حمزة فراتي – ديرالزور

لاتزال معاناة الأهالي مستمرة ضمن مناطق سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية (#داعش) بـ #ديرالزور، والذين تجرعوا مختلف أنواع العذاب والقهر منذ اليوم الأول لسيطرة التنظيم على الريف بشكل كامل وأجزاء كبيرة من المدينة وحتى اليوم، حيث يعيش الأهالي تحت رحمة قوانين وفتاوى صارمة يشبهونها بقوانين #النظام، تبدأ من التضيق على المعيشة بشتى الطرق والوسائل، وصولاً إلى قرار منعهم من السفر خارج مناطق سيطرته، بل وعدم التنقل داخل مناطق نفوذه أيضاً، إلا بعد الحصول على موافقة أمنية، والتي باتت بمثابة الحلم لأي شخص يريد الخروج أو التنقل.

يقول أبو خطاب (أحد سكان الريف الغربي) في حديث لموقع الحل السوري، “إن الحصول على تلك الموافقة لم يكن صعب جداً في بداية إصدار القرار، فقد كان شرط التنظيم على من يرغب بالحصول على تلك الموافقة، الحصول على تزكية من قبل أحد عناصره، باستثناء أقارب من هم مطلوبين للتنظيم من فصائل قاتلت ضده عند دخوله وسيطرته، الأمر الذي دفع بكثير من الأهالي بالسفر والمخاطرة من دون أخذ الموافقة عن طريق بعض المهربين في المنطقة” .

 

المصدر أضاف “أن التنظيم شدد خلال الشهرين الماضيين على أمور السفر والخروج من مناطق سيطرته باتجاه مناطق النظام، فلا يتم إعطاء الموافقة إلا بشروط عدة منها الحالات المرضية الشديدة، وذلك بعد عرض المريض للجنة الطبية التابعة للتنظيم وبموجب تشخيصهم للحالة يتم الموافقة أو الرفض، وغالباً ما يتم رفض أغلب الحالات مهما كانت شدة المرض، وخصوصاً إن كانت  امرأة تحت سن الأربعين، فداعش يمنع خروج النساء إلى مناطق سيطرة النظام، الأمر الذي تسبب بوفاة عدة نساء في المنطقة”.

من جهته محمد طعمة ( أحد سكان الريف الشرقي)، “أختي تبلغ من العمر 24 عاماً وهي مريضة بالسرطان ويتوجب علينا كل آخر شهرين مراجعة طبيبها في #دمشق لتلقي الجرعات والعلاج هناك، لعدم وجود مشافي أو أطباء لمثل هذه الأمراض في المنطقة، وعند اقتراب موعد المراجعة ذهبنا إلى الحسبة من أجل اجراءات الموافقة علماً أن لدينا تقارير طبية كاملة لحالتها، فتم شتمي من قبل المسؤول هناك لمجرد معرفته بعمر أختي، متسائلاً كيف أرضى أن أصطحب أختي إلى ديار كفر ويتم الكشف عليها من قبل الأطباء هناك، وعندما قدمت التقارير الطبية له، شتمني مرة آخرة لوجود كلمة #مشفى_الأسد على أحدها ولم يعطوني حتى إحالة للمشفى لعرضها إلى اللجنة الطبية الخاصة بهم، حتى تدهورت حالتها ولم نستطيع الخروج بها عن طريق المهربين لأن وضعها الصحي لا يحتمل ذلك، فتوفيت بعد صراع شديد مع المرض لعدة أيام”.

ولم يكن حال أبو ماهر( أحد سكان مدينة #الميادين) أفضل من محمد طعمة، فوالدته مريضة قلب ووضعها الصحي سيء جداً وبحاجة لتركيب شبكه، لكن لا يوجد أطباء أخصائيين في المنطقة، يقول، “لم أحصل على الموافقة الأمنية للخروج بوالدتي إلى دمشق، لأن لدي شقيق مقاتل في صفوف الجيش الحر في القلمون، الأمر الذي دفعني للمخاطرة والخروج عن طريق التهريب، لكن لم يحالفنا الحظ أنا ومن معي فقد تم إلقاء القبض على السيارة التي كانت تقلنا في وسط البادية من قبل دورية تابعة للتنظيم، وتم اعتقال كل من في السيارة واقتيادنا إلى مركز الحسبة، وتم إطلاق سراح النسوة بعد التحقيق معهم أما نحن فتم نقلنا إلى سجن الأمنيين، حيث مكثت قرابة الشهر ذقت فيها أشد أنواع التعذيب ليتم إطلاق سراحي بعد ذلك، لكن مالم يكن في الحسبان بأن تتوفى والدتي خلال فترة تواجدي بالسجن”.

