جاء التعبير الأوضح عن الموقف الفعلي لنظام الأسد بخصوص التسوية لإنهاء الحرب في شكل ورقة غير منشورة مؤلفة من 66 صفحة كتبها “روزن” بنفسه ثم وزعت في واشنطن في أواخر عام 2014، لاسيما على أعضاء مجلس الأمن القومي بمن فيهم روبرت مالي. ونُشرت الورقة بالكامل في النهاية تحت اسم “روزن” في موقع Project Grayzone في شهر آب من عام 2018. حيث تزعم هذه الورقة أنه على الرغم من وحشية نظام الأسد، فإن الطريق الوحيد الذي يمكن تصوره إلى السلام في البلاد كان من خلال سلسلة عمليات لوقف إطلاق النار في الجيوب التي ستتخلى عنها المعارضة المسلحة بالإضافة إلى تخليها عن طموحاتها في الإطاحة بالنظام في مقابل وقف كامل للقتال المحلي.

بالنسبة لمؤيدي المعارضة، كانت هذه الورقة ونموذج “وقف إطلاق النار المحلي” بمثابة خارطة طريق لتحقيق النصر الأسدي ورخصة لانتهاكات حقوق الإنسان. حيث تسمح عمليات وقف إطلاق النار للنظام بترتيب نصره بدعم دولي مع إنقاذ الأسد من الاضطرار إلى خوض المعارك على كامل الأرض السورية. وتقول رفيف جويجاتي، المعارضة والإعلامية السورية في الولايات المتحدة: “لا حرج في هدف الحد من العنف، لكن السؤال هو من الذي كان يجري المفاوضات وما هي نواياهم، إذا كنت من خلال العمل مع قاتل جماعي، يتخذ وقف العنف معنىً جديداً بالكامل”.

فخلال عامي 2014 و 2015 وقبل التدخل العسكري الروسي، واجه الأسد نقصًا مخيفًا في القوات العاملة على الأرض. وقد يساعد تراجع التصعيد على المستوى المحلي على أن يركز النظام قواته المتبقية والقليلة على المناطق الأكثر احتجاجاً. فمن الناحية النظرية، سيمنح وقف إطلاق النار الحكم الذاتي المحلي والعفو أو حتى الاندماج في قوات النظام السوري بالنسبة للمتمردين الذين تخلوا عن قتالهم ضد النظام. لكن وفي الممارسة العملية، غالبًا ما دخلت الاتفاقيات حيز التنفيذ في المناطق التي فرضها النظام في ظل ظروف حصار قاسية لفترات طويلة من الزمن، مما يعني أن الاتفاقات كافأت النظام فعليًا على تجويع مدن بأكملها. وترى جويجاتي، مثل كثيرين آخرين في المعسكر المناهض للنظام ، كلمة “وقف إطلاق النار” بأنه “تعبير ملطف” بالنسبة لهم. فقد سمحت اتفاقيات المصلحة للأسد بتحقيق أهداف حربه تحت ستار الدبلوماسية المتحضرة.

وقد أشعلت ورقة “روزن” جدلاً عندما أبلغ ديفيد إغناتيوس، كاتب عامود في صحيفة الواشنطن بوست، عن وجودها لأول مرة في نوفمبر عام 2014. وفي وقت لاحق ذكرت مجلة فورين بوليسي أن الوثيقة انتشرت في جميع أنحاء الإدارة الأمريكية، بما في ذلك في مجلس الأمن القومي. ولم تسمح مركز الحوار الوطني بتوزيع هذه الورقة، ولم يتم نشر المستند نفسه بالكامل حتى شهر أب من العام 2018، عندما تم تضمينه في نهاية مقالة لـ Project Grayzone عن خالد الأحمد. وعلى الرغم من التكهنات بأن “روزن” نفسه قد أعطى الصحيفة لإغناطيوس بهدف التأثير على سياسة الولايات المتحدة، إلا أن الدلائل تشير إلى أن “روزن” أصيب بالذعر عندما أصبحت أخبار عمله علنية.

