المقاتلون الأجانب… ورقة «داعش» الأخيرة تتبخّر بين الهروب والاستسلام

المقاتلون الأجانب… ورقة «داعش» الأخيرة تتبخّر بين الهروب والاستسلام

ديرالزور (الحل) – شهد تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» انهيارات متتالية، منذ أن أطلقت قوات سوريا الديمقراطية «قسد» في العاشر من أيلول 2018 هجوماً لطرد التنظيم من جيبه الأخير في ريف دير الزور بدعم من التحالف الدولي، حيث بات التنظيم يسيطر على مساحة لا تتجاوز عشرات الكيلو مترات في تلك المنطقة، وسط عمليات الفرار والاستسلام الجماعي في صفوفه وخصوصاً الأجانب منهم، وتشير مصادر «قسد» إلى أنها أوقفت ما يقارب ألف عنصر و550 إمرأة وحوالي 1200 طفل جميعهم من الأجانب، بعد سيطرتها على مدينة «هجين» المعقل الأساسيّ للتنظيم في ريف دير الزور.

وتمثل عمليات الفرار الجماعي والاستسلام لعناصر وقادة التنظيم الأجانب نقطة ضعف كبيرة في معركته الأخيرة، والتي تشكل عموده الفقري، رغم عدم وجود إحصائية دقيقة لأعدادهم، إلا أن مراسل موقع «الحل» في دير الزور (حمزة فراتي) نقل عن مصادر داخل الجيب الأخير للتنظيم أن «عناصر داعش المتواجدين في ناحية السوسة لاتتجاوز أعدادهم 1500 عنصر، والآن هم بصدد عقد (اتفاق) هو الأول من نوعه لخروجهم من المنطقة».

«داعش» يهادن!
تشير خارطة الصراع الحالية إلى تمكن قوات «قسد» من السيطرة على بلدات وقرى (هجين، الشعفة، البوبدران، البوحاخر، الكمشة، والباغوز تحتاني)، في حين ما تزال بلدة السوسة والمناطق المجاورة لها تحت سيطرة «داعش»، الذي بات محصوراً في تلك المنطقة، معتمدا في صد الهجمات على الألغام والسيارات المفخخة.
يقول الصحفي (صهيب الجابر) في شبكة «فرات بوست» إنه «لأول مرة تم عقد (اتفاق غير معلن) بين قوات التحالف و(قسد) من جهة وتنظيم (داعش) من جهة أخرى، للخروج من المنطقة، بعد تضييق الخناق عليه، والذي يعتبر استسلاماً من قبل التنظيم الذي بات عاجزاً عن صد تقدم قوات سوريا الديمقراطية»، مضيفاً أن «معظم مقاتلي التنظيم الذين تمكنوا من الهرب اتجهوا للبادية السورية، والضفة الغربية لنهر الفرات، فيما يحاول قسم آخر التخفيّ بين المدنيين عبر الحافلات التي تنقلهم للمخيمات، وغالباً ما يتم اكتشافهم، إضافة لحملات المداهمة التي يشنها التحالف و(قسد) في مناطق الكشكية والطيانة في الريف الشرقي ضد التنظيم».

وتؤكد مصادر أخرى في ريف دير الزور لـ«الحل» أن «أعداد عناصر (داعش) انخفضت بنسبة كبيرة في تلك المنطقة، وباتوا لا يتجاوزون المئات في ناحية السوسة، في حين لا يوجد أيّ أثر لقيادات التنظيم من الصف الأول والثاني الذين هربوا عند بدء العملية العسكرية»، مشيرة إلى أن «التنظيم لم يعد قادراً على القتال، بعد الخلافات الكبيرة ضمن صفوفه، فانقسم لتيارين، الأول يتكون من المقاتلين الأجانب، والثاني من المقاتلين من أبناء المنطقة والعراقيين، إلا أن التطورات الأخيرة تشير إلى قرب تلاشي التنظيم كمسيطر على منطقة جغرافية، وتحوله إلى مجموعات منفصلة متوزعة في الصحراء».

هذه المعلومات أكدها تقرير صادر عن «المركز الدولي لمكافحة الإرهاب» أواخر العام الماضي حيث قال: «قاعدة البيانات التي تم جمعها في الجيب الأخير لتنظيم (داعش) أشارت لانخفاض الروح المعنوية لدى مقاتليّ التنظيم، خاصة بين المقاتلين الأجانب، الذن اعتقدوا أنهم أمام مغامرة وتجربة نادرة، علماً بأنهم الأشد ضراوة وقدرة في القتال، وما الاستسلامات الأخيرة بين صفوف قادة التنظيم وعناصره الأجانب، إلا دليل على كشفهم وهمُ ما يُعرف بالدولة الإسلامية، وأن نهايتهم باتت حتمية».

الأرياف هي الضحية
تقول صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية إن التنظيم نجح في ذروة صعوده بجذب الآلاف من المقاتلين الأجانب، عقب توسع نطاق سيطرته في كل من سوريا والعراق، حيث تدفق المقاتلون من عشرات الدول، ومع انحسار التنظيم وخسارته لعدد من المناطق الاستراتيجية كالموصل في العراق والرقة السورية، بدأ المقاتلون الأجانب بالبحث عن خيارات بديلة، كان أبرزها التهرّب من القتال.

وكان تنظيم «داعش» اعتمد منذ ظهوره على شعار (صحراء، صحوة، صولة) بسيطرته على الأرياف في سوريا والعراق، اعتماداً على سخط المدنيين من الأوضاع القائمة وتجنيدهم في صفوفه، حيث أصدر قسم التحليلات في تلفزيون (ٍسي إن إن) تقريراً أكد فيه أن «داعش يركز على الريف ويتحاشى المدن، وما كان يريد احتلال المدن منذ البداية، لكن سقوط أعدائه أمامه بسرعة لم يتوقعها، سمح له بالسيطرة عليها وحكمها».
وحول مصير «داعش» في سوريا بعد القضاء على الجيب الأخير المتواجد فيه، يرى سيث جونز مدير «مشروع التهديدات العابرة للحدود» في «مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية» أن التنظيم «سيتحول إلى حرب العصابات، ومن الممكن استمرار عملياته في شرق سوريا وغرب العراق، لكن ليس كسابق عهده، فلم يعد بمقدوره على الدخول في حروب أخرى وفرض سيطرته على مدن وقرى بعينها».

إعداد: حسام الصالح – تحرير: رجا سليم

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.