في أدلة متزايدة على أن القوات الروسية في المناطق المحتلة من أوكرانيا تسرق بشكل منهجي الحبوب وغيرها من المنتجات من المزارعين المحليين، أوقفت تركيا يوم أمس سفينة شحن تحمل حبوبا أوكرانية مسروقة، كانت في طريقها نحو سوريا.

مصادرة للمرة الأولى

في تطور لافت، وبعد موافقة تركيا على دخول فنلندا والسويد إلى حلف “الناتو”، احتجزت سلطات الجمارك التركية، أمس الأحد، سفينة شحن روسية تحمل حبوبا تزعم أوكرانيا أنها سُرقت، ما يشير إلى أن هناك ضغط من حلف “الشمال الأطلسي”، على أنقرة من أجل الوقوف أمام تدفق البواخر الروسية المنطلقة من أوكرانيا، وبأن تركيا باتت منضبطة أكثر في مواقفها وقرارتها تجاه الروس لاسيما في ملف غزو أوكرانيا.

يأتي هذا التطور، بعد شهر فقط من عقد تركيا وروسيا اتفاق مبدئي لإعادة شحن المنتجات الزراعية الأوكرانية من ميناء رئيسي على البحر الأسود، في حين أن كييف كانت ولا تزال متشككة حيال الاتفاقية المقترحة.

وبحسب وكالة “رويترز”، فإن أوكرانيا طلبت من تركيا احتجاز السفينة التي تحمل اسم “زيبيك زهولي”، حيث قال سفير أوكرانيا لدى تركيا، فاسيل بودنار، “لدينا تعاون كامل، السفينة تقف حاليا عند مدخل الميناء، وقد احتجزتها سلطات الجمارك التركية، وتأمل أوكرانيا في أن تؤخذ الحبوب من السفينة”.

وبحسب موقع “مارين ترافيك” المختص في مراقبة حركة المرور البحرية، ظهرت السفينة في ميناء كاراسو على البحر الأسود في ولاية سكاريا شمال تركيا.

سرقة علنية للقمح الأوكراني

منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، اتهم المسؤولون الأوكرانيون الروس بسرقة حبوبها ومحاولة بيعها في الخارج، ففي أيار/مايو الفائت، حذرت الولايات المتحدة الدول الأفريقية من شراء الحبوب المسروقة من الدولة الواقعة في أوروبا الشرقية.

وتتهم أوكرانيا المقاتلين الروس، بسرقة الحبوب الأوكرانية، وحملها على السفن، ثم تمريرها عبر مضيق البوسفور، وبيعها في الخارج، إّ نقلت الوكالة عن مصدر أوكراني مجهول، زعم أن 4500 طن من الحبوب على متن السفينة المحتجزة تم أخذها من بيرديانسك، وهي مدينة ساحلية تحتلها روسيا.

وفي 30 حزيران/يونيو الفائت، أفاد راديو “أوروبا الحرة”، أن سفينة شحن محملة بـ 7000 طن من الحبوب غادرت بيرديانسك، وأفادت الأنباء حينها، أن يفين باليتسكي، المسؤول الروسي الذي عينته موسكو لإدارة المنطقة المحتلة، قال إن “السفينة كانت تغادر متوجهة إلى دول صديقة”.

وتأتي أنباء احتجاز تركيا لسفينة الشحن الروسية، بعد أقل من شهر من اتهام بودنار تركيا بشراء حبوب سرقتها روسيا، إذ ذكر تقرير من وكالة أنباء “إنترفاكس” الأميركية، في حزيران/يونيو الفائت، أن الأراضي التى تسيطر عليها روسيا فى منطقة زابوريزهزهيا تزود الشرق الأوسط بالحبوب.

واعترف رئيس إدارة المنطقة التي تسيطر عليها روسيا، يفغيني باليتسكي، في مقابلة مع قناة “روسيا 24″، قائلا: “نحن نرسل الحبوب عبر روسيا، ويتم توقيع العقود الأولية مع تركيا، انطلقت أولى القطارات عبر القرم متجهة إلى الشرق الأوسط التي تعد سوقا تقليدية لأوكرانيا”.

القمح الأوكراني في سوريا

بحسب حديث الخبراء، من الصعب جدا تتبع الشحنات الفردية من الحبوب المسروقة، لكن هناك الكثير من الأدلة على أن الكثير منها يذهب أولا إلى شبه جزيرة القرم، إذ تظهر صور القمر الصناعي في نقطتي دخول رئيسيتين في تشونهار وأرميانسك، حيث يمكن رؤية اصطفاف السفن، والتي يمكن استخدامها لنقل الحبوب وغيرها من المنتجات الأوكرانية.

السفارة الأوكرانية في بيروت، قالت في الـ 3 من حزيران/يونيو الفائت، إن روسيا أرسلت لحليفتها سوريا ما يقدر بنحو 100 ألف طن من القمح الأوكراني سرقت منذ غزوها البلاد، واصفة الشحنات بأنها “نشاط إجرامي”، وأفادت السفارة في بيان نشرته، أن الشحنات تمت بواسطة السفينة “ماتروس بوزينيتش” التي ترفع العلم الروسي، والتي رست في ميناء اللاذقية البحري الرئيسي في سوريا أواخر شهر أيار/مايو الماضي.

بيانات من شركة “ريفنتيف”، وهي واحدة من أكبر مزودي بيانات الأسواق المالية والبنية التحتية في العالم، أظهرت تحميل القمح الأوكراني في السفينة في ميناء سيفاستوبول في شبه جزيرة القرم، التي ضمتها روسيا من أوكرانيا في عام 2014، إذ غادرت السفينة بتاريخ 19 من أيار/مايو الماضي، وموقع تفريغ الشحنة كان في سوريا.

السفارة الأوكرانية، قالت في بيانها، أن الحبوب الموجودة على متن السفينة “ماتروس بوزينيتش”، تمت سرقتها من منشآت التخزين الأوكرانية في المناطق التي احتلتها القوات الروسية حديثا، مشيرة إلى أن القمح الأوكراني سرق من منشأة تجمع القمح من ثلاث مناطق أوكرانية في دفعة واحدة.

وأيضا أوضحت السفارة، نقلا عن السلطات الأوكرانية، أن أكثر من 100 ألف طن من القمح الأوكراني “المنهوب” وصل إلى سوريا خلال الأشهر الثلاثة الماضية عبر روسيا، ومع ارتفاع أسعار القمح العالمية عن 400 دولار للطن، فإن هذا الحجم سيكون أكثر من 40 مليون دولار.

الجدير ذكره، أن بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، والذي لا يزال مستمرا وسط خسائر كبيرة تتكبدها روسيا مع طول المدة التي خالفت توقعاتها، وأدت لخسارات كبيرة في القطاعات الاقتصادية الروسية، تحاول روسيا تعويض ما يمكن تعويضه وإن كان من خلال سرقة الثروات الأوكرانية بما فيها القمح.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة