موقع إماراتي: هزيمة الزنكي تظهر هيمنة «تحرير الشام» على فصائل المعارضة

موقع إماراتي: هزيمة الزنكي تظهر هيمنة «تحرير الشام» على فصائل المعارضة

وكالات (الحل) – نشر موقع”Syndication Bureau Opinion” الإماراتي، مقالاً تحليلياً للباحث السوري حايد حايد، يتحدث فيه عن استراتيجية هيئة تحرير الشام (النصرة سابقا) التي اتبعتها في هزيمة بعض أعدائها، وآخرهم حركة نور الدين الزنكي. محذّراً من النتائج ذاتها في حق باقي الفصائل إذا ما لم تتحد في تحالفات قوية وحقيقية. حيث يرى الكاتب أن الهزيمة السريعة التي تعرضت لها حركة نور الدين الزنكي من هيئة تحرير الشام «هتش»، حلفائها السابقين، صدمت المراقبين لمجريات الأحداث في سوريا. وعلى الرغم من صغر حجمها، إلا أن حركة الزنكي اعتبرت أحد أقوى الفصائل المقاتلة في شمال سوريا. حيث كانت تتمتع بتركيبة قيادية مركزية قوية ومقاتلين موالين ودعم محلي. وكانت من أكثر المجموعات «الثائرة» نجاحاً في مواجهة انتهاكات «هتش». أما الآن، فإن الانعكاس المفاجئ في موارد «هتش» يُظهر مجدداً القوة المستدامة للمجموعة السلفية، وقدرتها على السيطرة على منافسيها باستخدام استراتيجية فرّق تسد. في الوقت نفسه وعلى ذات القدر من الأهمية، تعكس هزيمة حركة الزنكي هشاشة التحالفات بين المجموعات المتمردة، وضمن الفصائل ما يجعلهم عرضة للخيانة.

وعن مجريات القتال بين حركة الزنكي و«هتش»، يوضّح المقال أن الهجوم بدأ ضد حركة الزنكي في اليوم الأول من العام الحالي، استمر لأربعة أيام فقط؛ لتتمكن «هتش» وبسرعة كبيرة من طرد الحركة من الأراضي التي تسيطر عليها في ريف حلب. لينسحب مقاتلو الأخيرة إلى مناطق في مدينة عفرين الخاضعة لسيطرة النفوذ التركي. الأمر الذي سمح لـ«هتش» بالسيطرة على الأراضي والأسلحة الثقيلة. وبذلك يلخّص الصراع الأخير تعقيدات التحالفات المتغيرة بين الجماعات المتمردة في سوريا.

تعتبر حركة نور الدين الزنكي، أحد أقدم الجماعات المسلحة والتي تأسست عام 2011, كانت جزءاً من تحالف هيئة تحرير الشام في تركيبتها، وذلك بالرغم من اعتدالها الملموس مقارنةً بالتجسيد السابق لـ«هتش» باسم جبهة النُصرة، فرع القاعدة في سوريا. ومع انتهاء هذا التحالف، سرعان ما بدأ الاقتتال بين حركة الزنكي و«هتش» في شهر آب من العام 2017، ما أدى إلى ديمومة من الأعمال العدائية. وقد تصاعدت التوترات بين المجموعتين في الثامن والعشرين من شهر كانون الأول من العام الماضي، حيث اتهمت «هتش» حركة الزنكي بقتل مقاتليها في غرب حلب. وبالرغم من التوصل إلى اتفاقية هدنة بين الطرفين في يوم 31 من الشهر ذاته، إلا أنه وفي اليوم التالي، حشدت «هتش» مقاتليها وهاجمت أراضي حركة الزنكي على حين غرّة. وفي محاولة يائسة للدفاع عن أنفسهم، انتشر مقاتلو حركة الزنكي دون استراتيجية دفاعية منسقة عبر جبهات عدّة. فاستطاعت هتش، نظراً لتفوقها عدّة وعتاداً، من السيطرة بشكل سريع على معاقل حركة الزنكي، مثل بلدة دارة عزّة و عنجار إضافة لكتيبة الفوج 111.

