هل تقضي التنظيمات “الجهادية” على اتفاق إدلب؟

هل تقضي التنظيمات “الجهادية” على اتفاق إدلب؟

حسام صالح

منذ توصل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين لـ “اتفاق إدلب” في السابع عشر من شهر أيلول الماضي، الذي نص على إنشاء مناطق “منزوعة السلاح” التي تقع على خطوط التماس بين الطرفين من الحدود الإدارية بين إدلب وأجزاء من أرياف حماة وحلب واللاذقية، بدأت الخلافات تدور حول صيغة تطبيق الاتفاق، وظهرت إلى العيان تنظيمات “جهادية” رافضة كلياً له باعتباره “استسلاماً” للنظام وروسيا، كان أبرزها “تنظيم حراس الدين” و “أنصار التوحيد” و “جبهة أنصار الدين” و “جبهة أنصار الإسلام” المتهمة بتبعتيها لتنظيم القاعدة، بعد انشقاقها عن”هيئة تحرير الشام”، لكن حتى الهيئة المسيطرة بنسبة كبيرة على نقاط التماس مع النظام في المناطق المنزوعة السلاح، لم تبد موقفاً واضحاً من اتفاق إدلب، نتيجة الخلافات داخل قادتها، فقسم منها يحاول التقرب من تركيا وإنجاح اتفاق إدلب، في حين يرى القسم الآخر أن الاتفاق ليس سوى مهلة للنظام وروسيا لاستلام زمام المبادرة وتنفيذ هجومها على الشمال السوري آخر معاقل المعارضة.

أمام هذا الواقع، لاتزال عمليات القصف والاستهداف المتبادل، بين التنظيمات “الجهادية” من جهة و النظام وحلفاؤه من جهة آخرى مستمرة، في منطقة يفترض أنها “منزوعة السلاح”، دون تعليق رسمي من الدول التي وقعت على “اتفاق إدلب” الذي يبدو حالياً أكثر هشاشة، بعد توسيع تلك التنظيمات عملياتها العسكرية إلى ريف حلب الجنوبي، وتركزها في ريفي حماة الغربي واللاذقية الشمالي خلال الأيام الماضية.

تركيا والتنظيمات الجهادية
كان البند الأصعب تنفيذه من قبل تركيا في اتفاق إدلب، هو ضبط تحركات التنظيمات “الجهادية” المنتشرة في المنطقة المفترض أن تكون منزوعة السلاح، وهو الأمر الذي لم يتحقق حتى الآن، ففي فيديو نشر الشهر الجالي ظهر “أبو مالك التلي” أحد قادة هيئة تحرير الشام مع عدة مقاتلين للمرة الأولى بعد توقيع هذا الاتفاق في المنطقة العازلة بريف اللاذقية الشمالي، وما شهدته المنطقة بعد أيام من اشتباكات مع قوات النظام، دليل على التيار الذي لايرغب بتنفيذ الرغبة التركية.
الموقف التركي الرسمي حول التنظيمات “الجهادية” جاء على لسان وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو إنه “إذا عرض الإرهابيون والمتطرفون نهجًا ضد ااتفاق إدلب ، فسنتدخل قبل الجميع”، لكن “هذه التصريحات لم تجد صداها على أرض الواقع، على المدى المنظور”، بحسب المحلل السياسي ابراهيم الخطيب، والذي أكد أن “الوضع الراهن لا يساعد تركيا بالقيام بأي عملية عسكرية ضد هذه التنظيمات بالتعاون مع فصائل المعارضة، حيث شهدنا قبل يومين قيام الأتراك بحملة أمنية ضد فصيل منتشر في عفرين بعد سلسلة الانتهاكات التي مارسها في المدينة، وهذا يعني أنه حتى المناطق الخالية من تلك التنظيمات ماتزال في وضع غير مستقر”، مضيفاً أن “الأتراك يحاولون إعطاء المزيد من الوقت لهيئة تحرير الشام وإقناعها بتنفيذ بنود اتفاق إدلب، وبالتالي الحد من تلك العمليات التي تقوم بها تنظيمات تتواجد في مناطقها”.
في حين تقول مصادر عسكرية معارضة أن “جل ما تسعى إليه هيئة تحرير الشام هو تحسين شروط التفاوض الداخلية مع تركيا، لجهة عمليات الانتشار وعمليات السيطرة، ولمنع حدوث انشقاقاتٍ داخليةٍ، تهدد وضعها القائم، في ظل وجود تيار قوي فيها، يرفض الاتفاق، ويساعد باقي التنظيمات الجهادية على الجبهات العسكرية مع النظام”.

اتفاق مؤقت!
ففي الوقت الذي ترى فيه التنظيمات “الجهادية” أن اتفاق ادلب هو لتسليم المنطقة للنظام بـ “التقسيط”، وإنما الوضع القائم هو مجرد حصيلة تفاهمات تضمن لتركيا وروسيا مصالحهما”، يرى النظام ومن خلفه إيران أن هذا الاتفاق “مؤقت” وسط الاتهامات المتكررة من قبل النظام لتركيا بعدم وفائها ببنوده.
ويرى المحلل السياسي ابراهيم الخطيب أن “النظام ومن خلفه إيران يحاولون تعطيل الاتفاق أيضاً، ولايمكن وضع اللوم على التنظيمات فقط، النظام بدوره لم يف بالتزامه بسحب السلاح الثقيل أيضاً، بل تعداه لنشر مليشيات إيرانية على خطوط التماس في ريفي حلب وحماة، وهو دليل عدم الرضا الإيراني أيضاً التي تحاول عرقلة الاتفاق لمصالحها التي يبدو أنها ليست في أحسن أحوالها بعد العقوبات التي فرضت عليها، ورغبة موسكو في تحييدها عن الملف السوري”.
وأمام رغبة النظام وإيران بتعقيد الوضع في الشمال السوري، ترى صحيفة “ذا ناشونال” أن “تركيا وروسيا تحاولان الحفاظ على الوضع في إدلب تحت السيطرة. فالأولى لا تستطيع تحمل أزمة أمنية أخرى على حدودها بينما تريد الأخيرة الحفاظ على موقعها المميز كشريك رئيسي للتفاوض مع تركيا في محادثات السلام السورية، خصوصاً مع التقارب التركي الأمريكي الأخير في الكثير من الملفات”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.