هل تلعب رغبة الروس بإقصاء الإيرانيين دوراً في إعادة الاستقرار لمدينة داريا؟

هل تلعب رغبة الروس بإقصاء الإيرانيين دوراً في إعادة الاستقرار لمدينة داريا؟

ريف دمشق (الحل) – تشهد مدينة داريا في ريف دمشق الغربي نشاطاً مكثفاً على الصعيد الخدمي، حيث أنهت حكومة النظام عدة مشاريع خدمية ولا تزال مستمرة بالعمل على تأهيل بعض المرافق فيها، تزامناً مع تصريح مسؤولين باقتراب عودة قسم كبير من أهلها إليها خلال الفترة القادمة.

وسمحت حكومة النظام لأهالي المدينة بإجراء زيارات يومية لتفقد منازلهم، كما سمحت لهم بالدخول وأداء صلاة الجمعة في مسجد “الحسن والحسين”، المسجد الوحيد الذي أعيد افتتاحه في المدينة، بعد أن كانت تحظر دخول من لا يملكون البطاقات التي وزعتها لجان تابعة لبلدية المدينة.

مدينة فارغة ووعود لا تنتهي
لا يزال أهالي مدينة داريا يعانون من حياة النزوح في مناطق مختلفة، منذ أكثر من ستة أعوام، وعلى الرغم من بسط قوات النظام لسيطرتها على المدينة وتهجير مقاتلي المعارضة وذويهم من المدينة إلّا أنّها لا تزال تمنع عودة الأهالي للاستقرار في المدينة، دون توضيح الأسباب الحقيقية لذلك.

وبحسب الناشط “أمجد خولاني” من ريف دمشق، فإنّ الأهالي يعيشون في ظروف إنسانية ومعيشية سيئة للغاية، فمعظمهم يدفعون إيجارات مرتفعة للمنازل التي يقطنون بها في مناطق النزوح، ويتعرض بعضهم لانتهاكات في مراكز الإيواء التي أنشأتها حكومة النظام.
وأضاف خولاني أنّ معاناة “الديارنة” لا تتوقف عند هذا الحد، بل تزيدها حواجز النظام التي تقوم بالتدقيق عليهم، وملاحقة الشبان واعتقالهم للالتحاق بالخدمة الإلزامية، وقد شهدت منطقة ريف دمشق عدة حالات من التضييق على الأهالي لإجبار أبنائهم على الالتحاق بجيش النظام وعدم التهرب من ذلك، ولا يمكن للمطلوبين أن يتهربوا بعد ذلك على الرغم من فرز معظمهم إلى مناطق متوترة، ومقتل عدد منهم على جبهات الاشتباكات مع المعارضة أو داعش.

تحرك روسي وتحجيم للنفوذ الإيراني
ما إن أعلن المكتب التنفيذي لبلدية داريا عن فتح طريق المدينة على المتحلق الجنوبي بعد سنوات من إغلاقه، حتى وصل في اليوم الثاني وفد من الضباط الروس إلى المدينة وقاموا بإجراء جولة فيها، ومن ثم الاجتماع بمسؤوليها وسؤالهم عن احتياجات المدينة والخطة القادمة التي ستنفذها محافظة ريف دمشق لإعادة أهلها إليها.
ولم يتوقف العمل الروسي عند هذه الزيارة بل قامت القوات الروسية بتأمين شحنة مساعدات لأهالي المدينة، وتم تقديم سلال غذائية للأسر التي عادت لمنازلها في محيط المدينة، كما وعدت بتقديم مساعدات أكبر خلال الفترة القادمة، بالتنسيق مع الجهات الحكومية التابعة للنظام وعلى رأسها محافظة ريف دمشق وبلدية داريا.
وجاء التحرك الروسي بعد النشاط الإيراني في المنطقة، حيث زادت عروض الإيرانيين و”الشيعة” الأجانب لشراء الأراضي في محيط ما يعرف بـ “مقام سكينة” الذي يعتبر مقدساً لأبناء “الطائفة الشيعية”، وبحسب مصادر أهلية فإنّ الضباط الروس أبلغوا مسؤولين في مجلس المدينة بضرورة حفاظ الأهالي على ممتلكاتهم لأنّ عودتهم إليها لن تكون بعيدة.

أبناء داريا.. جهود فاعلة ومناصب هامة
شكّل تسليم شخصيات من مدينة داريا مناصباً هامة في حكومة النظام مفاجأة كبيرة في المنطقة، خصوصاً مع التضييق الكبير الذي تعرض له أبناء المدينة طيلة السنوات الثمانية الماضية بسبب موقف غالبيتهم المعارض للنظام، وتشكيل المدينة واحدة من أكبر العقبات العسكرية لجيشه، حيث تسببت بخسائر فادحة له على مستوى العتاد البشري والمادي.
وسلّمت حكومة النظام منصب وزير التربية لعماد العزب وتم منحه صلاحيات واسعة لتقويم العملية التدريسية في البلاد بعد تدهورها بفعل الحرب، وسهولة الحصول فيها على الشهادات العامة التي كانت أفضل حالاً قبل العام 2011، كما سلمت شفيق العزب منصب إدارة حماية الملكية في سوريا، ليكون بذلك ثاني مسؤول يتم تقليده منصباً هاماً في حكومة النظام بعد وزير التربية.
إضافةً للمناصب الوزارية والحكومية فإنّ المئات من أبناء المدينة تسّلموا مناصب إدارية في وظائفهم في القطاعات المختلفة التابعة لحكومة النظام، وباتوا يشكّلون حجر أساس قوي لمشاريع النظام في دمشق وريفها، ناهيك عن مساهمتهم في السوق التجارية والصناعية، حيث تعتبر صناعة الموبيليا (غرف النوم والأثاث الخشبي) الصناعة الأساسية لأهالي المدينة المشهورة بهذا القطاع.

ويبقى مصير المدينة التي عُرفت بـ “أيقونة الثورة” طيلة السنوات الماضية رهن التدخلات الأجنبية في البلاد، وتستمر معاناة أهاليها مع استمرار التجاذبات الدولية في المنطقة، ومع زيادة النشاط الحالي في المدينة فإنّ الأمل يزيد بالعودة إليها مع حلم إعادة إعمارها، بعد تعرضها لواحدة من أعنف الحملات العسكرية في سوريا، ويبقى التساؤل مطروحاً هل ينجح مسؤولو المدينة وأبناؤها بالتخطيط مع الروس لإعادة المدينة إلى أهلها، أم أنّ للنظام وحليفه الإيراني كلمة أخرى بخصوصها؟.

سليمان مطر

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.