لوفيغارو: سوريا توازن هش بين ثلاث مناطق نفوذ

لوفيغارو: سوريا توازن هش بين ثلاث مناطق نفوذ

نشرت لوفيغارو تقريراً عن الصراع على النفوذ في سوريا ابتداءً من معركة #حلب ووصولاً إلى #إدلب. فمنذ استئناف المعارك في حلب نهاية عام 2016، استعاد النظام السوري، بمساعدة الروس والإيرانيين، جزءاً كبيراً من سوريا. بينما لا تزال هناك مناطق في الشمال السوري تحت النفوذ التركي لاسيما في إدلب، وكذلك منطقة كردية تحت النفوذ الأمريكي في الشمال الشرقي. حيث يبين التقرير كيف أن الطرق باتت تبدو متجددة في سوريا! فالمنطقة الواحدة باتت مقسمة بين المناطق التابعة للنظام والمناطق الخاضعة للمعارضة بحيث تبدو الخريطة الجديدة لسوريا أشبه بتوازن هش بين ثلاث مناطق نفوذ.

ويكشف التقرير كيف أن دمشق وضعت استراتيجية لمواجهة التمرّد منذ بداية الصراع. وذلك بالحفاظ على المدن الآمنة لحماية محاور الاتصال والتخلي عن المناطق التي سيطر عليها “الثوار”. ليقوم الجيش بعد ذلك وبمساعدة روسية إيرانية بالهجوم على المناطق المفقودة، مستغلاً تعب السكان المحليين من المعارضة المسلحة وما جلبته معها من دمار. فحرب مكافحة التمرد قد تطول لسنوات، وهي استراتيجية محفوفة بالمخاطر. لكن النظام السوري وبدعم من حلفائه قرر خوضها بالرغم من أن الأراضي التي كان يسيطر عليها في عام 2015 كانت تتقلص والجيش السوري تتضاءل أعداده. لكن تدخل الروس منذ أيلول 2015 غيّر الوضع.

وبعد ثلاث سنوات، بات النظام يسيطر على ثلثي الأراضي السورية. هذه سوريا التي غالباً ما وصفت بأنها “مفيدة” من دمشق جنوباً إلى حلب شمالاً مروراً بالمدن الوسطى كحماة وحمص. وكذلك مدن الساحل معقل عائلة الأسد كانت محمية مما يضمن الوصول إلى البحر المتوسط.
وقد كانت معركة حلب خير مثال على استراتيجية مكافحة التمرد هذه. ففي وقت مبكر من عام 2012، بدأ النظام بالتراجع في مواجهة الثوار. حيث انحسر نفوذه في النهاية في القسم الغربي من المدينة. لكنه تمكن من الحفاظ على الطرق من الجنوب حتى لا تتم محاصرته. ومع تدخل الروس وتقاربهم مع تركيا التي وافقت على تخفيض مساعداتها للمتمردين, تمكّنت دمشق من تغيير موازين القوى. فالجيش الروسي يوفر الدعم الجوي واللوجستي وكذلك الأسلحة المتطورة.

وعلى الأرض، تشرف إيران على الميليشيات الشيعية وتمولها. وفي صيف عام 2016، أطلق النظام حملته على شرق المدينة وتمكن من تطويقها لتسقط حلب في 22 كانون الأول بعد قصف مميت استمر لشهور.
وبعد سقوط حلب شنّ النظام حملته باتجاه شرق البلاد حيث الموارد الطبيعية. فكانت الخطوة الأولى أمام الأسد لاستعادة السيطرة على البلاد هي استعادة مدينة تدمر وموقعها الأثري إضافة إلى حقول الغاز. وبذلك يحمي مناطقه في الغرب ويدعم قواته في الشرق. وبدعم الميليشيات الشيعية، استطاع النظام استعادة مدينة تدمر في الثاني من آذار 2017.

ويبين التقرير كيف أن تقدم الجيش السوري باتجاه الشرق قد دفع بالأمريكان إلى زيادة مساعدتهم لأكراد سوريا فدعمت إقامة تحالف عربي كردي قوامه 50 ألف مقاتل كي تسيطر هذه الميليشيا على جزء كبير من شمال سوريا في الكانتونات الكردية الثلاث في عفرين وكوباني والجزيرة، التي تشكل كردستان سوريا “روج آفا”. بالمقابل وفي مواجهة التقارب التركي الروسي الإيراني والسوري في إطار محادثات أساتانا في كازاخستان عام 2017، سعى أكراد سوريا إلى الحصول على حماية الولايات المتحدة فوافقوا على خوض معركة الرقة عاصمة الدولة الإسلامية سابقاً لتسقط في العشرين من شهر تشرين الأول 2017.
ويبين التقرير كيف أن هذا التقاسم للشرق السوري كان نتيجة اتفاق بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية. فالنظام السوري كان ينقصه الرجال للذهاب بعيداً وهو يأمل باستعادة هذا القسم من سوريا لاحقاً بعد مفاوضات سياسية مع الأكراد.

ولفت التقرير كيف أن عام 2018 كان فرصة لنظام الأسد للتغلب على جيوب المقاومة في جنوب غرب البلاد وأهمها الغوطة التي تقع على مشارف دمشق، حيث كانت معركة الغوطة حالة أخرى من مدارس الحرب ضد التمرد. حيث لم يتردد النظام بقصف البنى التحتية وذلك لممارسة ضغط عسكري قوي لفصل المتمردين عن المدنيين وتفريق مجموعات الثوار للتفاوض مع كل منها على حدى. واستطاع في الواحد والعشرين من شهر أيار من السيطرة على كامل الغوطة فباتت دمشق ملاذاً آمناً للنظام.

من جهة أخرى، يبين التقرير كيف أنه ومنذ أيام قليلة كانت معركة إدلب وشيكة الوقوع. هذه المنطقة الجبلية الواقعة بين اللاذقية، معقل عائلة الأسد، وحلب. وهي المنطقة الوحيدة التي لا تزال تحت سيطرة المعارضة، لكن يسيطر عليها الإسلاميون. وفي الوقت الذي أعلن فيه النظام السوري نيته لبدء الهجوم، أعلنت كل من أنقرة وموسكو عن اتفاق يقوم على تأسيس منطقة عازلة سيسيطران عليها سوية. حيث يطلب الروس من الأتراك التخلص من الجهاديين في المنطقة ولو كان ذلك على حساب الأكراد حيث سينتشر الأتراك شرقاً.

وتختم لوفيغارو تقريرها بأنه وفي التشكيل الجديد لسوريا، فإن حكومة دمشق هي الرابح الأكبر. فهناك منطقة نفوذ تركية في الشمال بمباركة وشراكة روسية مما يسمح لأردوغان بمواصلة سياسته المعادية للكرد. وفي الشرق لا تزال هناك منطقة كردية برعاية الولايات المتحدة التي لا تمنع الأكراد من التفاوض مع النظام السوري. وإن كان المفاوضون الأكراد قد وصلوا إلى دمشق، فإن النظام ليس في عجلة من أمره للتفاوض. فهو متأكد بأن المناطق الكردية لا يمكن لها أن تحيا اقتصادياً دون دمشق. ففي سوريا قد تم تنظيم كل شيء كي لا يستطيع أي إقليم أن يعيش لوحده. وإن أراد الأمريكان ضمان حكم ذاتي الأكراد في سوريا، فإن عليهم دفع المليارات التي لا يملكها الأكراد.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.