ولكن وفي وقت لاحق، كانت هذه الورقة، ولا تزال، متسقة تمامًا مع مقاربة مركز الحوار الوطني للحرب السورية على الأرض. وفي رسالة بريد إلكتروني حصلت عليها مجلة تابليت في شهر آذار من العام 2017 ، تباهى هارلاند بأن مركز الحوار الوطني قد “سهل اتفاقية لاستعادة إمدادات المياه لحوالي ثلاثة ملايين شخص في دمشق وما حولها، وكذلك لإجلاء 700 من مقاتلي المعارضة وعائلاتهم إلى بر الأمان. فهذه “الصفقة” التي تمت بين النظام السوري وجماعات المعارضة المسلحة أنهت سيطرة المعارضة على محطة مياه في وادي بردى وخدمت 70٪ من مساحة دمشق الكبرى. وقد كانت هذه المنطقة تحت الحصار منذ عام 2013، واستعادة النظام السوري، بمساعدة سيل من الغارات الجوية والقنابل والبراميل وقذائف الدبابات وقذائف الهاون والقناصة. ووفقًا للمشروع الإخباري غير الربحي “سوريا دايركت”، فإن وقف إطلاق النار جاء نتيجة الاتفاق الذي اعترف مركز الحوار الوطني الآن بتورطه فيه. وقد أخبر أحد المصادر مجلة تابليت أن رسالة البريد الإلكتروني المذكورة أدت إلى تقليص تمويل الاتحاد الأوربي لبرامج مركز الحوار الوطني في سوريا، وهو أمر لم ينكره هارلاند عندما سئل عنه. وفي رسالة نهاية عام 2018 والتي حصلت عليها مجلة تابليت أيضاً، كتب هارلاند أن “سوريا كانت مجال للندم”. ففي رسالة البريد الإلكتروني هذه، يستمر هارلاند في ترديد أحد الموضوعات الرئيسية لورقة روزن قبل أربع سنوات، والتي عارضت الدفع باتجاه المصالحة على المستوى الوطني، وهو الهدف من المفاوضات التي تدعمها الولايات المتحدة والتي عقدت في جنيف. وكتب هارلاند: “بينما أصر دائمًا على أن مركز الحوار الوطني لن يفعل شيئاً لتجاوز العقبات في العملية الرسمية، كنت أيضاً صريحاً جداً في القول إن عملية جنيف لا يمكن أن تنجح، وأنها أطالت المعاناة من خلال المطالبة بمقاضاة جرائم الحرب وعدم القيام بالكثير من أجل ذلك”.
الآن وبعد خمس سنوات، فإن الأمر الأكثر إثارة للدهشة حول ورقة “روزن” ليس استنتاجاتها وما دعت إليه، في الوقت الذي كان فيه بقاء الأسد بعيدًا عن التأكيد قبل التدخل العسكري الروسي، ولكن العديد من اقتباسات مسؤولي النظام السوري الذين لم يكشف عن هوياتهم. يجب أن يكون من الواضح لأي شخص عاصر الأمر برمته أن الغرض من الورقة لم يكن فقط حمل المسؤولين الأميركيين على حل يحتمل أن يكون رائدًا لأزمة العالم الأكثر حدة، ولكن للتواصل مع الدولة السورية التي ستكون مقبولة لشخصيات أكثر استنارة نسبيا داخل المؤسسة الأمنية السورية والمخابراتية. الرسالة واضحة بما فيه الكفاية: هذا بقدر ما كان رجال دمشق الصعبة على استعداد للذهاب.