وعن أسباب هزيمة الحركة بهذه السرعة، يرى «حايد» أنه يمكن اعتبار جزء من فشل الحركة في الانتصار على «هتش» كان جراء اعتمادها على حلفاء سابقين غير مناسبين أخفقوا في الوفاء بوعودهم. ففي شهر آب من العام 2018، انضمت حركة الزنكي إلى الجبهة الوطنية للتحرير “NLF” المدعومة من تركيا تحت مظلة الدفاع عما يُعتبر أكبر المجموعات المتمردة في سوريا. بغرض تمكين الزنكي من ترميم العلاقات مع تركيا، وإتاحة فرصة لتمويل جديد سواء من أو عبر أنقرة. فمنذ بداية الهجوم في شهر كانون الثاني، دعت الجبهة الوطنية للتحرير إلى حشد كل قواتها. وبالرغم من ذلك، كانت الحملة التي شنتها بعض فصائل الجبهة في ريف إدلب محدودة الشدّة، وفشلت في تطبيق الضغط الكافي على «هتش» لإضعاف هجومها. وفي الواقع كانت الاستجابة من غالبية مقاتلي الجبهة، وبشكلٍ لا يصدّق، لا تتجاوز إصدار البيانات على وسائل التواصل الاجتماعي. ويوضح الكاتب أن تفسير مثل هذا التقاعس يبقى أمراً تخمينياً. وأمل حركة الزنكي، الذي خاب، بأن حلفائها سوف يهبّون لمساندتها تسبب بأضرار كبيرة في حق تحضيراتهم الدفاعية. حيث فشلت المجموعة في الاعتماد على مواردها الخاصة وبلورة خطة للدفاع عن أراضيها بمفردها.

والأهم من ذلك، نجحت «هتش» في التعامل مع بعض المجموعات والفصائل المتحالفة مع الحركة. فقد بدأت بمجرد بدء القتال، بإبرام الصفقات المحلية مع البلدات التي تسيطر عليها حركة الزنكي مثل (كفر داعل، وعويجل)، حيث تقدم لهم ولغيرهم من حلفاء الحركة الحماية مقابل البقاء خارج المعركة. كما تضمنت تلك الصفقات في بعض الأحيان منع التعزيزات عن الحركة. والأسوأ من ذلك كله، أبرمت «هتش» صفقات مماثلة لتحييد مقاتليّ حركة الزنكي المنتشرين على الخطوط الأمامية في مواجهة النظام السوري على أطراف مدينة حلب. وعلى الرغم من الهجوم الذي تعرّض له رفاقهم في الحركة وبلداتهم، فإن هؤلاء المقاتلين لم يتخلوا عن مواقعهم؛ أو يقوموا بإعادة انتشار لمواجهة هجوم «هتش». وبالرغم من عدم وضوح طبيعة الاتفاقية بين هؤلاء المقاتلين و«هتش»، إلا أن البعض منهم وافق على الانضمام إليها سواء خلال الهجوم؛ أو بعده. وبالمقابل أعلنت هيئة تحرير الشام بعد انتصارها في المعركة، بأنها سوف تدفع للمقاتلين الذين لم يتخلوا عن مواقعهم.

ويختتم الكاتب مقاله بالإشارة إلى أن الاستراتيجية التي اتبعتها «هتش» في تقسيم وتحييد الأعداء، من ضمنهم المدنيين والمقاتلين الذين هزموا في حالة حركة الزنكي، قد استخدمت من قبل مراراً وتكراراً ضد المجموعات المتمردة الأخرى، مثل (أحرار الشام، وحركة حزم) وغيرهم. حيث يرجّح الكاتب أنه من المتوقع أن تستخدم الهيئة الإستراتيجية ذاتها في المستقبل القريب في حملتها ضد صقور الشام في ريف إدلب. ونظراً لقوتها العسكرية الواسعة، يرى الكاتب أنه لا يمكن مواجهة حملاتها المستقبلية إلا من خلال بناء تحالفات قوية وحقيقية بين المجموعات والفصائل المتمردة المتبقية والمجتمعات المحلية لحماية أنفسهم والدفاع عن بعضهم البعض. أما في غياب مثل تلك التحالفات، فإن هيئة تحرير الشام سوف تستمر في هزيمة منافسيها واحداً تلو الآخر.

تحرير: رجا سليم

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.