علم تحرير الشام الجديد.. مناورة صعبة الإقناع ومحاولة الخروج من العزلة

علم تحرير الشام الجديد.. مناورة صعبة الإقناع ومحاولة الخروج من العزلة

منار حداد

 

اعتمدت “حكومة الإنقاذ” السورية والتي تسيطر على محافظة إدلب، علماً جديداً يختلف عن علم النظام وعلم المعارضة، في خطوةٍ أثارت غضب المعارضين السوريين.

وقال بيان صادر عن “الهيئة التأسيسية” التي شكّلت حكومة الإنقاذ، تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي: “إنه يُعتمد علم واحد وراية للمناطق المحررة مؤلف من أربعة ألوان، هي اللون الأخضر من الأعلى والأبيض في الوسط وفي الأسفل اللون الأسود”.

وأضاف البيان، أنه “يُكتب على اللون الأبيض في الوسط باللون الأحمر عبارة لا إله إلا الله محمد رسول الله”.

وبات العلم بحلّته الجديدة، يمثّل خليطاً بين علم الثورة السورية وعلم الراية الإسلامية، حيث تم استبدال النجوم الثلاث الخضراء في وسطه بعبارة “لا إله إلّا الله محمد رسول الله” باللون الأخضر.

وأشار بيان “حكومة الإنقاذ” إلى أنّ “قرار اعتماد العلم الجديد يعتبر نافذًا في المناطق المحررة”.

وأثار العلم الجديد، غضب ناشطين سوريين معارضين، ولا سيما أنّه يمثّل رمزية كبيرة لمعظم السوريين حيث تم حمله في الأشهر الأولى للتظاهرات واعتماده علماً للثورة السورية، وسقط تحت هذا العلم مئات الضحايا المدنيين خلال التظاهرات.

وجه الهيئة الناعم

تُعتبر “حكومة الإنقاذ” الوجه المدني “الناعم” لـ #هيئة_تحرير_الشام، وذلك استناداً لعدّة معطيات، أبرزها أن الحكومة تشكّلت في محافظة إدلب تحت حماية بنادق هيئة تحرير الشام في الوقت الذي تمنع الهيئة القيام بأي نشاط مدني في مناطق سيطرتها بما في ذلك “الحكومة السورية المؤقّتة” التي تم تجميد عملها هناك.

كما لجأت “حكومة الإنقاذ” إلى فرض نفسها على المدنيين ومخالفة قواعد الانتخابات وذلك عن طريق حل مجالس محلية منتخبة من قبل المدنيين، وفرضت نفسها كقوّة أمر واقع بحماية عسكرية من الهيئة دون أن تستمد أي شرعية لها سواء من الشارع السوري أو عن طريق الانتخابات.

وتأسّست “حكومة الإنقاذ” في الشمال السوري في تشرين الثاني من العام الماضي، في محافظة إدلب، وبعد أسبوعين فقط من تأسيسها، استلمت الحكومة إدارة جميع المرافق الخدمية من هيئة تحرير الشام بشكل سلمي، ما دفع ناشطين ومثقّفين لاتهام “حكومة الإنقاذ” بأنّها وجه مدني ناعم لهيئة تحرير الشام، ولا سيما أن المرافق التي استلمتها “حكومة الإنقاذ” من تحرير الشام تدر ملايين الليرات عليها، ما يعني أن الهيئة لا تسلّم هذه المرافق لأي جهة أخرى إن لم تكن تابعة لها.

كما أن التقارب بين تحرير الشام وحكومة الإنقاذ يدفع للتساؤل حول راية الأولى ومصيرها، وفيما إذا كانت سوف تعتمد الراية الجديدة.

عقدة الانعزال

الباحث في الجماعات الإسلامية عباس شريفة اعتبر أن حكومة الإنقاذ تم تشكيلها بمباركة من هيئة تحرير الشام، حيث تمكّنت بعض الشخصيات من إقناع زعيمها أبو محمد الجولاني أن تشكيل هذا الجسم المدني من شأنه أن يسهّل التواصل بينه وبين المجتمع الدولي.

وقال شريفة للحل: “رأينا كيف تغيّرت أعلام الهيئة من الأسود إلى الأبيض ثم الأخضر، ولكن هناك خلاف كبير حول رفع علم الثورة، ولا سيما أن العناصر التابعين لتحرير الشام كانوا يخرجون قبل أسابيع على المتظاهرين ويقومون بإنزال علم الثورة وتفريق المظاهرات التي ترفعه”.

وأضاف الباحث أن تحرير الشام “لا تريد أن تندمج بالثورة السورية، ولكنّها تريد أن تكون الثورة السورية جزءاً منها”، مضيفاً: “الهيئة لديها عقدة الانعزال الاجتماعي والثوري والذي يُعتبر مقدّمة للعزل الدولي، لذلك هم يحتاجون لهذا الاندماج”.

تجريم رفع علم الثورة

وأشار شريفة إلى أن حكومة الإنقاذ من خلال هذا التعميم الجديد، أعطت الضوء الأخضر لمهاجمة واعتقال كل من يرفع علم الثورة، طالما أنّها اعتبرت العلم الجديد هو العلم الرسمي في مناطق الشمال السوري، لافتاً إلى أن ذلك هو مقدّم لتجريم من يرفع علم الثورة كونه يخالف تعميمها.

وتابع شريفة: “الهيئة التأسيسية تشبه البرلمان من الناحية الدستورية، لذلك فإنّ حكومة الإنقاذ تعطي لنفسها بعداً قانونياً من أجل تعويم العلم الجديد”.

مناورة غير ناجحة

من جهةٍ أخرى بيّن الباحث شريفة، أن تحرير الشام من خلال اعتماد هذا العلم “تحاول القيام بمناورة ترضي فيها المجتمع الدولي والشرعيين الرافضين للانخراط بالنظام العالمي معاً، حيث بات بإمكانها أن تخبر المجتمع الدولي بأنّها رفعت علم الثورة وانخرطت فيها، ومن جهة أخرى فإنّها تبرّر هذا العلم أمام شرعييها بأنّ العلم لا يمثّل الهيئة بل يمثّل الجهة التي أصدرته، لافتاً إلى أن ذلك يدل على برغماتية متهافتة لأبي محمد الجولاني”.

وبين شريفة أن هذه المناورة من الصعب أن تكون مقنعة للشارع السوري لأنّها ترافقت مع سياسات خطف المدنيين والصحفيين والناشطين والتضييق على لقمة المواطنين في إدلب.

كما أنّها بالمقابل لن تكون مقنعة من جانب الشرعيين أو “الولاة” لأن استرضاء هؤلاء بات صعباً مع علو أصوات البعض منهم داخل الهيئة على الرغم من اتفاقهم أيدبولوجياً.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.