منذ أكثر من عامين، أعربت منظمات إنسانية دولية ومحلية، عن مخاوفهم من الزيادة المقلقة في عدد الأطفال حديثي الولادة الذين يتم التخلي عنهم، سواء في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، أو مناطق حكومة دمشق، فمع تخلي الآباء الفقراء عن الأطفال حديثي الولادة، يظهر جيل جديد من الأطفال مجهولي النسب في الدولة التي مزقتها الحرب.

الحالة السادسة في دمشق

عادت ظاهرة التخلي عن الأطفال الرضع في الشوارع أو في المنازل المهجورة إلى الظهور، حيث تم اكتشاف أمس الأربعاء، طفل في سن مبكرة، داخل مبنى مهجور في منطقة معضمية الشام بدمشق، وعثر على ورقة مع الطفل الذي وضع في المبنى المهجور، مكتوب عليها أن والدته توفيت بعد ساعات من ولادته.

بدوره، قال رئيس بلدية المعضمية، محمود جلب، لموقع “أثر برس” المحلي، اليوم الخميس، إن أهالي الحي أبلغوا مركز الشرطة بوجود طفل رضيع في مبنى مهجور بحي الشوام، فتوجهوا على الفور إلى المنطقة، مضيفا أن مدير الناحية اتصل به لإيداعه في مركز الرعاية الصحية والطبية.

وذكر جلب، أن الطفل لا يزال معه، وأنه خضع لفحص طبي، وأنه في حالة صحية ممتازة، وسيتم نقله إلى دار للأيتام في دمشق في وقت لاحق، منوها إلى أنه كتب على صفحته الشخصية على “الفيسبوك”، منشورا ليعرف والدي الطفل عنه.

ويعتبر هذا الطفل، سادس حدث هذا العام في دمشق ومحيطها، فيما يتعلق بمشكلة رمي الرضع، ويأتي ذلك بعد العثور على طفل حديث الولادة ألقي في منطقة جرمانا في 20 نيسان/أبريل الفائت.

ظروف قاهرة

خلال السنوات القليلة الماضية، تم العثور على أطفال متروكين في الشوارع والمساجد وحتى في صناديق القمامة، وتنسب معظم الحالات إلى أبوين فقراء غير قادرين على إعالة أطفالهم، وليسوا بالضرورة مولودين من علاقة غير شرعية كما يظن البعض، كما ساهمت وفيات الأطفال بسبب الجوع والطقس البارد في زيادة هذه الحالات، بحسب التقارير.

في بعض الأحيان، يتم ترك ورقة توضيحية مع الرضيع يبرر فيها الوالدان ممارستهم أو يكتبون عبارة “طفل شرعي”، فبين منتصف تشرين الأول/أكتوبر 2021، وبداية كانون الثاني/يناير 2022، وثق مكتب حماية الطفل في مجلس الرقة المدني، سبع حالات من التخلي عن الأطفال، فيما لا توجد إحصاءات دقيقة متاحة حتى الآن لجميع الحالات.

وتم تسجيل أكثر من 40 طفلا مهجورا في عام 2018 والنصف الأول من عام 2019، وفقا لمنظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، حيث قالت المنظمة، إن “الفقر كان من بين الأسباب الرئيسية” وراء هذا الاتجاه، بالإضافة إلى انتشار الزواج القسري والمبكر.

وفي دمشق، سجلت بين عامي 2011 و2018، حوالي 300 حالة لأطفال مهجورين، بحسب التصريحات الرسمية، فيما يتعرض الأطفال المهجورون في سوريا لخطر فقدان الوصول إلى الحقوق الأساسية مثل التعليم وحتى الجنسية، لأنهم غير مسجلين عند الولادة، فبدون أب سوري معروف، لا يمكن تسجيلهم كمواطنين سوريين.

سوريون يكفلون أطفالا مهجورين

مع ارتفاع معدلات التخلي عن الأطفال في شمال سوريا، يجد عدد متزايد من الأطفال حديثي الولادة في شمال غرب سوريا أنفسهم يستيقظون على أرضية باردة، إن لم يكن في الهواء الطلق، إذ تعد الظروف الاقتصادية المتدهورة هي سبب يدفع معدلات التخلي عن الأطفال إلى أعلى، حيث يترك العديد من الآباء أطفالهم في الشوارع على أمل أن يعتني بهم شخص آخر.

ظهور هذا الجيل الجديد، وجه الأنظار نحو إنشاء جمعيات لمواكبة هذه الظاهرة، حيث قال يونس أبو أمين، المشرف على فريق إدارة الحالات في منظمة “بيت الطفل”، لموقع “المونيتور”، إن المنظمة تأسست منذ أكثر من عام ونصف في منطقة سرمدا شمال سوريا، لتلبية احتياجات الأطفال المهجورين وتزويدهم بالأساسيات، وخدمات مثل المأوى والتعليم والدعم النفسي.

وأوضح أمين، أنه بعد أن يتلقى الأطفال الرعاية الأساسية، فإنهم يحاولون العثور على أسرة لهم، مضيفا “نبدأ أولاً بالبحث عن الأسرة المولودة، وإذا لم نتمكن من العثور على تلك العائلة، نبدأ في البحث عن عائلة أخرى، ويفضل أن يكون أقارب الطفل مثل الجد أو العم، وإذا لم نتمكن من العثور على الأسرة للمولود، فإننا نلجأ إلى تنسيبه مع عائلة أخرى”.

الجدير ذكره، أنه منذ بداية الحرب، ولد حوالي  6 ملايين طفل سوري، ولا يعرف هؤلاء الأطفال سوى الحرب والنزوح، إذ تشير التقديرات الأممية إلى أنه يقتل طفل واحد في المتوسط ​​كل 10 ساعات بسبب العنف في سوريا، كما أن أكثر من نصف الأطفال في سوريا محرومون من التعليم، فبحسب منظمة “اليونيسف”، هناك أكثر من 2.4 مليون طفل في سوريا لم يتلقوا أي تعليم، حوالي 40 بالمئة منهم من الفتيات.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.