في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، فإن متوسط تكاليف المعيشة تضاعف 3 مرات خلال 2023، بينما لم تعد الأجور قادرة على تغطية إلا 1.5 بالمئة من التكاليف المعيشية. 

“المشبك” و”العوامة” أحد أكثر الحلويات رواجًا، بلغ سعر الكيلوغرام منهما 15 ألف ليرة سورية، ويُعد رخيصًا مقارنة بالأصناف الأخرى، وبلغ سعر كيس “الناعم” 20 ألف ليرة، بينما وصل سعر “المعروكة” المحشوة بالعجوة إلى 20 ألف ليرة. 

ويبلغ سعر الكيلوغرام من “الهريسة” 40 ألف ليرة، و”البقلاوة” 50 ألف ليرة، و”الكليجة” 35 ألف ليرة، و”حلاوة الجبن” 52 ألف ليرة، و”البرازق” 38 ألف ليرة، و”الكنافة بالجبن” 55 ألف ليرة، ويبلغ سعر علبة الحلويات المشكّلة بوزن كيلوغرام 60 ألف ليرة. 

وشهدت الأسواق والشوارع انتشارًا لباعة “الناعم” والعصائر الرمضانية، حيث تُعرض العصير، والعرق سوس، والجلاب، وهي المشروبات التقليدية التي لا تخلو منها موائد رمضان.  

سعر كيس العرقسوس والجلاب يتراوح بين 7 آلاف و10 آلاف ليرة، بينما تباع عبوة العصير (لتر واحد) بـ 20 ألف ليرة، مع تفاوت في الأسعار وفقًا للكمية ونسبة التركيز في المشروب. 

السبب وراء ارتفاع الأسعار 

يعزو أصحاب المحال التجارية ارتفاع الأسعار إلى زيادة تكاليف المواد الأولية، وارتفاع أجور العمالة، ما انعكس بشكل مباشر على تكلفة الحلويات، وجعلها خارج متناول شريحة واسعة من المستهلكين. 

يؤثر التضخم على قدرة العائلات السورية في الاستمتاع بالأجواء الرمضانية ومأكولاته التقليدية، وبلغ معدل التضخم العام المحسوب في سوريا للفترة من شهر شباط/فبراير 2024 لغاية شهر كانون الثاني/يناير 2025 ما مقداره 46.7 بالمئة، وهو أدنى من المعدل 119.7 بالمئة المحسوب خلال الفترة السابقة ذاتها. 

وأرجع تقرير مؤشرات التضخم في سوريا لشهر كانون الثاني/يناير الماضي الصادر عن مديرية الأبحاث الاقتصادية والإحصاءات العامة والتخطيط في مصرف سوريا المركزي، استمرار الارتفاع في الأسعار إلى الضغوط التضخمية الناجمة عن ارتفاع التكلفة خلال الفترة المحسوبة الحالية. 

أرجع فادي صكيرو، صاحب محل للحلويات، ارتفاع أسعار الحلوى الرمضانية إلى زيادة تكلفة المواد الأولية مثل السكر والسمن والمكسرات والدقيق والمواد العطرية. 

تراجع الإقبال

أوضح صاحب محل الحلويات، أنه على الرغم من تحسّن الليرة السورية أمام الدولار الأميركي، فإن تجّار البيع بالجملة لم يخفّضوا أسعار المواد الأساسية لصناعة الحلويات، ما أدى إلى استمرار ارتفاع الأسعار. 

وأضاف أن معظم الزبائن يتجهون لشراء الحلويات منخفضة السعر مثل “المشبك” و”العوامة” التي تعتمد على مكونات بسيطة مثل الطحين والسكر، في حين أن الأصناف الأخرى تتطلب مكونات أغلى. 

وأشار إلى أن الإقبال متراجع، ولم يُعد شهر رمضان الموسم المنتظر، إذ كان يبيع يوميًا في السنوات الماضية ما يقارب 50 كيلوغرامًا من الحلويات، بينما لا يتجاوز حجم المبيعات في الوقت الحالي 25 كيلوغرامًا في اليوم، وفق ما نقل عنه “عنب بلدي”. 

وبحسب أحدث بيانات موقع “الليرة اليوم“، تعادل كل 9,700 ليرة سورية دولارًا واحدًا، لكن الصرافين والباعة لا يتقيدون بسعر “السوق السوداء” بل يعتبرون كل دولار يعادل 13000 ليرة. 

مواجهة الغلاء بخفض الكميات 

بعدما كانت جزءًا أساسيًا من المائدة الرمضانية، أصبحت الحلويات من الكماليات التي يصعب على كثير من العائلات شراؤها بانتظام، إذ استغنت عنها شريحة من الأهالي مقابل تأمين الاحتياجات الأساسية، في حين لجأ البعض لتحضيرها منزليًا. 

اتجه أحمد الخلف (51 عامًا) ربّ أسرة، إلى خفض الكمية التي اعتاد أن يشتريها من الحلوى الرمضانية، إثر ارتفاع سعرها، بعد أن كان يعتاد شرائها بشكل يومي لعائلته المكونة من أربعة أفراد خلال الأعوام السابقة، بحسب ما نقل عنه موقع “عنب بلدي”.  

أصبح أحمدي يشتري نصف كيلوغرام من “الهريسة”، وقال إنه في حال قرر الشراء سيتوجه لـ”المشبك” أرخص الأنواع، مشددًا على ضرورة وجود رقابة تموينية في الأسواق، لضبط الأسعار ومنع التحكم وارتفاع الأسعار غير المنطقي. 

وبحسب تقرير أممي صُدر مؤخرًا، فإن 9 من كل 10 أشخاص في سوريا يعيشون في فقر، وإن واحدًا من كل أربعة عاطلٌ عن العمل، وارتفع معدل الفقر من 33 بالمئة قبل الحرب إلى 90 بالمئة حاليًا، بينما بلغت نسبة الفقر المدقع 66 بالمئة. 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
أقدم
الأحدث الأكثر تقييم
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات

الأكثر قراءة