في تطور عملياتي عسكري جديد، قامت الطائرات الإسرائيلية باستهداف أماكن تواجد القوات الإيرانية والميليشيات التابعة لها في مطار حلب الدولي وفي محيط دمشق في وقت متزامن تقريبا.

وأوضحت صحيفة “الشرق الأوسط” اللندنية، اليوم الخميس، أن إسرائيل استهدفت بـ 4 صواريخ مدرجا للطيران في مطار حلب ومستودعات في محيطه، ما أدى إلى اندلاع النيران وانفجارات يرجح أنها لشحنة صواريخ إيرانية.

وبعد ساعة من استهداف مطار حلب، قامت إسرائيل باستهداف مواقع عسكرية في منطقة الكسوة بريف دمشق، تزامنا مع تصدي الدفاعات الجوية لأهداف في سماء المنطقة، من دون ورود معلومات عن خسائر بشرية.

من جهتها وكالة الأنباء السورية “سانا”، قالت: إن إسرائيل شنّت هجوما صاروخيا على مطار حلب، مبينة أن الهجوم لم يسفر إلا عن أضرار مادية.

ومن جهة ثانية، وبحسب متابعات “الحل نت”، فإنه لم يصدر أي تصريح أو رد حول عمليات القصف التي طالت مصالح إيرانية من قبل إيران.

إسرائيل ماضية في عملياتها بسوريا

بحسب “الشرق الأوسط”، فإن الاستهداف الإسرائيلي الذي جرى مساء أمس الأربعاء، هو الاستهداف الـ23 على الأراضي السورية خلال عام 2022، وهذا ما يعطي مؤشرا بحسب مراقبين على أن إسرائيل ماضية في تصعيدها ضد النفوذ الإيراني في سوريا.

الدكتور سمير صالحة، أستاذ العلاقات الدولية، يرى خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن الاستهداف الإسرائيلي ضد القوات الإيرانية والميليشيات المحسوبة عليها في سوريا، مستمر منذ سنوات، فإسرائيل تعمل بكل الوسائل الأمنية والعسكرية والسياسية والاقتصادية لتضييق الخناق على إسرائيل في سوريا، وهذا مرتبط بمصالح إسرائيل وحساباتها الإقليمية.

وأضاف صالحة، أن الاستهدافات الإسرائيلية لإيران في سوريا تأتي في إطار لعبة المصالح والاصطفافات الإقليمية الجديدة خاصة بالنسبة لإسرائيل، والتي بدأت تحسن علاقاتها وتطبع مع بعض العواصم في المنطقة، لذلك فالشق الإيراني مهم في هذا التحول في سياسيات إسرائيل الإقليمية.

قصف إسرائيلي سابق على محيط دمشق “وكالات”

وأيضا حول مضي إسرائيل في توسيع عملياتها ضد إيران، أكد الباحث في الشأن الروسي، طه عبد الواحد خلال حديث سابق لـ”الحل نت”، أن احتمال توسيع المواجهة بين إسرائيل وإيران على الأراضي السورية قائم منذ الساعات الأولى لدخول الإيرانيين وميلشياتهم الطائفية إلى سوريا، وتوسيع نشاطهم في المناطق الحدودية مع الجولان السوري، لافتا إلى أنه من الممكن أن تُقدم إسرائيل على شن حرب واسعة النطاق في سوريا ضد إيران وبدعم من حلفائها إذا كان هذا الحل هو الوحيد للحفاظ على أمنها.

وبحسب مراقبين لـ”الحل نت” في وقت سابق، فإنه لا يوجد وقت محدد للتصعيد الإسرائيلي ضد إيران، خاصة في سوريا، فالطائرات الإسرائيلية لم تتوقف أبدا عن استهداف المواقع الإيرانية ومواقع حزب الله في سوريا، وهي تملك الضوء الأخضر للعمل بحرية في سوريا، من قبل الأميركيين والروس.

ولفت المراقبون، إلى أن إسرائيل تخوض حربا متعددة الأوجه ضد إيران وحتى في العمق الإيراني، من خلال اغتيال عدد من العلماء الإيرانيين، أو من خلال هجمات سيبرانية وإلكترونية قادرة على تعطيل العمل بالمنشآت النووية الإيرانية، أو القيام بعمليات تخريب في بعض المنشآت من خلال عملاء وجواسيس تابعين لها داخل إيران.

