منار حداد – موقع الحل

لا تزال وتيرة تهديدات النظام السوري باجتياح الشمال السوري، وتحديداً محافظة #إدلب في أعلى مستوياتها، مع ترقّبٍ حذر للمدنيين، واستعداداتٍ غير مضمونة لفصائل المعارضة المسلّحة في تلك المنطقة لصد هجوم النظام.

بدأ إعلام الأسد بتهديد محافظة إدلب بعملية عسكرية ضخمة، وذلك بعد أن تمكّن النظام من السيطرة على محافظة درعا بشكلٍ متسارع، وبكلفة بشرية ومادية زهيدة بسبب استسلام فصائل المعارضة المسلّحة وتفاوضها مع النظام لتسليم المناطق دون قتال.

ولأن محافظة إدلب تمتلك خصوصية تختلف عن بقية المناطق الأخرى التي سيطر عليها النظام السوري سابقاً، فإن موقع الحل يبحث في هذا التقرير، السيناريوهات التي تواجهها محافظة إدلب أمام تهديدات النظام، إضافةً للخيارات التي من الممكن أن يواجهها المدنيون والمقاتلون هناك في حال تقدّم النظام.

السيناريو الأول: لا سيطرة للنظام

في يوم الأحد الفائت، كشف قائد عسكري في صفوف النظام السوري، أن معركة مدينة إدلب تأجّلت حتّى شهر أيلول القادم، موضحاً أن النظام يواصل إرسال تعزيزات عسكرية الى محافظتي حماة وادلب، وفقاً لما نقلت وسائل إعلام موالية.

هذا التأجيل طرح أسئلة حول مدى جهوزية النظام لهذه المعركة، ولا سيما مع غياب دعم طيران #روسيا، التي من المحتمل أن تكون في تنسيق مع حليفتها #تركيا.

ويرى المحلّل العسكري العقيد حاتم الراوي، أن معركة إدلب “تختلف عن درعا والغوطة ولها خصوصية، تتمثّل في وجود نقاط المراقبة التركية، والتي لا تقتصر على جنديين أو ثلاث جنود أتراك على إحدى القمم، بل تمركز عسكري كامل وجاهز لخوض المعارك”.

وأضاف الراوي، أن طريق النظام إلى محافظة إدلب يحتم عليه تجاوز النقاط التركية، وهنا التساؤل، “هل يستطيع النظام الصدام مع تركيا؟” موضحاً أن تركيا “لم تثبّت هذه النقاط من أجل مشاهدة قوات النظام وهي تجتازها”، بحسب وصفه.

وأوضح الراوي أن روسيا وتركيا “تتحالفان اليوم إلى درجة لا يستطيع أحدهما التخلّي عن الآخر أمام الضغط الأمريكي، لكن النظام سيحاول استفزاز النقاط التركية من أجل إحراج روسيا”.

وطالما أن روسيا لن تساند النظام في هذه المعركة لتفاهمها مع تركيا، فإن العقيد الراوي يرى أن النظام من المستحيل أن يخوض هذه المعركة لوحده ضد عشرات الآلاف من عناصر فصائل المعارضة التي تعمل بتنسيق منتظم مع تركيا، وضد نقاط المراقبة التركية، لافتاً إلى أن النظام لا يملك الطاقات البشرية الكافية والدليل على ذلك أنه ينقل “قوات النمر” من منطقة إلى أخرى لتخوض المعارك.

وأشار الراوي، إلى أن النظام الآن يلقي المنشورات التهديدية ويبث أنباء عن اتجاه أرتال عسكرية إلى الشمال، لإيهام المعارضة وجعلها تستسلم كما حدث في مناطق أخرى، لكن الراوي استبعد هذا السيناريو، لأنه المعارضة في شمال سوريا “تعمل بوحدة قرار وتنسيق مع تركيا ومن الصعب محاربتها نفسياً”، بحسب وصفه.

