ليبراسيون: ما عدد المهاجرين الغرقى في البحر المتوسط وأين يتم دفنهم؟

ليبراسيون: ما عدد المهاجرين الغرقى في البحر المتوسط وأين يتم دفنهم؟

نشرت صحيفة ليبراسيون في الأمس تقريراً حول عدد الغرقى من المهاجرين الذين يجتازون #البحر_المتوسط يومياً بشكل غير قانوني. فبحسب المنظمة الدولية للهجرة, فإن عدد الغرقى منذ عام 2014 وحتى يومنا هذا قد زاد على سبعة عشر ألف غريق.

ويأتي هذا التقرير رداً على السؤال الذي طرح مؤخراً عن العدد الحقيقي لغرقى البحر الأبيض المتوسط من #المهاجرين غير الشرعيين وذلك على إثر خطأ وقعت به وكالة رويترز بهذا الخصوص والتي أشارت إلى أن عدد الغرقى قد وصل إلى أكثر من مئة ألف مهاجر غير شرعي ما بين ليبيا وإيطاليا منذ عام 2014 وذلك بحسب المنظمة الدولية للهجرة. لكن في الواقع كان هناك خطأ في الترجمة حيث يشير التقرير باللغة الفرنسية إلى “أكثر من مئة ألف حالة وفاة” وهو ما نشرته رويترز ولكن النسخة الأصلية باللغة الإنكليزية يشير إلى “أكثر من عشرة آلاف حالة وفاة”. وقد أعطى هذا الخطأ فرصة لطرح التساؤل حول عدد المهاجرين الغرقى في البحر المتوسط خاصة وأنه ليس هناك أي أثر للجثث بحسب التقرير.

وتكشف ليبراسيون في تقريرها بأن مصدر رويترز – والذي هو غالباً مصدر كل شبكات الأخبار- بهذا الخصوص هو المنظمة الدولية للهجرة. حيث تشير أرقام هذه الأخيرة إلى أنه ما بين الأول من كانون الثاني من عام 2014 والثلاثين من شهر تموز من عام 2018, قد وصل عدد الغرقى من المهاجرين غير الشرعيين إلى 5773 حالة وفاة الذين وجدت جثثهم و11.89 من المفقودين الذين لم يتم العثور على بقايا مباشرة لهم بعد حطام السفن ولكن تم الإبلاغ عنهم بشكل عام من قبل الناجين. وبالتالي فإنه وبحسب المنظمة الدولية للهجرة قد وصل عدد المهاجرين الغرقى إلى 16862 ضحية في البحر المتوسط خلال أربعة أعوام ونصف. كما أنه ووفقاً للمنظمة, فإن الغالبية العظمى من هذه الوفيات والمفقودين قد حدثت في وسط البحر الأبيض المتوسط بين ليبيا وتونس ومالطا وإيطاليا: 14587 متوفى ومفقود في هذه المنطقة. وهذا يمثل أكثر من 86% من مجموع الغرقى في البحر الأبيض المتوسط والذي يعتبر أكثر طريق مميت في العالم, وفقاً للمنظمة.

من جهة أخرى تكشف ليبراسيون في تقريرها كيف تجمع المنظمة الدولية للهجرة هذه الأرقام وذلك من خلال برنامج المهاجرون المفقودون. حيث كشفت المنظمة في منشور لها عام 2017 عن منهجية جمع هذه المعلومات حيث يقوم مشروع المهاجرين المفقودين بتوفير قاعدة بيانات والتي تعتمد بالدرجة الأولى على المصادر الثانوية للمعلومات, وكيف يتم تقييم هذه المصادر الثانوية بحسب مزاياها وعيوبها. ففي كل حالة وعند التحقيق عن حادثة ما في البحر الأبيض المتوسط, تسجل المنظمة التاريخ وعدد الوفيات والعدد الأدنى المقدر للمفقودين وعدد الناجين, معتمدة بذلك على مصادر الانترنت. حيث يكون لكل شكل من المصادر تصنيف وفق الترتيب التالي: الرقم 1 عندما يكون الإعلام وحده قد ذكر هذا الخبر, الرقم 2 عندما تكون هناك شهادات من المهاجرين الناجين أمام المنظمة, الرقم 3 عندما يبث الخبر من عدة وسائل إعلامية, الرقم 4 عندما تشهد بذلك منظمة غير حكومية أو منظمة دولية, والرقم 5 عندما يكون هناك على الأقل مصدر رسمي أو أكثر (دولة ما أو خفر السواحل على وجه الخصوص).

وبحسب المنظمة الدولية للهجرة, فإنه لا يمكن للأرقام المعلن عنها أن تكون شاملة. فهناك العديد من حالات الوفاة التي لم تذكرها لا وسائل الإعلام ولا المنظمات غير الحكومية ولا حتى السلطات المحلية. كما أنه في أغلب المناطق يتم التقليل من هذه الأرقام مقارنة بعدد الأرواح المفقودة.