وقد تم تعميم هذه الورقة في جميع أنحاء مجلس الأمن القومي، مع حصول مالي نفسه على نسخة، على الرغم من أنه لم يكن لها تأثير واضح على تفكيره. حيث يقول مالي: “اعتقدت أن أولويتنا كانت الحد من العنف وإنهاء الحرب، والتي أصبحت تعرف باسم وقف التصعيد”، موضحًا مقاربته الحالية لتخفيف الأزمة السورية. “هذا لا يعني أنني أتفق مع تفاصيل الخطة التي كان ينادي بها “روزن”. وقد أخبرت أحد المسئولين السابقين في السياسة الخارجية بإدارة أوباما أن “روزن” قد جعل الأمر بعيدًا بشكل ملحوظ بالنسبة لجهة خارجية ذات صلة بجهاز صنع السياسة في واشنطن.
لقد نظرت إدارة أوباما دائمًا إلى الصراع في سوريا بحذر. فقد ارتكب نظام الأسد أسوأ الفظائع التي يمكن أن يرتكبها نظام في القرن الحادي والعشرين، وهو بالضبط نوع الجرائم التي كان من المفترض نظريًا معاقبتها من قبل الأمم المتحدة والقيادة العالمية للولايات المتحدة بعد الحرب. ولكن تم انتخاب باراك أوباما رئيسًا على وعد بعدم القيام بـ “عمل غبي” في عالم السياسة الخارجية. وبالنسبة للصراع السوري، واجه الرئيس أوباما مشكلة في الوفاء بمعاييره الخاصة. فقد كان للتدخل الذي قادته الولايات المتحدة في ليبيا في عام 2011 سلسلة من العواقب الجيوسياسية غير المتوقعة، والتي أدت إلى التوترات الأمريكية الروسية المتزايدة وإلى تجدد الصراع الأهلي في مالي إلى هجوم بنغازي. وفي سوريا، دعا أوباما مراراً وتكراراً الأسد إلى التنحي، بينما رفض أيضًا تزويد المعارضة بالمساعدة اللازمة لتحويل الصراع لصالحهم. وقد فوض مهمة تدريب وتجهيز القوات المناهضة للأسد بقيادة وكالة المخابرات المركزية، ثم سمح للمبادرة بأن تصبح عملية غير منظمة وغير فعالة. كما قدمت الولايات المتحدة المساعدة للفصائل ذات العقلية العلمانية، وبعد ذلك بدت غير مضطربة عندما قام الجهاديون باستخدامها في ساحة المعركة. وبعد هجوم السارين في شهر أب 2013 في الغوطة، اختار أوباما عدم المبالاة بـ “الخط الأحمر” المذكور كثيرًا بهدف ردع استخدام النظام للأسلحة الكيميائية. وكان الحل المفضل لدى الإدارة الأمريكية في سوريا هو العمل من خلال عملية تفاوضية في جنيف كانت في كثير من الأحيان في حالة انفصال سخيف عن الأحداث على الأرض. “لا أعتقد أن أي واحد منا خدم في إدارة أوباما يمكن أن يدعي أنه فخور بسجلنا عندما يتعلق الأمر بسوريا” ، يقول مالي.

كما هددت الثورة ووحشية نظام الأسد بتعقيد أكثر لأهداف الرئيس أوباما في المنطقة: صفقة تفاوضية للحد من البرنامج النووي الإيراني من شأنها أن تحسن العلاقات جذريًا بين الولايات المتحدة وإيران، “موازنة” قوة عدو أمريكا الإقليمي منذ فترة طويلة ضد هدف حلفاء مثل السعودية وإسرائيل. ولا يمكن لإدارة أوباما أن تتحمل الضغط على الأسد إلى حد عزل النظام الإيراني، الذي يساعد الديكتاتور السوري بدعمه المستمر لبقائه. وربط أوباما نفسه صراحة بين أي نتيجة مستقبلية في سوريا والمكانة الإقليمية لإيران، قائلاً في مؤتمر صحفي عقده في أواخر عام 2015 إن أي سلام في سوريا يجب أن يحترم “الحصة” الإيرانية في البلاد.