إقرأ:تهديدات إيرانية لواشنطن بسبب إسرائيل.. أكاذيب وأوهام طهران؟

مرحلة الجديدة من التصعيد؟

في وقت سابق من نهاية الشهر الفائت،  استهدف قصف صاروخي إسرائيلي، مواقع في محيط مدينتي حماة وطرطوس في غرب سوريا، في مناطق طريق وادي العيون غرب مصياف ومنطقة البحوث العلمية، ومنطقة السويدة جنوب شرقي مصياف ومنطقة الجليمة أيضا، حيث توجد مقار ومواقع عسكرية ومستودعات للأسلحة والذخائر تابعة للميليشيات الإيرانية، وجرى تدمير أسلحة وذخائر، بينما اندلعت النيران بمناطق في ريف مصياف على خلفية القصف الإسرائيلي وصواريخ الدفاع التي حاولت التصدي للهجوم الجوي.

الاستهداف الإسرائيلي في محيط طرطوس التي تعتبر قاعدة لروسيا، يعتبر مؤشرا بارزا، إزاء ما يتعلق بطبيعة الغارات الإسرائيلية على المناطق السورية، والمرحلة الجديدة من التصعيد فالجانب الروسي لم يعلق على الغارتين؛ في الوقت الذي زادت إسرائيل من تصعيدها ويفترض أنها تراعي عدم الاحتكاك مع الروس، ورسخ القصف الذي جرة مساء أمس على مطار حلب فرضية التحول إلى مرحلة جديدة في التصعيد.

سمير صالحة، يرى أن هذه المرحلة من التصعيد بدأت بالفعل، وهي ترتبط بأمرين مهمين، الأول نتائج المباحثات الخاصة بالملف النووي الإيراني، والثاني تصريحات أميركية جديدة يوم أمس، بأن الولايات المتحدة لن تسمح لإيران بامتلاك السلاح النووي، وهذا التصريح يعتبر بمثابة تعهد لإسرائيل ولدول أخرى في الممنطقة.

ولفت صالحة، إلى أنه لدى الولايات المتحدة فرصة مهمة لحسم الملف النووي الإيراني، وبعد ذلك ستكون قادرة على تضييق الخناق على القرار الإيراني، وهذا ما سيؤدي للتأثير على المشهد العسكري المتعلق بالتواجد الإيراني في سوريا، وهو ما سيؤثر أيضا على الكيفية التي ستستمر إسرائيل بها باستهداف إيران في سوريا.

قد يهمك:بين إسرائيل وتركيا.. ما الذي تريده موسكو من دمشق؟

لإسرائيل حرية القصف بموافقة روسية

خلال اجتماع رؤساء مجالس الأمن القومي لروسيا والولايات المتحدة وإسرائيل، في صيف عام 2018، تم الاتفاق بين الأطراف الثلاثة على أن أمن إسرائيل أولوية قصوى بالنسبة لهم، ومنذ ذلك الوقت أُعطيت إسرائيل الضوء لاستهداف المواقع والتحركات الإيرانية في سوريا.

وبناء على هذا الاتفاق، فإن الضوء الأخضر الممنوح لإسرائيل بضرب المواقع الإيرانية في سوريا لا يستثني أي منطقة، حتى تلك المناطق التي تعتبر مناطقا للنفوذ الروسي وعلى رأسها طرطوس، لكن ضمن آلية يتم فيها إبلاغ الروس بشكل مسبق، وعدم الاحتكاك بهم في هذه الضربات.

وفي هذا السياق، أوضح الباحث في الشأن الروسي، ديمتري بريجع، خلال حديث سابق لـ”الحل نت”، أن استهداف إسرائيل لمناطق تواجد الإيرانيين في سوريا هي رسالة واضحة من الإسرائيليين لإيران أنها سوف تستهدفها في أي بقعة يتواجدون فيها في سوريا حتى لو كانت خاضعة للنفوذ الروسي.