السيناريو الثاني: تأمين قاعدة حميميم

يتّفق كل من العقيد حاتم الراوي، مع العميد الركن أحمد رحّال، الذين قالا للحل إنه في حال كان هناك اجتياح عسكري فسيكون على محور “جبهة الساحل – جسر الشغور – سهل الغاب”.

ويقول العميد الركن أحمد رحال: “من الممكن أن تكون هناك صفقة إقليمية في تلك المنطقة، أو محاولة لفرض قوة على تركيا، ولكن من غير المعروف ردّة فعل تركيا كونها تواجه وضعاً داخلياً يتمثّل بتهاوي الليرة والتهديدات الأمريكية”.

أمّا العقيد حاتم الراوي فأشار إلى أن الطريق الممتد من جبل الأكراد إلى سلمى إلى كنسبّا إلى القساطل فجسر الشغور ثم ريف حماة وسهل الغاب، تُعتبر “المنطقة القاتلة” بالنسبة لروسيا، وهي تحاول بكل الطرق أن تسيطر عليها أو تطرد الجيش الحر منها على أقل تقدير.

أمّا أسباب استماتة روسيا للسيطرة على هذه المنطقة، فيؤكّد الراوي أن هذا الطريق يُعتبر من الطرق الاستراتيجية كونه يصل مدينة #حلب التي يسيطر عليها النظام بمدينة #اللاذقية حيث التواجد الروسي، إضافةً إلى أن هذا المحور يشرف بشكلٍ مباشر على قاعدة حميميم العسكرية الروسية. موضحاً أنّه من الممكن رؤية القاعدة الروسية بالعين المجرّدة من خلال هذه المناطق. لافتاً إلى أنّه إذا كان هناك فعلاً اجتياح عسكري للشمال السوري “فسوف يكون في هذا المحور فقط”. كما أشار إلى أن الجهة التي تسيطر على هذا المحور ستكون الأقوى في المعارك المقبلة، وسيكون لها الغلبة لأنّها تكون قد حاصرت إدلب من ثلاث جهات وقطعت تواصلها مع ريفها الغربي وريف حماة.

السيناريو الثالث: تكدّس في “درع الفرات” و”غصن الزيتون”

قبل أيام، دعت الأمم المتحدة تركيا، إلى فتح حدودها أمام المدنيين في حال فتح النظام السوري وروسيا معركة في محافظة إدلب شمال غرب سوريا.

هذه الدعوة جاءت مخالفة للإجراءات التركية الصارمة على الحدود، منذ أن وقّعت على “اتفاق تدفّق اللاجئين” مع أوروبا، والقاضي بإغلاق حدودها وضبط الهجرة غير الشرعية مقابل مكاسب اقتصادية وإنعاش انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي.

وعلى الرغم من ضعف احتمالية أن يهاجم النظام محافظة إدلب، إلّا أنّه وفي حال تم هذا الهجوم فإن مصير نحو ثلاثة ملايين مواطن سوري موجود في تلك المنطقة بات مجهولاً، ولا سيما أن هذه المنطقة تحتوي على مهجّرين من أحياء حلب الشرقية وداريا والمعضمية والغوطة الشرقية ودرعا والقنيطرة وحي الوعر وريف حمص الشمالي وريف حماة الجنوبي ووادي بردى وعين الفيجة والقلمون الشرقي وغيرها، أي أنّها تكتظ بالمدنيين فضلاً عن وجود أكثر من ١٠٠ ألف مقاتل فيها.

وفي هذا السياق، يتوقّع مراقبون أن يتم تكديس الهاربين من حملة النظام على إدلب في مناطق درع الفرات وفي عفرين، إذ أن هاتين المنطقتين من المستحيل أن يتجرّأ النظام على مهاجمتهما، وهو ما سيزيد أوضاع المدنيين سوءاً. ويختم العقيد حاتم الراوي أن “جميع الأطراف تعمل وفقاً لرؤيتها العسكرية ولا أحد منها يلتفت لحال المدنيين البالغ عددهم ثلاثة ملايين”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.