وسط الظروف المعيشية الصعبة التي يعاني منها المواطنون في سوريا، خاصة فوضى الأسعار في أسواق الخضار والفواكه مؤخرا، نتيجة خسارة  الليرة السورية أكثر من 65 بالمئة من قيمتها، بات” سوق الهال”، الذي يُعرض فيه كافة أنواع الخضار والفواكه بالجملة، شبه خالي من البضائع نتيجة ارتفاع الأسعار من جهة وضعف الإقبال عليه من الجهة المقابلة.

أسعار الخضار والفواكه في سوريا كأنها مرتبطة بسعر الصرف، ويبدو أنها تحولت لبورصة مثل العديد من السلع الأخرى، حيث ارتفعت الأسعار بشكل كبير، حتى أصبح الناس يقنّنون من شراء هذه السلع، وأصبحت الفاكهة بجميع أنواعها رفاهية لمعظم المواطنين اليوم، وسط تدني الرواتب والأجور.

سوق الخضار والفواكه شبه فارغ

نحو ذلك، وصل سعر الليمون إلى 13 ألف ليرة سورية، وهذه المرة ليس بسبب نقص المعروض، بل كل ما هو موجود في السوق حاليا هو ليمون لبناني مهرّب، هذا ما برره التجار بالنسبة لارتفاع سعر الليمون، ويكاد يكون “سوق الهال” فارغا بسبب ارتفاع الأسعار وانخفاض الإقبال.

سوق الهال في سوريا- “سانا”

في الصدد، كشف عضو لجنة تصدير الخضار والفواكه في “سوق الهال محمد العقاد، لصحيفة “تشرين” المحلية يوم الإثنين الماضي، عن قلة المواد المعروضة في “سوق الهال”، واستدرك أنه في مثل هذه الأوقات يكون السوق في ذروته ويعج بالخضار والفواكه والمتسوقين.

أما اليوم فهو شبه فارغ من السلع والمواد؛ إذ لا توجد بندورة ولا بصل ولا فواكه، مشيرا إلى أنه من الجيد أن يتحول إلى ملعب لكرة القدم في حال بقي على ما هو عليه. ويشتكي الأهالي من غلاء أسعار الخضار والفواكه بشكل كبير، لاسيما تلك المواد الأساسية التي لا يمكن الاستغناء عنها في الحياة اليومية.

على الرغم من القوائم شبه اليومية التي تُصدرها الحكومة وتحوي أسعار الخضار والفواكه، إلا أن الأسعار التي يبيع بها التجار في الأسواق لا علاقة لها بالتسعيرة الحكومية، إذ يقول التجار إن تسعيرة الحكومة لا تراعي أبدا الارتفاع المتواصل في أسعار تكاليف الإنتاج والنقل بسبب غلاء المواد النفطية والكهرباء.

في الأثناء، سجلت الليرة السورية اليوم الأربعاء، انهيارا جديدا في سعر صرفها مقابل الدولار، إذ وصلت إلى 13400 ليرة مع افتتاح الأسواق المالية، ويعتبر هذا الانحدار في سعر الصرف أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخ سوريا، التي من شأنها أن تزيد من معاناة المواطنين وتزيد من تفقيرهم يوما بعد آخر، وسط بلوغ متوسط دخل الموظف الحكومي اليوم نحو 8 دولارات شهريا، والذي يعني أجرا ضئيلا ولا يكفي لمدة يومين.

قلة الدعم الحكومي

في سياق غلاء أسعار الخضار والفواكه، فإن الليمون والملوخية والبندورة والخيار وعموم الفواكه يبدو أنها ستتحول إلى أحلام بالنسبة للمواطنين، والسبب كما يؤكد عضو لجنة تصدير الخضار والفواكه في “سوق الهال”، قلة الدعم الحكومي لقطاع الزراعة، والذي انخفض لنحو 50 بالمئة عن العام الماضي، نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج وعدم وجود أي تسهيلات حكومية للمزارعين.

أما بالنسبة للأسعار فهي “فلكية”، فمثلا الملوخية اليابسة بـ 40 ألفا، والثوم بـ 30 ألفا، كل ما في “سوق الهال” مرتفع، ويقول العقاد إن تكلفة الملوخية مرتفعة للغاية، فهناك تكاليف اليد العاملة والأسمدة، فإذا ما قارنا الأسعار مع التكلفة نجد أن الأسعار منطقية جدا، لكن الفجوة تكمن في القدرة الشرائية لدى المواطن.

كذلك الأمر بالنسبة للخيار لا يوجد عرض، فقد قلت نسبة الزراعة للغاية، أما الليمون فدائما يرتفع سعره في هذه الأوقات، بسبب انتهاء الموسم الساحلي، ففي العام الماضي وصل سعر كيلو الليمون في مثل هذه الأيام إلى ألف ليرة لكن من الممكن أن ينخفض هذا السعر في منتصف الشهر الحالي بنزول صنف الليمون الماير.

كما ونوّه العقاد إلى أن مزارع أو مزارعين على الأقل يخرجون من مهنة الزراعة في كل عام، نتيجة قلة الدعم ولم يبقَ إلا المزارعون الذين يتلقون الدعم من قبل التاجر، فلولا تلك المساعدة التي تتضمن تأمين البذور والسيولة التي لا يستطيع الفلاح زراعة ربع الكمية التي كان يزرعها وحده في السابق.