وأشار بريجع، إلى أن استمرار الغارات الإسرائيلية ضد الإيرانيين، وعدم رد الروس عليها أيضا رسالة روسية ضمنية على عدم رغبة روسيا بتواجد إيران في سوريا، خاصة أن النظرة الروسية حول التواجد الإيراني، تقول بأن إيران تعمل على مشروع مبني على أفكار دينية وطائفية، بينما تحاول روسيا الحد من هذا المشروع لأنه يهدد وجودها في سوريا قبل أي طرف آخر.

ولفت بريجع، إلى أن هناك تفاهمات ضمنية بين روسيا وإسرائيل، فيما يخص الدور الإيراني في سوريا، والشرق الأوسط بشكل عام، أساسها أن أمن إسرائيل يبقى على رأس أولويات السلطة الحاكمة في روسيا، وعليه، فإن روسيا سوف تستمر بغض النظر عن استهداف إسرائيل لإيران في سوريا، مهما كان شكل الاستهداف ونوعه، وزمانه ومكانه.

إقرأ:إسرائيل تقصف مناطق نفوذ روسي بسوريا.. موسكو موافقة وطهران متخوفة؟

إيران لا تريد الحرب

بحسب العديد من التقارير الصحفية التي اطلع عليها “الحل نت”، فإن المسؤولين الإسرائيليين، يؤكدون دائما، أن إسرائيل لن تردد باستهداف إيران وستتحرك في أي وقت ومكان لضمان أمن إسرائيل، فهم بالإضافة لما يرونه خطرا متمثلا بالبرنامج النووي الإيراني، يدركون أيضا الخطر الذي يشكله تواجد الميليشيات الإيرانية في سوريا على حدود الجولان.

وخلال السنوات السابقة، اعتمدت إسرائيل نهجا قائما على تنفيذ غارات جوية وصاروخية على مواقع هذه الميليشيات وعلى شحنات الأسلحة، لكن ومع التمدد الإيراني الكبير في سوريا والتوتر بين الطرفين، بات من الممكن أن تتحول سوريا لساحة حرب كبيرة بينهما، ولكن حتى الآن لم تحصل أي ردود إيرانية ضد إسرائيل ما يدفع بالتساؤل حول هذا الصمت الإيراني عن تلقي الضربات الإسرائيلية.

فمن وجهة نظر سمير صالحة، فإنه على الرغم من هذه الاستهدافات الإسرائيلية المباشرة لإيران في سوريا، فإنه لا يوجد أي رد إيراني، مبينا أن نتائج مباحثات الملف النووي الإيراني ستوضح ما إذا كانت إيران سترد بشكل ما أم لا في المرحلة المقبلة

وبين صالحة، أن إيران حاليا محاصرة من قبل الغرب وبموجب قرارات دولية بالإضافة إلى استمرار عمليات الاستهداف الإسرائيلي لها، وهذا ما يجعلها تحسب حساب أي رد ضد إسرائيل.

قصف إسرائيلي يستهدف مطار حلب الدولي “وكالات”

وأيضا أكد طه عبد الواحد، في وقت سابق لـ”الحل نت”،  أن إيران لا تريد هذه المواجهة، وهي تكذب حين تدعي أنها في سوريا أو لبنان من أجل المقاومة والدفاع عن “القضية الفلسطينية”، هي كما يعلم الجميع تستغل هذه الشعارات لتعزيز نفوذها في المنطقة، وأي حرب مع أي طرف رئيسي في المنطقة، وخاصة إسرائيل يهدد بنسف كل حققته إيران خلال تواجدها في سوريا.

قد يهمك:أسباب اعتراف إسرائيل بقصف دمشق.. تصعيد أوسع مرتقب؟

تصعيد مستمر ومتسارع من قبل إسرائيل ضد إيران في سوريا، يحمل معه العديد من الاحتمالات المفتوحة للتصعيد بشكل أكبر بين الطرفين خلال المرحلة القادمة، فيما ستؤثر نتائج المباحثات النووية الإيرانية الغربية على شكل التصعيدالذي صرح المسؤولون الإسرائيليون مرارا أنه لن يتوقف حتى لو جرى التوصل لاتفاق نووي، ما دامت الميلشيات الإيرانية متواجدة بالقرب من إسرائيل وتهدد أمنها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.