الفساد والمحسوبية في جامعات التعليم العالي في سوريا، سواء من قبل الكادر الإداري أو من قبل الأساتذة من مختلف التخصصات الجامعية هو السمة الواضحة لا سيما مع تسجيل تراجع مستوى الجامعات السورية بعد اندلاع الحرب قبل سنوات، بالإضافة إلى الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي يواجهها الطلاب من مختلف الجهات.

حكاية سببها حزب “البعث”

الدكتورة عالية صادق هي واحدة من الأشخاص الذين ذاع صيتهم في كبرى جامعات اللاذقية، بسبب ما تعرضت له من فساد إداري وصل إلى تدخل وزاري، بسبب الفضائح التي مرت عبر شعبة حزب “البعث” داخل الجامعة.

قالت الدكتورة، لموقع “هاشتاغ” المحلي، أمس الأربعاء، إنها حصلت على درجة الدكتوراه في العلاقات الدولية بداية العام 2020، وكان هناك الكثير من الحديث في ذلك الوقت عن الإعلان عن مسابقة لأعضاء هيئة التدريس. وخلال هذه الفترة كانت تمارس مهنة التدريس في جامعة تشرين والعديد من الجامعات الخاصة، وبعد مناقشة الدكتوراه قامت بنشر العديد من الأبحاث في مجلات محكمة، بحثين على المستوى المحلي، وواحد في دار نشر دولية.

وأضافت صادق، أن إعلان المسابقة صدر بعد عدة أشهر، بعناصر وتفاصيل مختلفة عن إعلانات السنوات السابقة، مثل أن شهادة “الباسل” – وهي شهادة تمنح نقاط لحاملها – تم إلغاؤها في الإعلان الجديد، ومنح المزيد من النقاط للبحث العلمي المحلي، إذ تم معادلته بشكل لافت للنظر في الإعلان الجديد بالبحث الدولي.

وصرحت صادق، أنه بعد أن تقدمت للمسابقة، بدت النتائج في مصلحتها، بفارق 3 نقاط عن المرشحة الآخرى. وحصلت على 51 نقطة بينما حصلت منافستها على 48 نقطة. وعلى الرغم من حقيقة أن مؤهلاتها الأكاديمية تم تجاهلها في الإعلان الجديد، ولأن هناك حدا زمنيا للأفراد للاعتراض على نتائج المسابقة، فقد قدم المعترضون اعتراضاتهم، والتي تمت مراجعتها من قبل اللجنة المختصة، وصدرت القرارات النهائية، وأغلق باب الاعتراض.

للقراءة أو الاستماع: أزمة التعليم في سوريا: أكثر من مليون طالب متسرب

التقارير الكيدية حتى في الجامعات

وبعد انتهاء مدة الاعتراضات بدأت المرشحة الأخرى وفقا لصادق، في كتابة تقارير “كيدية”، حول صدق أبحاثها المنشورة، مع العلم أن المرشحة الآخرى ليس لديها بحث علمي منشور، بالإضافة إلى أنها لم تدرس في الجامعة قط، بل هي فقط موظفة إدارية في رئاسة جامعة “تشرين”، لكن النتيجة الأولية كانت في صالح “صادق”، والخلاصة أن ما ورد في التقرير الكيدي ليس دقيقا ولا يقوم على وقائع، ولكن التقارير استمرت ضدها، وفي كل مرة يتم تشكيل لجنة واتخاذ قرار بتأييد ترشحها للمقعد.

وبحسب صادق ، فإن حادثة التقارير ضدها وقعت أربع مرات متتالية، وبعد كل هذه المحاولات الفاشلة لحرمانها من حقها في المقعد الذي استطاعت الحصول عليه مبدأيا، بناء على شروط الإعلان الواضحة.

في غضون ذلك تقول صادق، إنها قدمت كتابا لإعادة النظر في نقطتين رئيسيتين: الأولى هي كيفية حصول المرشحة على ورقة مطابقة للتخصص، وهذه الورقة من أهم الأدلة ومن خلالها يتم قبول التقديم كأساس للمنافسة، ويدل على أن اختصاصها ليس له علاقة بالعلاقات الدولية. وأوضحت صادق، أنه “بالرغم من مزاولتها مهنة التدريس في مجال التخصص منذ عام 2015، إلا أن الجامعة تجاهلت اعتراضها وحرمتها من تسع نقاط.

للقراءة أو الاستماع: خريجة جامعة حلب تودع كُلّيتها بـ: “هلو إيفري بدي لوشن”.. والجامعة توضح

خيانة الدولة من أجل التخلص منها

وفي أحدث تقرير كتبته ضدها المرشحة الأخرى، كان طبقا لحديث صادق، يتهمها بخيانة الدولة ومعاداة الدولة، بناء على محتوى أطروحة لها منحت من أجلها جائزة درجة الامتياز، ومع علم المرشحة الأخرى الكامل، بأن مثل هكذا تقارير ينتج عنها إلغاء للأطروحة والتجريد من شهادة الدكتوراه، بل وتعريض صاحبها للخطر والمساءلة، إلا أنها أصرت على تقديمه.

وبحسب مصادر الموقع من داخل جامعة “تشرين”، فإن كامل الشكاوى الكيدية المرفوعة ضد الدكتورة صادق، مرت عبر فرع حزب “البعث” في الجامعة، مما يشير إلى أن فرع الحزب انحاز إلى المرشح الأقل كفاءة على الأكثر كفاءة.

وبسابقة لم تحدث، أصدر وزير التعليم العالي قرارا للجنة المراقبة والتفتيش بإلغاء النقاط التي أعطيت لصادق عن كافة تفاصيل البند المتعلق بالعمل التدريسي، وبذلك تم تجريدها من تلك النقاط، وتم تفعيل القرار بسرعة كبيرة، وبعد هذا الإجراء عادت واستحقت المرشحة الأخرى المقعد، وانتهت قصة الدكتورة عالية صادق، عند هذا الحد.

ولاستيضاح القضية من جامعة “تشرين”، أكد نائب الجامعة للشؤون العلمية، الدكتور ياسر موسى، للموقع ذاته، أن كل الإجراءات التي اتخذت هي ضمن القوانين والكتب والتعليمات الوزارية. مضيفا أن أي ثغرة يمكن لصاحب الحق اللجوء للقانون للإضاءة عليها.

الجدير ذكره، أن التقارير الدولية أقرت بتراجع مستوى الجامعات بشكل كبيرة، وحسب تصنيف “ويبو ماتريكس” لـ 2022. وهو نظام تصنيف يعتمد على تواجد الجامعة على الويب، ووضوح الرؤية والوصول إلى الويب. يقيس نظام التصنيف هذا مدى تواجد الجامعة على شبكة الإنترنت من خلال مجال الويب الخاص بها والصفحات الفرعية والملفات الغنية والمقالات العلمية وما إلى ذلك.

فقد احتلت جامعة دمشق المرتبة 3310 عالميا، وجاءت جامعة تشرين في محافظة اللاذقية بالمرتبة 4539، أما جامعة حلب التي احتلت المرتبة 4973. أما جامعة البعث قد جاءت في المرتبة 5804 عالميا. أما المعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا بدمشق قد جاء 4911.

قد يهمك: الجامعات السورية.. استمرار مهزلة أسئلة الامتحانات

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.