cc

 

وائل العبدلله

على الرغم من وضاعة التسجيلات المسربة للسيسي، إلا أنها تنقل للعوام ما يتهامس به الخاصة والنخب السياسية والعسكرية، وكيف تؤول الأمور بين ساسة الدول العربية في مجالسهم الخاصة.

“كان لازم وبمنتهى البتاع زي سوريا ما عملت، كان لازم في كل المواقف الرئيسية هات خود، أنا جايلك سنة تسعين عشان أعملك البتاع، البتاع وكلام من ده”.. جمل كرّرها رئيس أركان القوات المسلحة حجازي لرئيسه السيسي كي يقولها للخليجيين.

لم تغادر كلمة البتاع التسجيلات ولا لحظة، فالمال هو البتاع، والمنصب هو البتاع، وحساب البنك هو البتاع، والجيش المصري هو البتاع، ورئيس الديوان الملكي هوالبتاع.

البتاع هو كل شيء، والجميع فهم ما هو البتاع حسب موضعه من الجملة، فالبتاع يختصر المشهد العربي حقيقة فهو كل شيء، فلا تعريف ولا توصيف حقيقي لأي شيء في وطننا العربي الكبير سوى البتاع.

في مفاوضات الانقلاب المصري كان البتاع حاضراً وبقوة في كل تفصيل، فعلى كل دولة خليجية أن تدفع خراجها للسيسي كي يكتمل الانقلاب، “عندهم فلوس زي الرز”) هذا ما قاله السيسي عن أموال الخليج، وإلا فعليهم مواجهة بتاع مرسي وبتوع الأخوان، والتقارب المفترض بين إيران والأخوان في مصر.

أين بتاعنا يا سوريون؟ ألا بتاع لدينا؟ يبدو أن كل معارضتنا لا بتاع لديها حقيقة، فلا بتاع يفاوضون عليه، ولا بتاع يحميهم من الابتزاز، وأصغر بتاع دولي أو إقليمي قادر على إذلال هذه المعارضة وابتزازها وفرض أجندته عليها، نكسة خلف نكسة والشعب الثائر يحتمل خيبات كثيرة مرهقة.. بتاع قطري يشق الصف يتلوه سعودي فرنسي ثم  تركي ثم الأمريكي وهو الأقسى على الجميع، خاصة وأن العشم كان في أن  أمريكا ستضرب البتاع الحاكم، وأملت الناس خيراً في ذلك، وغادر النوم جفون البشر ليلتها، علّ  الحاكم يزول اليوم قبل غد، ولكن البتاع الأمريكي اكتفى بتبرير هزيل بسحب الكيمياوي من النظام الحاكم.

النظام السوري يعرف تماماً البتاع، ويعرف كيف يسوّق بتاعه، باعتراف حجازي رئيس أركان القوات المسلحة المصرية، فحديثه عن سوريا يوضح بما لا يقبل النقاش كيف ينظر جنرالات مصر للتجربة في سوريا، يعتقدون أن ما فعله النظام السوري هو البتاع الصحيح، بل ويريد من رئيسه السيسي أن يتعلم من التجربة السورية القائمة على الابتزاز لدول الخليج، منذ عهد حكم الأب إلى الابن، نظام محترف يعرف كيف يبتز حكام الخليج سنوياً بمئات ملايين الدولارات، إن لم يكن بالمليارات.

بالطبع لا يبحث الشعب السوري الثائر عن ابتزاز الخليج، لا على العكس تماماً، المطلوب هو وقف الخليج عند حده في سلوكه المتعمد لحرف الثورة وارتهان المعارضة لأجندات الخلافات الخليجية – الخليجية، لا أحد يريد ابتزاز الخليج ولا استعداءه، فالعيب يكمن في أقزام يدعون تمثيل الشعب السوري، وينتهي الأمر بهم بأن يكون لهم سعر خاص لا يتجاوز المئة ألف دولار كي يضعوا على جبينهم لصاقة تعبر عن هواهم الخليجي.

(يللي فتحت البتاع فتحك على مقفول)، فلن تغير تسريبات البتاع من مواقف الخليج نحو السيسي، ولن تغير التسريبات مواقف السيسي من الثورة السورية، فالجميع يكرهها، والجميع يتمنى لها أن تندثر وتتحول لمأساة.. “سوريون بلا عنوان، ادعموا أهلنا السوريين في المخيمات” هكذا يغدوا الخبر السوري في العربية والجزيرة ليحتل المرتبة الخامسة أو السادسة في ترتيب العناوين، بل وقد يغيب أحياناً عن النشرة، وكأن مشكلة السوريين اليوم هي الخيمة والبرد والجوع فقط، وكأن الأزمة انتهت على مئات آلاف الخيم والكارافانات.

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.