بعد طرد المتطرفين… أهالي الرقة يعودون لممارسة شعائرهم بطريقتهم

بعد طرد المتطرفين… أهالي الرقة يعودون لممارسة شعائرهم بطريقتهم

الرقة (الحل) ـ منذ الأيام الأولى لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية (#داعش) على مدينة #الرقة، في يناير من عام 2014، فرض عناصره عدة “قوانين وتشريعات” على الأهالي وألزموهم بتطيبقها بالقوة وبالتهديد بالقتل والاعتقال والجلد أمام الجموع في ساحات المدينة، وهذا ما ترك تغييراً ملحوظاً في سلوكيات الناس وعاداتهم وتقاليدهم.

واعتمد داعش بتطبيق أحكامة “الشرعية”، بالدرجة الاولى على نساء المدينة،حيث فرض عليهن اللباس الأسود الكامل وتغطية الوجة واليدين وعدم السماح لهن بالخروج من منازلهن بدون ما يسمونه العناصر المتطرفين بـ “المحرم”، كما فُرض على الرجال اللباس الفضفاض واُلزموا بالصلاة والزكاة ومُنعوا من حلق الذقن وتدخين السجائر.

يقول عبد الله الحاج محمد (خطيب وإمام مسجد النور بالمدينة)، إن “التنظيم دخل على المدينة لفرض إسلامه المشكوك في أمره على الأهالي المسلمين بالأصل، وذلك من خلال عدة معوقات أعلنها ديوان الأوقاف ومراكز الدعوى التابعة له، وأسموها بالأحكام الشرعية، التي فرضت على سكان الرقة كافة، حيث فُرض على المواطن الذي لا يستطيع تامين احتياجات أطفاله دفع مبلغ شهري لما يسمونه بيت مال المسلمين، بحجة الإصلاح، كما أجبر الناس وأصحاب المحلات على إغلاق محالهم أثناء الصلوات، ويعاقب المخالف على مرأى الناس في الساحة العامة وبوحشية”.

ويضيف إمام المسجد، أن “داعش” قام باستغلال المساجد ومنابرها للترويج لبطولاته ونشر أفكاره العقائدية، كما منعوا خطباء وأئمة المساجد في المدينة من الخطب في صلاة الجمعة، إلا بخطب موحده يصدرها ديوان المساجد، والتي تهدف أغلبها للتحريض ضد المقيمين خارج مناطق “الخلافة”، مشيراً إلى انهم قاموا باعتقاله عدة مرات لرفضة إلقاء الخطبة الأسبوعية، وانتهى الامر بطرده من المسجد وتعيين عنصر تونسي كخطيب للمسجد، عوضا عنه.

من جهته أفاد يوسف الرحمن (ناشط من مدينة الرقة) موقع الحل، بأنه وبعد سيطرة #قوات_سوريا_الديمقراطية (#قسد)، على مدينة الرقة وطرد عناصر التنظيم منها، بدأت مظاهر الحياة الدينية المعتدلة التي كان يعيشها السكان أصلا، تدريجياً للمدينة، ومن هذه المظاهر: ممارسة المتدينين لشعائرهم الدينية التي منعت أثناء فترة سيطرة داعش، كالموالد والاحتفال بالمولد النبي، وليلة القدر، بأريحية، حيث كان التنظيم يمنعها بحجة أن الاحتفال من “البدع” المحرفة التي دخلت الاسلام.

يتابع الرحمن، وللحفاظ على دور العبادة شكلت الإدارة الذاتية، مؤسسة الشؤون الدينية، والتي تتولى الاهتمام بأمور الأديان والمذاهب لكافة مكونات مناطق الإدارة، والإشراف على كافة الفعاليات والشعائر الدينية، حيث أن المؤسسة تتألف من ثلاث لجان وهي، “لجنة الإفتاء” ومهمتها إيجاد “فتاوى جماعية أقرب ماتكون إلى الصواب ونبذ الفتاوي التي كان يعمل بها التنظيم”، “لجنة الوعظ والإرشاد” ومهمتها الإشراف على الخطباء وأئمة المساجد وإحصاء دور العبادة المتضررة ودراسة إعادة تأهيلها، “لجنة الوقف” التي تهتم بضبط وأرشفة أموال الوقف الموجودة في المدينة وإعادة استثمارها لتحريك الاقتصاد الداخلي.

عمر النجار (من سكان مدينة الرقة) يقول لموقع الحل، إن التعاليم الذي فرضها التنظيم في الرقة لا تتماشى مع عقائد السكان الذين ينتمون للإسلام، فهؤلاء لم يشهدوا في مدينتهم أي قانون يأتي بالإكراه والقوة والضرب والجلد، فالممارسات والقوانين التي فرضت على الأهالي باسم الإسلام، لم تكن سوى نتاج فكر متطرف، فبعد 30 سنة من التعبد والإيمان اكتشفت أني لست مؤمن مقارنة بإيمان الدواعش، فصلاتي غير صلاتهم وصيامي غير صيامهم وزكاتي غير زكاتهم، مشيراً إلى أن أفعال التنظيم وطريقة تصديرهم للدين دفعت بالكثير من الناس لترك الإسلام عقب خروجه من المدينة.

المسيحيون مابين قسد وداعش
رامي الناصر (شاب من الديانة المسيحية ومن سكان مدينة الطبقة) خاض تجربة الحياة تحت سلطة #داعش تحدث عنها لموقع الحل قائلاً، إن “التنظيم كان يلزمنا بقوانين صارمة جداً، حيث بدأ الأمر بالجزية وألزمنا باللباس الشرعي حالنا حال المسلمين، كما منعنا من الاحتفال بأعياد الميلاد، ولم يسمح لنا بارتداء الصليب والكشف عن كتبنا المقدسة، بالإضافة لإتخاذ الكنائس كمقرات لعناصره ونادي الأرمن لمركز دعوي يتبع لديوان الأوقاف، كما صادر عناصر التنظيم عدة منازل للمسيحين المهاجرين بحجة أنهم متواجدون في بلاد الكفر”.

يضيف الناصر بعد سيطرة قسد على المدينة تبدلت أحوالنا، فلم نرى أي إجراء من شأنه اضطهادنا تجاهنا ولم تفرض علينا جزية، كما قامت بلدية الشعب بإزالة الانقاض من كنائسنا المتواجدة في مدينة الطبقة (الحي الثالث)، وتسليمها لأحد العوائل المسيحية التي لم تغادر المدينة، ومن يرغب منا بارتداء الصليب في العلن، فله ذلك، بعد أن اضطررنا لإخفائة لما يقارب الثلاثة أعوام، كما قامت مؤسسة الشؤون الدينية بتنظيم احتفالاُ بمناسبة إعادة نصب الصليب على كنيسة القديسين في الطبقة، بعد أن دمره الدواعش أثناء فترة سيطرتهم على المدينة مسبقاً، يختتم.

وتشهد مدينة الرقة وريقها عودة مظاهر الحياة الطبيعية تدريجياً، بعد طرد التنظيم المتطرف، الشهر الفائت، على يد قوات سوريا الديمقراطية وبدعم من التحالف الدولي، بعد أن سيطر على المدينة لفترو تجاوزت الخمس سنوات، عانت فيها المدينة من ويلات الحرب التي جلبها تنظيم داعش إضافة للممارساته الوحشية التي خلفت قتلى ومفقودين ومتضررين على أصعدة عدة.

إعداد: علي ابراهيم – تحرير: رجا سليم

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.