جواز السفر السوري.. رشوة وابتزاز ورسوم بالدولار

جواز السفر السوري.. رشوة وابتزاز ورسوم بالدولار

جلال بكور

هناك قرار من النظام بإصدار جواز السفر السوري لأي شخص سوري يقطن خارج نطاق سيطرته مقابل دفع المال وحتى لو كان مطلوبا أو قائد فصيل مسلح وحتى لو كان من عناصر “داعش” فذلك لا يهم، المهم أن يدفع الرسوم المطلوبة بالدولار الأمريكي أو اليورو، ذلك ما يؤكّده أحد معقبي المعاملات في شارع الحجاز بمدينة دمشق لـ”الحل السوري” حيث توجد قيادة شرطة دمشق وخلفها إدارة الهجرة والجوازات.
من خلال ذلك يجني النظام ملايين الدولارات كما يجني موظفيه الأموال مقابل تسيير معاملة إصدار الجواز بالرشوة حيث يختلقون عقبات تجبر الناس على دفع المال.

كيف يصدر الجواز
وبحسب المعلومات التي حصل عليها “الحل السوري” من عدة مصادر، يطلب ممن يريد إصدار جواز السفر من داخل سوريا وهو خارج سوريا أولا أن يملأ عدة أوراق باللغتين العربية والإنجليزية يكتب فيها عنوان الإقامة في سوريا وفي الخارج وبياناته الشخصية ونوعية الطلب “تجديد أو إصدار جديد” وهناك ورقة يكتب فيها وضعه العسكري وشعبة التجنيد التي يتبع لها وأخيرا يوقع على ورقة تعهد بأنه جاهز للخضوع لـ”قوانين الدولة السورية”.
لكن قبل تلك الخطوة عليه أن يقوم بتصوير نفسه عبر كاميرا الموبايل في ميدان كبير يوضح أنه في “اسطنبول مثلا” أو “باريس”، وعليه أن يذكر اسمه واسم والديه ومن أي مدينة هو ومتى خرج من سوريا وما عمله، كما عليه أن يقوم بطلب إصدار جواز السفر في الفيديو ذاته، ثم أخذ لقطة للمكان وهو يسير فيه.
بعد إرسال مقطع الفيديو وجلب ورقة بيان وضع من شعبة التجنيد في سوريا وتصوير أوراق دفتر التجنيد كاملة وإرسال صورة الهوية وصورة جواز السفر القديم إذا كان قد أصدر في وقت سابق يتم توقيع تلك الأوراق ويتم إلصاق أربع صور شخصية عليها وبعد ذلك تعرض على مدير إدارة الهجرة والجوازات قبل الحصول على موافقة دفع الرسوم، وحال الحصول على الموافقة يتم دفع الرسوم في المصرف التجاري بحساب وزارة الداخلية ويدفع مبلغ 300 دولار أمريكي بالإضافة لمصروف الدفع بالليرة السورية للجواز البطيء ومبلغ 800 دولار للجواز السريع.
وبعد فترة من عشرة أيام إلى شهر من التوقيع ودفع الرسوم يصدر جواز السفر البطيء بينما يصدر السريع في ذات اليوم أو بعد يوم واحد، ويقوم باستلام دفتر الجواز من قام بتقديم الطلب وعليه أن يبرز وصل دفع الرسوم ووصل التقديم على جواز السفر.

عراقيل ورشوة
وتحت مسمى “الحلوان” يجبر السوري على دفع مبلغ مالي للموظفين وفق ما قاله “على جمال” لـ”موقع الحل” مضيفا أنه “إذا كان الموظف في دائرة الهجرة والجوازات يريد أن يزيد من نسبة الرشوة التي سيتقاضاها يتذرع بحجج كما حصل معي حيث زعم أن الفيديو الذي قمت بتصويره لم يكن مناسبا وعلي إعادة تصويره مرة أخرى ثم قال إن الصوت غير واضح وهكذا فعل أربع مرات، حتى قمت بطلب تسهيل الأمر مقابل المال”.
ومن المعروف أن هناك صعوبة شديدة في التواصل ما بين الداخل والخارج وتحميل مقطع فيديو على شبكة انترنت بالية في سوريا يحتاج وقتا طويلا وقد ينفذ ذلك الوقت ويضيع اليوم لذلك اضطر “علي” لأن يدفع رشوة تقدر بخمسين دولار أمريكي.
وشرط إصدار الجواز وجود الشخص صاحب العلاقة، ولأنه خارج سوريا فقد سمح النظام بإصداره عن طريق وكالة أو عن طريق أحد الأقارب من الدرجة الأولى ومعظم السوريين في الخارج لا يستطيعون استخراج ورقة التوكيل وأقاربهم يخشون الاعتقال خاصة إذا كانوا من المطلوبين لذلك يفضلون إيجاد منفذ يتم من خلاله دفع الرشوة وعدم الذهاب إلى الإدارة.
وفي إدارة هجرة حماة وإدارة هجرة دمشق أو حمص يمكن دفع رشوة تصل إلى 300 دولار لأحد الضباط كي يتغاضى عن ورقة التوكيل والقريب من الدرجة الأولى وبالتالي تصبح تكلفة جواز السفر 600 دولار للبطيء و 1100 دولار للسريع عدى عن رشاوى الموظفين الصغار.

الحاجة
ويؤكد “علي” وآخرون تحدثوا لـ”موقع الحل” على أن الحاجة هي من دفعت بهم إلى إصدار الجواز فهو مطلوب إما لإتمام تعليمهم أو لإتمام عملية استخراج إقاماتهم في الدول التي يعيشون فيها وخاصة في تركيا.
واصطدم “علي” خاصة بعد إصدار جواز السفر من دمشق بشرط تصديق جواز السفر من القنصلية السورية في اسطنبول للاعتراف به في دائرة الأمن التركية بإسطنبول، وذلك دفع به إلى الحصول على موعد للتصديق في القنصلية مقابل دفع مائة دولار أمريكي.
وتحويل الجواز من سوريا إلى تركيا عن طريق شركات الشحن يكلف قرابة مائة دولار أمريكي في الحد الأدنى.
وعمد “علي” إلى استخراج الجواز البطيء من سوريا لأن الجواز البطيء في القنصلية بإسطنبول لا يصدر قبل ثلاثة أشهر من تاريخ الطلب بينما من الممكن أن يصدر خلال عشرة أيام فقط من تاريخ الطلب في دمشق أو حمص.
وعلى الرغم من أن جواز السفر السوري بات الأغلى عالميا من حيث تكلفة الإصدار، إلا أنه يقبع في الدرجة الرابعة أسفل لائحة ترتيب قوة جوازات السفر من بين 94 دولة في العالم.
ويتيح الجواز السوري لحامله الدخول إلى تسع دول من دون تأشيرة، وسبع وعشرين دولة بتأشيرة عند الوصول، بينما يحتاج حامله لتقديم طلبات للحصول على تأشيرة قبل السفر إلى 162 دولة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.