زينب

كان لافتاً التزامن بين ما أعلنه الرئيس السوري بشار الأسد عن توقعاته بانتهاء العمليات العسكرية في العام الجاري، وبين إعلان أمين عام حزب الله أن خطر انهيار النظام السوري قد زال.

هذا النهج الخطابي جاء عقب انتصار الجيش السوري مدعوماً بحزب الله أو العكس، كما يهمس القادة الميدانيون للحزب في الغرف السرية، في يبرود، وبالتالي السيطرة على القلمون وإغلاق الحدود اللبنانية على الثوار.

صحيح أن الدعم الإيراني غير المحدود بالعتاد والرجال، بالإضافة إلى التفوق الجوي المطلق لقوات الأسد، التي أصبحت تمتلك نوعاً من استراتيجية عسكرية تهدف إلى حماية مناطق نفوذه الممتدة من الشام حتى المناطق الساحلية الغربية، أعطته تفوقاً في بعض المناطق فقط، وليس انتصاراً، كما ألمح ركنا جبهة الممانعة مؤخراً.

ولكن الصحيح أيضاً، أنه بالرغم من الاقتتال الداخلي بين فصائل المعارضة، والانقسامات، وقلة العتاد والتسليح، وعدم وجود قيادة واحدة لها، فهي لم تنهَر، بل أكثر، هي ما زالت تسيطر على الجزء الأكبر من شمال وشرق سوريا، وجزء كبير من منطقة درعا في الجنوب. كما استطاعت فتح جبهة شمال اللاذقية، ولوحظ في إدلب استعمال الثوار أسلحة أميركية مضادة للدروع، ما يشي ربما بتسليح أميركي نوعي ومحدود للمعارضين، طبعاً المقبولين أميركياً.

للنظام السوري وحزب الله أسباب تجعلهما يستثمران في الانتصارات العسكرية التي تحققت في يبرود والقلمون.

فالرئيس الأسد امامه انتخابات رئاسية، وهو بحاجة لأن يوهم العالم بأن انتصاراته الأخيرة في القلمون، تشير إلى بدء استعادة قواته السيطرة على كل سوريا، وأن ما يفعله اليوم لا يتعدى تطهير جيوب الإرهابيين، لينتزع منهم اعترافاً بشرعيته المتداعية كما شرعية سفرائه لا سيما سفيره في الامم المتحدة، وذلك حتى لا يصبح وضعه الشرعي كوضع رئيس السودان عمر البشير. كما أنه بحاجة إلى رفع معنويات مقاتيله الذين أنهكهم القتال المتواصل منذ ثلاث سنوات من دون تحقيق نتائج حاسمة.

أما في ما يخص السيد حسن نصرالله، فهو بحاجة إلى تطمين الطائفة الشيعية، والتأكيد على صحة خياره بالدخول في الحرب السورية، في ظل تزايد الاعتراض الداخلي على تلك الخطوة المكلفة جداً، إن على الصعيد البشري أو الاقتصادي. وهو يريد أن يثبّت صورة الحزب الذي لا ينهزم في مخيلة طائفته بالتحديد، في مقابل صورة النعوش الآتية من الأتون السوري.

هناك في المحصلة حرب استنزاف في سوريا، لن يكون فيها منتصر أو خاسر في المدى المنظور، طالما لم يتوصل الغرب إلى رؤية واضحة لما بعد مرحلة الأسد. وهناك ايضاً ضغط أميركي على المملكة العربية السعودية من أجل حثها على الجلوس مع إيران على طاولة التفتيش عن حلول لأزمات المنطقة.

ولكن هذا لا يعني أولاً انتصار الأسد في سوريا، ولا حتى مقدمة لها، بل مجرد رسم حدود كانتونه العلوي. ولا يعني رضوخ المملكة للضغوط الأميركية، خاصة وأن ما تريده إيران، ليس حلاً لمشاكل المنطقة، بل فرض شروطها في كل من سوريا ولبنان وفلسطين واليمن والعراق والبحرين. فالحرب في سوريا قد تطول وتجرف معها أكثر من ضحية، تعتبر نفسها منتصرة اليوم.

ولكن يبدو أن الرئيس الأسد والسيد حسن مستعجلان، ويريدان بيع جلد الدب وقبض ثمنه، من أكثر من مكان، حتى قبل اصطياده.

 

إيلي فواز ـ now

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.