وكان مالي هو المنفذ الرئيسي لرؤية أوباما. فقد كان كبير مستشاري أوباما بشأن سوريا، وكان له دور نشط في الدبلوماسية الإيرانية. كما كان من الناحية العملية هو المسئول الرئيسي عن مكافحة تنظيم داعش في مجلس الأمن القومي. لقد فهم مالي أن رئيسه أراد الانفتاح على إيران وأقل قدر ممكن من الاستثمار الاستراتيجي الأمريكي في سوريا من الناحية الأخلاقية أو العملية. وكان ناجحًا في جعل هذه السياسات حقيقة واقعية، نظرًا لأن المسئولين الأمريكيين استخدموا روزن للتعبير عن الرأي في دمشق، مثلما اعترف العديد منهم بذلك. فمن المنطقي أن شخصيات نظام الأسد ربما استخدمت روزن لغرض مماثل: وهو معرفة ما إذا كان نظرائهم في واشنطن – أشخاص مثل مالي أو دبلوماسيون آخرين الذين كان يجتمع معهم روزن يفكرون في تغيير الإستراتيجية الأمريكية. بالنسبة للولايات المتحدة، فإن محادثات جنيف هي السبيل الوحيد لتحقيق أهدافهم.

ويعتقد ستيفن سايمون أن الرئيس أوباما كان واضحاً في إخبار المعارضة بعدم توقع أي مساعدة أمريكية تحول الصراع لصالحها. حيث يقول سيمون: “كل شخص يسأل فيما إذا كان من الخطأ لأوباما أن يقول إن الأسد يجب أن يرحل هو، في تجربتي، لا يعرف العواقب. فالولايات المتحدة لن تفعل ذلك. وقد كان مالي نفسه يظن منذ بداية الصراع في أن الأسد سيفوز في النهاية، وأن انتصار المعارضة سيتطلب المزيد من الاستثمار في صراع أجنبي معقد أكثر مما كانت الولايات المتحدة مستعدة أو قادرة على تقديمه.
وبينما التقى مالي كثيرًا بممثلي المعارضة السورية خلال فترة وجوده في الإدارة، فإن محاوريه، بمن فيهم أولئك الذين يعجبون بمالي، لا يتذكرون الاجتماعات باعتزاز. حيث يقول أحد النشطاء، وهو أمريكي سوري، التقى بمالي خلال فترة وجوده في البيت الأبيض، متذكراً: ” بشكل عام ، لم يؤمن روبيرت مالي بالمعارضة السورية على الإطلاق، وكان من الواضح أنه كان يريد فقط أن تختفي المعارضة”. ويقول زاهر سحلول، وهو طبيب مقيم في ولاية فرجينيا الغربية وناشط مناهض للأسد، إنه على مدار اجتماعاته التقديرية “من 30 إلى 40 اجتماعاً” مع مسؤولي الإدارة الأمريكية، “كان مالي الأكثر حماية للنظام”.

ويميل منتقدو مالي و”روزن” إلى وصفهما بأنهما يساريين متشددين ويعارضان أيديولوجيًا القوة الأمريكية، لكن مثل هذه الأوصاف الكاريكاتورية تنقل صورة مشوهة عن كيفية وضع السياسة الخارجية الأمريكية فعليًا. فقد عمل مالي في هرم السياسة الخارجية للولايات المتحدة لأكثر من عقدين من الزمن وكان المستشار الرئيسي للرئيس الأمريكي في الشرق الأوسط.. وفي الوقت نفسه، فإن السياسات التي دعا إليها مالي وروزن انتقلت إلى رئاسة دونالد ترامب، مما يعني أنها جزء من إجماع داخل السياسة الخارجية والدفاع في واشنطن. وبالنسبة للمعارضة وكذلك بالنسبة لمئات الآلاف من السوريين الذين طردوا من المناطق التي تسيطر عليها المعارضة تحت ستار سلام تفاوضي، لا يوجد فرق كبير بين المعادلة الأسدية المتمثلة في “وقف إطلاق النار المحلي” والتزام إدارة أوباما “بتدابير الحد من العنف” أو ترويج إدارة ترامب لـ “مناطق خفض التصعيد”. بطريقة ما، تبدو ورقة “روزن” لعام 2014 الآن كواحدة من أكثر الوثائق التنبوئية للحرب السورية. فقد استعاد النظام تدريجياً كل البلاد تقريباً من خلال الوسائل المذكورة بالضبط في تلك الوثيقة المفصلية.
وتذكر فورد مقابلة “روزن” في واشنطن ستاربكس في صيف عام 2015، فقد ترك السفير الحكومة مؤخراً، جزئياً بسبب استيائه من سياسة إدارة أوباما في سوريا. ويتذكر فورد قائلاً: “كانت رسالة روزن في الأساس هي “متمرديني”، لأنه يعلم أنني أيدت تسليحهم, فقال لي سوف يخسر متمردوك… والأميركيون بحاجة إلى أن يستوعبوا هذه الحقيقة”. “وأتذكر أني قلت له إنها حرب استنزاف طويلة يا روزن؛ من يعرف من سيفوز. كما اتضح أن روزن كان على حق وكنت مخطئاً”، يضيف فورد.