لكن الغريب في هذه المعادلة، أنه رغم كل تلك القلة في المواد المعروضة، لا يزال التصدير جاريا ولو قليلا فهناك 20 برادا، يتم تصديره يوميا إلى دول الخليج والعراق، بينما كان يتم تصدير 100 براد يوميا على أقل تقدير إلى دول الخليج، ناهيك عن ما يتم تصديره إلى لبنان والعراق .

أسعار كاوية

بحسب تقرير لموقع “بزنس 2 بزنس” المحلي، يوم أمس الثلاثاء، فقد ارتفع سعر كيلو البطيخ الأحمر في الأسواق لنحو 900 ليرة، متأثرا بارتفاع سعر الصرف، وعلى الرغم من تراجع سعر الصرف ووجود كميات كبيرة من البطيخ في الأسواق، وتراجع الاستهلاك كون أقل بطيخة يصل سعرها اليوم إلى 20 ألف ليرة سورية، إلا أن الارتفاع تم بين يوم وليلة.

كما ووصل كيلو البصل بالجملة من النوع الجيد إلى 6500 ليرة سورية، ومن المواد الأخرى التي تأثرت بالارتفاع مع بداية شهر آب/أغسطس الحالي هي البطاطا التي كان سعر الكيلو منها 1000 ليرة وأصبح 3500 ليرة سورية. وفي بداية عرضه في الأسواق يباع كيلو فستق العبيد بعفشه مع التراب بـ 8000 ليرة، كما ارتفع سعر كيلو الفاصولياء الخضراء إلى 14 ألف ليرة، والذرة الخضراء الكيلو بـ 5000 ليرة.

سعر كيلو الخيار الأرضي يُقدر بـ 4000 ليرة، وكيلو البندورة بـ 2000 ليرة، وارتفع سعر الحشائش بمعدل 300 ليرة لكل ربطة، والكوسا بـ 4500 ليرة، والباذنجان بـ 5000 ليرة.

أما أسعار الفواكه فهي الأخرى محلقة “عاليا”، وهناك الكثير من الفواكه الصيفية التي لا يمكن الاقتراب منها كالتين الذي يصل سعر الكيلو منه إلى 20 ألف ليرة من النوع  الملكي، وكيلو التفاح من النوع الجيد 5000 ليرة، وكيلو العنب 6000 ليرة، والاجاص بنفس السعر، والتين الشوكي بات للفرجة حيث يبلغ سعر الكيلو منه 20 ألف ليرة، والخوخ بـ 5000 ليرة.

بدوره المستهلك ينظر إلى الأسعار ويختار إما الشراء بالحبة أو مقاطعة الشراء، ومنهم من يستغرب سبب هذا الارتفاع غير المبرر لأسعار الخضار والفواكه، وبعض التجار يرجعون السبب إلى ارتفاع أسعار الصرف في الأسواق، ومنهم من يُرجعها إلى ارتفاع سعر البنزين الحر في الأسواق إلى 14 ألف ليرة سورية لكل لتر، ومنهم من يرجعها إلى التصدير وعدم وجود بضاعة في الأسواق.

شادي، تاجر مفرق يقول إن الأسعار محكومة بتوفر البضاعة في “سوق الهال”، ومع ذلك الناس منقسمة، البعض يتسوق وفاتورته تصل إلى 100 ألف ليرة وهم قلائل بالطبع، ومنهم من يشتري بالقطعة أو بقيمة ألفين ليرة فقط، ونحن كباعة لا توفي معنا البيع بكميات قليلة كوننا نخسر ثمن الكيس، لكن ندرك أن الناس ليس باستطاعتهم الشراء أكثر من ذلك، وحفظنا بعض الزبائن التي كانت تشتري بالكيلو قبل عام، اليوم تشتري بالحبة وهذا دليل مؤكد على ضيق الأحوال المعيشية.

لمعالجة أزمة الأسعار المرتفعة هذه، تسعى الحكومة لتقديم حلول من أجل ضبط الأسعار، وذلك عبر إنشاء “أسواق هال مصغّرة”، حيث اعترف أمين سر “جمعية حماية المستهلك” في دمشق عبد الرزاق حبزة، بأن أسعار الخضار والفواكه تشهد ارتفاعات غير مبررة في الأسواق السورية رغم التوقعات بانخفاضها خلال الأيام القليلة الماضية.

حول أسباب الارتفاع تحدث حبزة في تصريحات نقلتها صحيفة “الثورة” المحلية، مؤخرا، عن ارتفاع كميات الخضار المصدّرة من البلاد.

كما أن آلية التسعير تتم وفقا للتاجر في “سوق الهال” حيث يتم التسعير بناءً على تقديرات السوق دون التدقيق بالتكلفة الحقيقية، ناهيك عن عدم قدرة صالات “السورية للتجارة” على التدخل بشكل ينعكس إيجابيا على الأسواق حسب قوله.

حبزة أشار كذلك إلى أن الجمعية، تقدمت بطلب إلى “وزارة  الداخلية وحماية المستهلك”، لإقامة “أسواق هال مصغرة” في مختلف الأحياء للتخفيف من أعباء النقل وأجوره المرتفعة على أصحاب المحال الصغيرة والتي تتسبب في رفع أسعارهم.

بينما قلل التجار وأصحاب المتاجر لبيع الخضار والفواكه، من أهمية خطوة افتتاح “أسواق هال مصغرة”، كونها آلية غير مُجدية ولا يمكن تطبيقها على المدى الطويل، مؤكدين في الوقت نفسه أن الحل لمشكلة ارتفاع الأسعار هي تخفيف أعباء التكاليف على المزارعين.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات