نساء سوريات في تركيا… خلعن عباءة العادات البالية ودخلن في سوق العمل

نساء سوريات في تركيا… خلعن عباءة العادات البالية ودخلن في سوق العمل

تركيا (الحل) – لم يجبر اللجوء الذي اختبره الكثير من السوريين، هؤلاء على تغيير أماكن إقاماتهم فحسب، بل اضطرهم إلى تغيير أنماط حياتهم للتأقلم مع واقع جديد، له شروطه ومتطلبات عيشه. نساء سوريات حملت لهن تجربة اللجوء تحديات جديدة، معظمهن قبلن التحدي وأثبتن جدارتهن وقدرتهن على الإنجاز والتغيير. في مجال العمل اختبرت النساء السوريات المقيمات في تركيا مهناً جديدة وأسسن مشاريع عمل غيرت من واقعهن وواقع أسر بعضهن.

“سيدرا” إحدى السوريات اللواتي لجأن إلى تركيا، استقرت في غازي عنتاب، في البداية، لم تكن تفكر بالبحث عن عمل لكن بعدما زادت مصاريف عائلتها باتت تفكر بإيجاد فرصة عمل تساند من خلالها عائلتها وتساهم في تخفيف العبء المعيشي، تقول خلال اتصال هاتفي مع موقع “الحل” السوري: “في البداية عملت بورشة خياطة وكنت أتقاضى حوالي 300 ليرة تركية عن كل أسبوع عمل، رغم أن العمل مجهد ويطول لساعات تتجاوز العشرة، أحياناً لكنني كنت مصرّة على الاستمرار بتحمل، وذلك لإعانة عائلتي”.

وتضيف سيدرا، “أشقائي يعملون أيضاً، وليس الاعتماد عليّ بشكل رئيسي، لكنني أفضل العمل على البقاء في المنزل، ولم تلاق فكرة دخولي ميدان العمل رداً سلبياً من عائلتي، بل وافقت على ذلك بشروط إيجاد فرصة في مكان قريب على المنزل”.
وتؤكد سيدرا ذات الـ 25 سنة، أن دخولها لسوق العمل كان للمرة الأولى في حياتها، وأنها لم تفكر بالعمل عندما كانت بسوريا، معتبرة أن الظروف التي أحاطت بالسوريين في تركيا غيرت من تفكيرهم لبعض الأمور.

بين الظروف والعادات
تعمل السوريات اليوم في تركيا بمجالات لم يكن من المعتاد العمل بها في سوريا، فبعض السيدات اللواتي تواصلنا معهن أعدن ذلك إلى النظرة الذكورية لعمل المرأة في بعض المجتمعات السورية، واعتباره غير مستحب، وبعضهن الآخر لم يكن مع هذه الفكرة بقدر ما أرجعن السبب للظروف المعيشية التي جعلت المرأة تضطر للعمل حالها كحال الرجل في البلد الجديد.
ومن أنصار الرأي الثاني “خولة” التي عملت بمعمل إنتاج حيث تقول: “لم يمنعني أحد من البحث عن عمل سواء بسوريا أو تركيا، ففي سوريا كنت موظفة بمعهد تعليمي في حلب، هنا لم أجد فرصة مناسبة لي لذا اضررت للعمل في معمل غذائيات بمجال التغليف”، وتتابع، “الحياة في تركيا صعبة جداً، هنا يوجد التزامات كثيرة على العائلة ولا يكفي أن يعمل شخص واحد في كل منزل”.
وكحال العديد من المشاريع التي يملكها سوريون ولم يقوموا بإجراءات الترخيص في تركيا، أسست سوريات مشاريع صغيرة في منازلهن في محاولة منهن للمشاركة بتحمل أعباء الحياة كمشاريع الخياطة وبيع الألبسة وطهي الطعام وإعداد أنواع الخل والمربيات والجبن ومهن أخرى.

تأثر بالأتراك
رغم أن متابعون يصفون مشاركة المرأة السورية في العمل إلى جانب الرجل في تركيا بكسر لعادات وتقاليد كانت تمنع المرأة في بعض المجتمعات السورية من العمل في مهن معينة من قبل، إلا أن هناك من يرى أن التأثر بعادات الأتراك ورؤية كيفية مشاركة المرأة التركية بالأعمال إلى جانب الرجال في معظم المهن هو السبب في تغير نظرة هذه الفئة من السوريين.

وتقول الصحفية ورد مارديني أثناء حديث لموقع “الحل”: “في تركيا الوضع مختلف من ناحية عمل المرأة، فالنساء التركيات يشاركن الرجل بكافة الأعمال وهذا ما دفع العديد من النساء السوريات للخوض في أعمال مختلفة دون القلق من نظرة المجتمع لهن، كما أن فئة من النساء وصلن تركيا بعد فقدانهن من يعيلهن، فكان لابد للنساء أن تأخذن أدوارهن وبالفعل أثبتن كل الجدارة”.

وتضيف مارديني ، العوامل التي كانت تمنع المرأة من العمل ببعض المهن في بعض المجتمعات السورية، أبرزها العادات والتقاليد القديمة، فهناك نظرة مجتمعية للمرأة بسوريا على أن “مكانها المنزل وعملها تربية الأطفال فقط”.
وهناك الكثير من النساء كنّ يعتمدن على أزواجهن بشكل مطلق، ولا يكترثن للعمل، متذرعات بأن هناك من يتحمل مسؤوليات المعيشة وهو الزوج أو ربما الأب أو الأخ، حسب ورد.

ويصل عدد السوريين المقيمين في تركيا ممن هم في سن العمل إلى قرابة المليون لاجئ، وفق ما أكده مدير تركيا لدى منظمة العمل الدولية، نعمان أوزجان، فبراير الماضي، داعياً إلى ضرورة ضمان دخولهم إلى سوق العمل والمساعدة في إيجاد وظائف وأعمال مسجلة.

إعداد: فراس العلي – تحرير: رجا سليم

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.