من جهة أخرى تعتبر الشبكة المتحدة للعمل بين الثقافات مصدراً آخر من مصادر معلومات منظمة الهجرة الدولية. وكذلك واعتماداً على مقالات الصحف وتقارير للمنظمات غير الحكومية فإن فريق عمل مركزه أمستردام قد أحصى34361 مهاجر فقدوا حياتهم , بين عام 1993 و 2018, في رحلتهم نحو أوربا أو بعد وصولهم إليها. وقد تم نشر القائمة في صحيفة الغارديان البريطانية في 20 حزيران 2018 وذلك بمناسبة اليوم العالمي للاجئين وأن حوالي 80% من هؤلاء الأشخاص قد ماتوا في البحر. ومن جهتها تبين الغارديان أن هذه القائمة ليست شاملة كذلك وأن العدد الحقيقي يمكن أن يكون أعلى من ذلك بكثير, لأنه وعلى مر السنين مات آلاف الأشخاص دون أن يتركوا ورائهم أثراً خلال رحلتهم عن طريق البر أو البحر.

ورداً على السؤال أين هي رفات الغرقى في البحر الأبيض المتوسط؟ تجيب جوليا بلاك, منسقة مشروع المهاجرين المفقودين في منظمة الهجرة الدولية: لقد تم تسجيل 5773 جثة في مقابل 11089 مفقود من قبل مشروع المهاجرين المفقودين منذ عام 2014. وهذا يعني أن حوالي 34% من المهاجرين الغرقى قد وجدت جثثهم. لكن المنظمة الدولية للهجرة لا تملك للأسف بيانات حول مكان دفن هؤلاء الناس.

من جهة أخرى يبين سيمون روبينز, باحث في جامعة نيويورك ورئيس مشروع مفقودي البحر الأبيض المتوسط والذي يعتبر شريكاً آخر لمنظمة الهجرة الدولية, بأنه وبشكل عام يتم استرداد جثث الغرقى عندما يكون ذلك ممكناً ودون المساس بجهود الإنقاذ. لكن وللأسف يبدو أن الدول لا تبذل أي جهد بهذا الخصوص وذلك لتحديد ونشر البيانات حول ما يتم استرداده من رفات. بينما يتم ذلك من قبل المجتمع المدني ومنظمة الهجرة الدولية.
ويكشف التقرير كيف تتم معاملة الجثث كنفايات ومخلفات! فبدايةً لا يتم العثور على غالبية الضحايا بعد تحطم السفن. ولكن عندما تصل الجثث إلى الشواطئ تكون إدارتها معقدة جداً, خاصة وأن إعادة الجثة أمر مكلف ويستلزم التوثيق ويتم ذلك فقط إذا كانت الأسرة مستعدة لدفع المبلغ اللازم وملئ الأوراق الإدارية. وقبل كل شيء يجب تحديد هوية الجثة. وبالتالي فإن العبء يقع في مكان العمل لرعاية بقايا الجثث الغير مطالب بها. وقد خصص مشروع مفقودي البحر الأبيض المتوسط تقاريراً عن إدارة هذه الجثث في كل من صقلية (إيطاليا) وليسبوس (اليونان).

وفي كثير من الحالات يستحيل تحديد هوية جثث الغرقى. فقد نشرت الـ بي بي سي في بداية عام 2016 تحقيقاً يشير إلى وجود 1278 قبر لمهاجرين مجهولين على الأقل في 70 موقعاً بين تركيا واليونان وإيطاليا. حيث كانت منظمة الهجرة الدولية قد أحصت حوالي 8412 مهاجر ما بين متوفى ومفقود منذ عام 2014. وقد كتبت وسائل الإعلام البريطانية آنذاك: إن السلطات المحلية في تركيا واليونان والتي تجد صعوبة في التعامل مع تدفق المهاجرين والكمية الكبيرة من جثث الغرقى على شواطئها, قد اعترفت بعدم قدرتها على إعطاء معلومات دقيقة حول مدافن المهاجرين الغرقى. كما أن هناك العديد من المقابر الجماعية في تونس وإسبانيا. وكذلك تم الإبلاغ عن وجود العديد من المقابر الجماعية في ليبيا. وبحسب مؤسسي جمعية حقوق الآخر, فقد تم جمع عدة شهادات شهود تؤكد على أن السلطات في إفريقيا غير مهتمة بموضوع جثث الغرقى من المهاجرين غير الشرعيين وأنه يتم التعامل مع هذه الجثث كنفايات.

وتختم ليبراسيون تقريرها بأن الاتحاد الأوربي ليس لديه سياسة موحدة باتجاه المهاجرين الميتين. فهذه مشكلة لكل دولة وفقً لقانونها وممارساتها الوطنية والمحلية. وأن قوانين الدول الأوربية غير متناسقة بهذا الخصوص. وذلك على عكس ما حصل في شهر تموز الماضي حيث وقعت كافة دول الاتحاد الأوربي باستثناء هنغاريا على التزام تجاه الأمم المتحدة بشأن الهجرة. حيث يفرض فصل “إنقاذ الأرواح وتنسيق الجهود بخصوص المهاجرين المفقودين” على كافة الدول الموقعة جمع بيانات الجثث وتنظيمها وضمان تتبعها بعد دفنها وإنشاء قواعد بيانات على المستوى الوطني لتسهيل عملية تحديد هوية العائلات وإعلامها, وكذلك التعاون على المستوى الدولي لتحديد هوية رفات المهاجرين المتوفين بهدف إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.