إدلب: صراع نفوذ وفلتان أمني ورفض شعبي لهيئة تحرير الشام

إدلب: صراع نفوذ وفلتان أمني ورفض شعبي لهيئة تحرير الشام

حسام صالح

تزداد الأمور تعقيداً في الشمال السوري، وخصوصاً في محافظة #إدلب، تلك المنطقة التي باتت تحوي أكثر من ثلاثة ملايين نسمة، بعد عمليات التهجير الأخيرة التي قام بها النظام برعاية روسية، في كل من أرياف حلب وحمص وحماه وغوطتي دمشق الشرقية والغربية، والاقتتال بين الفصائل العسكرية المتواجدة هناك وصراعها على النفوذ.
ولعل اللاعب الأبرز في إدلب هو هيئة #تحرير_الشام (النصرة سابقاً)، والمصنفة كمنظمة إرهابية لاتختلف عن داعش كثيراً، والتي باتت ممارساتها مصدر قلق وعدم رضا لدى الأهالي، مع تخوف مما هو قادم، خصوصاً مع قرب انتهاء النظام من المنطقة الجنوبية وإعادة بسط سيطرته عليها، والحديث عن إدلب كوجهة قادمة بتعقيداتها الدولية والإقليمية.

ماهي الفصائل الموجودة في إدلب حالياً؟

لعل هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) هي المسيطر على المشهد في مدينة إدلب، والأكثر نفوذاً بعد أن أقصت فصائل المعارضة في تموز/ يوليو 2017 بعد معارك عنيفة معهم.
لم تسلم هيئة تحرير الشام هي الأخرى من الانشقاقات داخل صفوفها، بعد إعلان فك ارتباطها بالقاعدة، فظهر جيش البادية والملاحم مع نهاية 2017، وهما فصيلان صغيران ولاءهما الأول لتنظيم القاعدة، ويتواجدان في جنوبي إدلب ويعقدان تحالفات مع الحزب التركستاني الإسلامي الذي يتواجد في سوريا ويتواجد على أطراف إدلب، يعرف الحزب التركستاني أنه ابتعد عن الصراع مع فصائل المعارضة ويقاتل إلى جانب كافة الفصائل.

ويوجد في إدلب فصائل معارضة أخرى، كحركة أحرار الشام، لكن هيئة تحرير الشام استولت على مقراتها في إدلب في 2017، إضافة إلى حركة نور الدين الزنكي وجيش الأحرار التي اندمجت وشكلت جبهة تحرير سوريا، إضافة إلى جيش العزة، وعدد من الفصائل الصغيرة الأخرى.

لم الاقتتال الداخلي؟

في سؤالنا للخبير العسكري أحمد فواز عن سبب الاقتتال بين الفصائل في الشمال السوري عموماً وإدلب خصوصاً، كانت الإجابة أن “اختلاف الايديولوجيات الفكرية هو الأساس، ومحاولة كل فصيل فرض واقع يخدم مصالحه، إضافة إلى المصالح الاقتصادية التي تلعب دورا مهما في استمرارية وزيادة قوة ونفوذ هذه الفصائل، حيث تشكل المعابر الحدودية مع تركيا، والمعابر والطرق الفاصلة مع مناطق سيطرة النظام مصدر تمويل أساسي وهائل لهذه الفصائل”.

مضيفاً أن “معظم عمليات الاقتتال الدائرة تتمحور حول السيطرة والتحكم في هذه المعابر”، مشيراً في الوقت نفسه أن “تبعيات التمويل والجهات الداعمة لهذه الفصائل شكلت عاملاً للتخوين والاقتتال بين هذه الفصائل”.

ولفت إلى أن “هناك أسباب خارجية تعود إلى التوازنات الدولية والإقليمية وتدخل الدول الفاعلة في الملف السوري، والاتفاقات التركية الروسية الإيرانية في سوريا، حيث تميل فصائل المعارضة إلى الجانب التركي، كجبهة تحرير سوريا، مقابل رفض من قبل هيئة تحرير الشام، التي تحاول الاستئثار بالقرارات والبعد عن التفاهمات الدولية”.

رفض شعبي للهيئة

منذ أن استأثرت هيئة تحرير الشام بمدينة إدلب، وفرضت قوانينها التي تستند بحسب مسؤوليها إلى “تطبيق شرع الله”، بات الامتعاض الشعبي واضحاً بين السكان، خصوصاً مع وجود أذرع الهيئة التي باتت تتدخل في كل صغيرة وكبيرة، من فرض اللباس الشرعي، وجباية الضرائب، ووضع قوائم في الممنوعات والمحظورات، وملاحقة المحال التجارية، عن طريق مايسمى “سواعد الخير” التابعة لها، فخرجت عدة مظاهرات ضد ممارسات الهيئة في المنطقة، وطالبت بخروجها من مناطقها.

حاولت هيئة تحرير الشام مؤخراً تبرئة نفسها كذراع عسكري من هذه الممارسات، فقامت بتشكيل عدد من الهيئات المدنية “حكومة الانقاذ، سواعد الخير، مكتب شؤون المنظمات”، لكنها في الحقيقة تتبع للهيئة ولاتختلف ممارساتها عن ممارسات عناصر الهيئة العسكرية، بحسب ما استطلعه موقع الحل السوري وتواصل مع الناشطين في المنطقة.
يقول الناشط “أبو النور” من مدينة إدلب في حديث سابق مع موقع الحل إن: “أهالي مدينة إدلب يشتكون من ممارسات مجموعة سواعد الخير، وتدخلها في كل صغيرة وكبيرة، فيقومون بملاحقة المحلات التجارية والمدنيين بحجة تطبيق الشريعة”.

في السياق ذاته يقول عضو أحد المنظمات المدنية في قلب مدينة إدلب والذي فضل عدم ذكر اسمه لموقع الحل إن: “هيئة تحرير الشام أسست في الصيف الماضي مكتب شؤون المنظمات في الشمال السوري، والتي قالت إنه لتنظيم العمل الإنساني، إلا أنه في الحقيقة وسيلة لفرض الأتاوات والتحكم في جميع المساعدات التي تقدم من المنظمات الإغاثية”.
وتعاني إدلب من أوضاع أمنية سيئة، حيث تكثر عمليات الاغتيال والسرقات والخطف، إضافة إلى قيام عناصر الجبهة بالسيطرة على ممتلكات الغائبين بحجة ولائهم للنظام.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.