تسبب ارتفاع تكلفة المنسوجات في زعزعة الاستقرار في قطاع الملابس المستعملة (بالة) في سوريا، والذي تأثر بشكل كبير بوباء “كورونا” وقضايا سلسلة التوريد والشحن، خاصة للأفراد اللذين يلجؤون إلى هذا الصنف بسبب الفقر، واستبعادهم من الدعم الحكومي.

أدت زيادة تكاليف الطاقة والشحن، إلى ارتفاع أسعار القطن والكتان والحرير والصوف والمواد المصنعة من البترول بشكل كبير في الأشهر الأخيرة. بعد الانتعاش الاقتصادي العالمي وزيادة الطلب.

الجديد بعيدا عن متناول الناس

لم يكن بإمكان أحد أن يتنبأ بأنه سيصل إلى سوق البالات ذات يوم، ويجد الأسعار هناك مرتفعة للغاية بحيث لا يمكن تحملها، لأن البالة كانت في السابق ملاذا للفئة الفقيرة، وذات الدخل المنخفض من الناس.

لكن المفاجئة في الوقت الحالي، أن البالة انضمت إلى سوق الأسعار المرتفعة، خاصة وأن أسواق الملابس الجديدة أصبحت معروضات يتجول فيها الناس فقط للمراقبة ولا يجرؤ أحد على الشراء.

تقول إحدى النساء في مدينة اللاذقية، “أذهب إلى السوق من حين لآخر بحثا عن منتجات غير مكلفة تناسب دخلي، ولدي أطفال صغار، لكن الشراء من السوق أصبح صعبا بالنسبة لي، ومن يريد شراء سلعة رخيصة بسعر مقبول يجب أن يكون لديه بال طويل”.

أحد أصحاب محلات البالات في سوق “أوغاريت”، قال لصحيفة “تشرين” المحلية، إن “تسعير البالات يتم أولا حسب جودتها مع مراعاة رسوم التوصيل بالطبع وهي مرتفعة جدا”. مضيفا، “تأتي البالة في شوالات حسب المصدر، ويختلف سعرها حسب جودة البضاعة والنقل”.

وأوضح، أن هذا هو السبب في أن سعر البالة قد تضاعف أو زاد عن السعر السابق، حيث ألقى باللوم على ارتفاع تكلفة النقل. مشيرا في الوقت ذاته، أن زبائن البالة غير فالأغنياء والفقراء يختلطون معا، ويزداد الحضور في بداية كل شهر عندما يحصل العمال على رواتبهم.

للقراءة أو الاستماع: مع ارتفاع الأسعار.. الجمارك تمنع السوريين من شراء البالة

أسعار الملابس في البالات

يتراوح سعر شراء قميص في البالة، ما بين 5 و15 ألف ليرة سورية. بينما يمكن شراء السراويل والسترات ما بين 10000 و25000 ألف ليرة سورية. وبالنسبة لشراء الأحذية فيتراوح المبلغ ما بين 25 إلى أكثر من 100000 ليرة سورية.

ونقلت الصحيفة، عن أحد مالكي المحلات التجارية قوله، بأنه “مقارنة بالأشهر السابقة، ارتفعت الأسعار بشكل حاد. وهي من ذات الجودة الجيدة، لكن الأصناف الأخرى أرخص قليلا، لكنها ليست مرغوبة”.

وتابع، “أقل الأصناف في متجرنا ثمنها 8000 ليرة، في حين أن الجاكيت من الفرو قد يكلف أكثر من 100 ألف ليرة. وحاليا الأصناف التي كانت متوفرة في السابق فقط بـ500 ليرة، فقد تصل الآن إلى 5000 ليرة”.

والجدير ذكره، أن أسعار الألبسة السورية ارتفعت، نتيجة نقص الإنتاج بسبب انقطاع التيار الكهربائي. بالإضافة لارتفاع تكلفة البنزين، وفقدانه في كثير من الأحيان، الأمر الذي يمنع الورش والمصانع من استخدام المولدات.

للقراءة أو الاستماع: محلاتُ الألبسة في الرقة مُهدّدة بالإغلاق.. ومهنةُ الخياطة وأسواق البالة تنتعش

النفط ألهب أسعار الملابس

ارتفاع تكلفة الألياف الاصطناعية، التي تتنافس مباشرة مع القطن، جاء بعد الارتفاع الهائل في أسعار النفط. فمع اقتراب سعر الذهب الأسود من أعلى مستوى له منذ سبع سنوات، ارتفع الطلب على المنسوجات. حيث إن التجار لجؤوا إلى تخزينها لحماية أنفسهم من التكاليف الباهظة التي يتوقعون رؤيتها قريبا.

ونقلت مواقع إخبارية، أن تكلفة حاوية من آسيا إلى الولايات المتحدة تبلغ اليوم ما بين 12000 دولار و 16000 دولار، مقارنة بـ 3000 دولار قبل اجتياح وباء “كورونا” للعالم.

من ناحية أخرى، أشار رئيس اتحاد صناعة النسيج الفرنسي، إيف دوبييف، إلى أن هذه الأسعار ستؤثر حتما على المنتج النهائي للملابس، بالترافق مع ارتفاع أسعار الغاز والكهرباء التي يستهلك القطاع كمية كبيرة منها.

والجدير ذكره، أن أسعار النفط، أمس الاثنين، سجلت  92.99 دولار للبرميل وذلك للعقود الآجلة لخام القياس العالمي “برنت”. كما سجلت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 90.98 دولار للبرميل. وبالرغم من أن الأسعار شهدت تراجعا إلا أنها على نفس المستوى.

للقراءة أو الاستماع: في سوريا… القميص براتب شهرين وحتى “البالة” أصبحت للأغنياء!

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.