نيويورك تايمز: قبل خاشقجي.. ناقش سعوديون قريبون من ولي العهد قتل آخرين

نيويورك تايمز: قبل خاشقجي.. ناقش سعوديون قريبون من ولي العهد قتل آخرين

نشرت صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية تقريراً تكشف فيه بأن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ومنذ بداية صعوده ناقش مع مقرّبين خططاً لاغتيال من سمتهم بأعداء السعودية من الإيرانيين. حيث استفسر المقرّبون من الأمير، وهم مسؤولون كبار في الاستخبارات السعودية، من مجموعة من رجال الأعمال عن استخدام شركات خاصة لاغتيال الشخصيات المستهدفة، وفقاً لثلاثة أشخاص ممن حضروا النقاشات في اجتماعٍ عقد في شهر آذار من العام الماضي، أي قبل أكثر من عامٍ من عملية اغتيال الصحفي جمال خاشقجي. حيث يشير التقرير إلى وجود توجيهات بتصعيد العمليات الاستخباراتية والعسكرية خارج المملكة في إطار مساعي بن سلمان لتعزيز سلطته.

وقد وصف المسؤولون السعوديون مقتل خاشقجي على أنه عملية قتل عرضية أمر بها نائب رئيس الاستخبارات السعودي اللواء احمد العسيري الذي فصل من منصبه بعد الحادثة. لكن العسيري كان قد حضر اجتماع العاصمة الرياض في آذار حيث وضع رجال الأعمال خطة بقيمة ملياري دولار لاستخدام عملاء المخابرات في محاولتهم تخريب الاقتصاد الإيراني. وخلال سلسلة من الاجتماعات التي حاول من خلالها رجال الأعمال كسب التمويل السعودي لخطتهم، استفسر كبار مساعدي العسيري خلال النقاش عن إمكانية اغتيال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني. وقد وجد رجال الأعمال ذوي الخلفية الاستخباراتية في خطتهم الاقتصادية ضد إيران سبيل لإعاقة اقتصاد بلد يعتبرونه يشكل تهديداً للمملكة، إضافة لكونها مصدر دخل مربح. حيث حضر جورج نادر، رجل أعمال أمريكي من أًصل لبناني، اجتماع الرياض مع العسيري وحضر أيضاً جويل زاميل وهو رجل أعمال إسرائيلي له صلات عميقة مع جهاز الاستخبارات في بلاده. وكان نادر قد التقى من قبل مع الأمير محمد بن سلمان وعرض الخطة الإيرانية على مسؤولين في البيت الأبيض لترامب. وبحسب التقرير، فإن كل من نادر وزاميل كانا شهوداً في التحقيق الذي أجراه المستشار الخاص روبرت مولر، وقد سُئِلوا عن مناقشاتهم مع المسؤولين الأمريكيين والسعوديين بشأن اقتراح إيران. وقد رفض متحدث باسم الحكومة السعودية التعليق على الموضوع، وكذلك فعل محامي نادر وزاميل.

وبحسب الشهود الثلاثة، فإنه وفي اجتماع آذار 2017 حول خطة إيران الاقتصادية والاغتيالات، تردد رجال الأعمال السعوديين بالموافقة طالبين استشارت محاميهم، إلا أن المحامين رفضوا الخطة بشكل قاطع. فقام نادر بإعلام السعوديين عن شركة تديرها قوات العمليات الخاصة البريطانية السابقة في لندن كي تتولى المهمة. وكان العسيري، قبل الإطاحة به الشهر الماضي، أحد أقرب المستشارين للأمير محمد وفي العام 2016 كان قد أصبح الوجه العام لحملة المملكة في اليمن. لكن وصول الحملة السعودية التي أشرف عليها العسيري في اليمن إلى مأزق عسكري بحلول العام 2017, دفع بمحمد بن سلمان إلى ترقية العسيري إلى نائب رئيس وكالة المخابرات في المملكة. وبحسب محللين غربيين، فإن ولي العهد نقل العسيري إلى هناك بغرض مراقبة رئيس المخابرات خالد بن علي بن عبدالله الحميدان، المعروف باسم أبو علي والذي كان مقرّباً من أجهزة الاستخبارات الغربية. إلا أن العسيري فصل من منصبه الشهر الماضي عندما تم اتهامه بأنه نظم لعملية قتل جمال خاشقجي. وقد قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم السبت بأن حكومته سلّمت كل من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية وبريطانيا وفرنسا تسجيل مقتل خاشقجي بهدف الضغط على الرئيس ترامب لفرض عقوبات قاسية على السعودية معتبراً عملية اغتيال خاشقجي أكبر من مجرد عملية قتل.
وتكشف الصحيفة بأن خطة نادر وزامل تعود إلى بدايات العام 2016 عندما بدءا مناقشة حملة الحرب الاقتصادية ضد إيران –الشبيهة بالحملة التي شنتها الولايات المتحدة وإسرائيل خلال العقد الماضي بهدف إرغام إيران على إنهاء برنامجها النووي- وخططا لعمليات مثل الكشف عن الأصول المالية العالمية المخفية لقوة فيلق القدس، وإنشاء حسابات وهمية باللغة الفارسية على مواقع التواصل الاجتماعي تهدف لإثارة الاضطرابات وزعزعة الاستقرار في إيران، وتمويل المعارضة الإيرانية، ونشر الاتهامات سواء كانت وهمية أو حقيقية ضد كبار المسؤولين الإيرانيين لتحويل مواقفهم ضد بعضهم.

وتنهي النيويورك تايمز تقريرها بالإشارة إلى أن نادر هو مستشار ولي العهد في الإمارات العربية المتحدة، التي ترى في إيران تهديداً رئيسياً للاستقرار في الشرق الأوسط. فقد سبق وأن كشفت هذه الصحيفة مبادرة نادر للإطاحة بالاقتصاد الإيراني في شهر أيار، وأوردت صحيفة “ذي ديلي بيست” الشهر الماضي مناقشاته في نيويورك مع العسيري ومسؤولين سعوديين آخرين. وقد التقى نادر الكثير من المسؤولين في البيت الأبيض لمناقشة خطة التخريب الاقتصادي بعد وصول ترامب للبيت الأبيض. وبحسب أحد السعوديين المطلعين على التحقيق في قضية مقتل خاشقجي، فإن اهتمام العسيري بالاغتيالات لم يكن مفاجئاً، ولكنه في الوقت نفسه لا يمثل السياسة الرسمية للمملكة. كما أظهر التحقيق أن العسيري سعى لإقناع ولي العهد بمخططات لعمليات سوداء غير مرخص بها. لكن علاقة العسيري المشهورة بولي العهد – والذي غالباً ما انضم إليه لعقد اجتماعات في الرياض مع مسؤولين أمريكيين – قد يجعل من الصعب على مؤيدي الأمير استبعاده عن العلميات، تماماً كما أدت الاتصالات نفسها إلى إقناع وكالات المخابرات الغربية بأنه لابد لولي العهد أن يكون على علم بالمؤامرة ضد خاشقجي. إضافةً إلى أن العسيري ومساعديه كانوا يلتقون بـنادر في الوقت نفسه الذي يجتمع فيه مع الأمير محمد، بحسب اعترافات مسؤولين سعوديين. وقد أشار نادر في بعض الأحيان في رسائل البريد الالكتروني، التي حصلت الصحيفة على نسخة منها، والمحادثات التي أجراها مع الأمير محمد عن مشاريع أخرى ناقشها مع العسيري.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.