“الكيملك” يفرّق العائلات السورية بين الولايات التركية

“الكيملك” يفرّق العائلات السورية بين الولايات التركية

تركيا (الحل) – “بطاقة الكيملك الخاصة بي صادرة من اسطنبول، بينما بطاقة زوجتي صادرة في أضنة، فأين نذهب؟”، بهذا التساؤل يطرح “عبد الملك” حوار، اللاجئ السوري المقيم في تركيا مشكلته الجديدة التي لازمته في تركيا بعد الحملة الأخيرة التي بدأت بها السلطات التركية لتنظيم اللاجئين في الولايات التركية.
وشملت الحملة التي انطلقت قبل أسابيع، ترحيل من لا يملك بطاقة حماية مؤقّتة إلى الداخل السوري، ونقل السوريين الذين يملكون بطاقات حماية مؤقّتة في ولاية ويعيشون في أخرى إلى ولاياتهم الأصلية.
ولكن وراء المعاناة المعلنة لهذه الحملة، ثمّة معاناة أخرى، يعيشها الأزواج السوريون في تركيا الذين يملكون بطاقات صادرة عن ولايتين مختلفتين والذين كانوا الشريحة الأكثر تضرّرًا إثر الإجراءات الأخيرة.
في تركيا، تنتقل الزوجة تلقائيا الى قيود زوجها وتحمل لقبه، لكن هذا الموضوع غير موجود في حالة السوريين، خاصة أن معظم السوريين يسجلون زيجاتهم في سوريا، في حين أن بعضهم لا يسجّل هذه الزيجات أصلًا.

تباين تواريخ القدوم
من أكثر الأمور التي تجعل الزوجين السوريين على الأراضي التركية يحملون بطاقات حماية مؤقّتة صادرة عن ولايتين مختلفتين، هي تباين تواريخ دخولهم إلى الأراضي التركية.
“عبد الملك حوار” دخل إلى تركيا في عام ٢٠١٤، واستطاع استخراج بطاقة حماية مؤقّتة صادرة عن اسطنبول، ولكن زوجته التي لحقت به بشكلٍ غير شرعي في عام ٢٠١٧، لم تتمكّن من استخراجها في اسطنبول، لأن استصدار البطاقة من اسطنبول كان حينها قد توقّف، على ما يوضّح حوار في حديثه لـ “الحل”.
ويقول: “حينما وصلت زوجتي وبعد فشلي باستخراج بطاقة لها من اسطنبول، سافرنا إلى أضنة واستخرجنا بطاقة من هناك وكانت كل أمورنا على ما يرام”.
ويوضّح أنّه عقب الحملة الأخيرة، بات خائفًا من ترحيل زوجته إلى أضنة وربّما إلى سوريا حسب تعبيره، قائلًا: “الحل الوحيد هو أن تعيش زوجتي في أضنة وأن أعيش أنا في اسطنبول وهذا الحل غير ملائم للعائلة التي يجب أن تعيش في منزلٍ واحد”.

عائق الأولاد
على الرغم من عدم وجود حل لمشكلة “حوار”، إلّا أنّها تبقى أقل تعقيدًا من مشكلة قرينه “أبو عيسى”، وهو لاجئ سوري يعيش أيضًا في اسطنبول مع عائلته المكوّنة من ستة أشخاص، لديه أربعة أولاد، الجميع يحمل بطاقة الكيملك من اسطنبول باستثناء رب الأسرة الذي يحملها من ولاية “إزميت” القريبة من اسطنبول.
منذ بدء حملة التدقيق على بطاقات السوريين في اسطنبول، لم يغادر “أبو عيسى” منزله، ترك عمله ومصدر رزقه الوحيد الذي يعيل فيه أسرته.
يقول لـ “الحل” إنّه كان لديه بطاقةً صادرة عن اسطنبول ولكن تم إلغاء تفعيلها بدون أي مبرر واضح من قبل شعبة الأجانب، ما دفعه في عام ٢٠١٨ لاستخراج بطاقة صادرة عن منطقة إزميت التي تبعد نحو ثلاثة ساعات عن اسطنبول من أجل تيسير أموره.
يوضّح أنّه كان يملك بقالية تبيع البضائع السورية ولكنّها مغلقة منذ بدء الحملة على السوريين من أجل التحقّق من بطاقاتهم.
يشير “أبو عيسى” إلى أن أولاده الآن دون معيل، كونه لا يستطيع مغادرة المنزل والتنقّل بحرّية خوفًا من إعادته إلى إزميت أو احتجازه أو قذفه إلى سوريا.
كل ما يطالب به هو أن يتم منحه هذه البطاقة في اسطنبول من أجل أن يبقى مع أسرته ويتمكّن من الخروج والعمل لإعالتها.

لا تغيير في البطاقة
فشل ثلاثة سوريين التقاهم موقع “الحل” في تغيير بطاقات الحماية المؤقّتة ونقلها إلى اسطنبول، وذلك رغم امتلاك بقية أفراد العائلة بطاقات الكيملك في تلك المدينة، فعلى الرغم من المحاولات الحثيثة والمستمرّة لم يكن هناك أي طريقة لنقل البطاقة.
يقول مسيّر معاملات يعمل في تسيير وثائق السوريين في اسطنبول لـ “موقع الحل”: “إن نقل بطاقة الحماية المؤقّتة من ولاية إلى ولاية بات أمرًا مستحيلًا على السوريين في تركيا.
وأوضح أن هناك استثناء واحد يُسمح من خلاله للسوري بنقل البطاقة، وهو تأسيس شركة تزيد قيمة أصولها عن ٢٥٠ ألف ليرة تركية، لافتًا إلى أن هذا الشرط يُعتبر شبه مستحيل بسبب عدم وجود هذا المبلغ إلّا مع قلّة قليلة من السوريين في تركيا، التي تنحصر بالمستثمرين ورجال الأعمال، وهؤلاء معظمهم إمّا حصل على الجنسية التركية أو في طريقه إليها عن طريق شركاته واستثماراته.

وأوضح معقّب المعاملات الذي رفض الكشف عن هويته، أنه يتلقّى بشكلٍ يومي استفسارات من سوريين يرغبون بنقل بطاقات الحماية المؤقّتة بين الولايات من أجل توحيد البطاقات لجميع أفراد العائلة ولكن لا يوجد حل، وختم بأن على السلطات التركية أن تنظر بهذه الجزئية كونها من شأنها أن تشتّت العائلة الواحدة بين أكثر من ولاية تركية.

أحمد حاج حمدو

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.