ومن شروط الموافقة الأمنية أيضاً، رهن مالي أو عقار يضعه المسافر عند التنظيم وفي حال عدم رجوعه يتم الاستيلاء عليها، ويشدد التنظيم بذلك على #الأطباء ويجعل خروجهم من المنطقة غاية في الصعوبة، يقول م.ع (أحد الأطباء من المدينة الذين وصلوا إلى #تركيا) لموقع الحل السوري، “لقد حصلت على الموافقة الطبية من المسؤول الطبي في المدينة أبو أنس المصري، لقيامي بعلاجه والاعتناء به في منزله أثناء فترة إصابته، فعند طلبي الخروج بحجة علاج أحد أطفالي في تركيا سهل لي الأمر، وأعطائي ورقة عدم تعرض من كافة حواجز التنظيم، بعد رهن كافة ممتلكاتي لديهم، فقد كانت المدة المسموحة لي شهر ونصف، والآن كل ما أملك تم الاستيلاء عليه من قبل التنظيم، لكن ذلك لا يساوي عندي شيء أمام خلاصي وعائلتي منهم”.
“الموت مصير من يقوم بتهريب الأشخاص خارج مناطق سيطرة التنظيم”، يقول سعد الخليفة ( من سكان الريف الغربي)، “فكثرة محاولات الهروب من مناطق سيطرة التنظيم جعلهم يفرضون أقسى أنواع العقوبات على من يحاول الهرب أو تهريب الأشخاص خارج مناطق نفوذهم، وذلك لردع الأهالي وترهيبهم، فقد قاموا بإعدام أربعة أشخاص خلال هذا الشهر بتهمة تهريب أشخاص خارج مناطق سيطرة التنظيم، كما تم اتهامهم أيضاً بالمساس بأمن التنظيم، لكن كل ذلك لم يثن عزيمة من ذاق شرهم وظلمهم من الخلاص والابتعاد عنهم بأية طريقة حتى وإن كان مصيره الموت”، على حد تعبيره.
منع التنقل بين “ولاية الخير” و “ولاية الفرات” إلا بموافقة سفر، حيث قسم التنظيم مناطق سيطرته في دير الزور منذ سيطرته عليها إلى ولايتين الأولى هي ولاية #الفرات التي تبدأ من مدينة هجين الواقعة على الضّفة اليسرى من نهر الفرات والتي تبعد قرابة (110 كم) عن مركز مدينة دير الزور، وصالحيّة البو كمال التي تقابلها في الضّفة اليمنى من النهر، حتّى مدينة القائم العراقيّة وريفها، بينما باقي المناطق حتّى حدود مدينة الرّقة، أطلق عليها التنظيم اسم ولاية الخير”.
واعتبر أهالي “الولايتين”، قرار التنظيم الأخير، هو “الأصعب والأقسى ووصفوه بأنه لا يفرق عن قرارات النظام بشيء”.

يقول أبو توفيق ( نازح من مدينة دير الزور في الميادين)، “بعد نزوحي إلى الميادين، قسم من عائلتي نزح إلى مدينة البو كمال أيضاً، وفي آخر كل أسبوع أذهب أنا وأطفالي لزيارتهم، لكن الآن أصبح الأمر تعجيزي، بعد القرار الأخير وهو موافقة السفر فلا تستطيع الحصول عليها مباشرة إلا بوجود شخص يكفلك هناك ويكون عنصر مبايع للتنظيم أو مزكى من قبل أحد عناصرهم، والأولوية بحسب المسؤولين في المكتب المسؤول عن الموافقات، للحالات المرضية وأصحاب المحلات التجارية، لأن من يقوم التنظيم بمنعه من السفر إلى مناطق النظام يعطيه موافقة سفر وعدم تعرض من كافة حواجز التنظيم للذهاب إلى الموصل للعلاج”، مضيفاً أن “أي شخص يخالف هذا القرار سيعرض نفسه للمسائلة والمحاسبة والتغريم، وكل ذلك جعل من محافظتنا سجن نعيش بداخله لا تتوفر فيه أدنى مقومات الحياه والعيش”، يختتم المصدر.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.