كما أن هناك أولئك الذين مازالوا يرون أن السياسة الأمريكية في سوريا تحقق نجاحاً نسبياً، على الأقل في ظل الظروف الجهنمية التي يعيشها الشرق الأوسط بعد الربيع العربي. حيث يقول سايمون عن الصراع في سوريا: “لا يبدو أن مصالحنا في المنطقة قد عانت كثيراً”. الأردن على ما يرام، حتى لبنان يبدو أنه على ما يرام. الاقتصاد اللبناني ليس في وضع لا تشوبه شائبة، ولكن هذه ليست وظيفة الحرب الأهلية في سوريا. وفي العراق، تعلمون جيدًا أن تنظيم داعش كان محيراً للغاية، لكن تم التعامل مع ذلك. لذا وبغض النظر عما كانت تضعه الإدارة في الاعتبار، فإن النتيجة النهائية للمصالح الأمريكية لم تكن سلبية بشكل كبير”. وقد استمر هذا الموقف في عهد ترامب. ظل بريت ماكغورك، قيصر أوباما المناهض لداعش، في الحكومة حتى نهاية عام 2018. وبقي مايكل راتني، مبعوث أوباما لسوريا، في وزارة الخارجية خلال السنة الأولى من ولاية ترامب. وفي شهر نيسان، ذكرت صحيفة النيويورك تايمز أن مالي، الذي أصبح الآن الرئيس والمدير التنفيذي لمجموعة الأزمات الدولية، يعمل مستشارًا لبريني ساندرز في السياسة الخارجية. وبغض النظر عمن يفوز بالانتخابات في عام 2020، يبدو من المحتمل أن سياسة الولايات المتحدة تجاه سوريا لن تتأثر بالنتيجة أكثر مما كانت عليه نتيجة انتخاب دونالد ترامب.

وقد كان “روزن” نفسه مرتبطًا بمجموعة من الأنشطة المتعلقة بسوريا على مدار العامين الماضيين. ففي أوائل عام 2018، ووفقًا لعدد من المغتربين السوريين الذين يعيشون الآن في أوروبا، حاول “روزن” و”خالد الأحمد” إقناع رجال الأعمال السوريين المقيمين في أوروبا بإعادة الاستثمار في بلدهم الأصلي. ووفقًا لمصادر مطلعة على الاجتماعات، ترأس روزن الاجتماعات في لندن دون الأحمد، الذي التقى بكبار رجال الأعمال المنفيين في سويسرا وألمانيا. وكان هذا مثالاً آخر بدا فيه أن “روزن” و”الأحمد” يتصرفان جنبًا إلى جنب. حيث كانت هذه الاجتماعات جزءاً من دفعة واحدة لإعادة الاستثمار إلى سوريا. لكن الأحمد جاء في خطوة ضعيفة، “ولم يكن لديه الكثير من الضمانات التي يقدمها. لقد أراد فقط أن يتصالح الناس والعودة”، كما يتذكر المصدر. كما تحدثت مصادر أخرى عن أن روزن أصبح الآن على علاقة مع سامر فوز، رجل الأعمال الموالي للنظام والذي وضع على قائمة العقوبات الأمريكية في شهر حزيران الماضي. وفي هذه الأثناء، قيل إن علاقة الأحمد قد تراجعت مع دمشق.

لكن طموحات “روزن” الخاصة أعلى بعض الشيء من إعادة رأس المال إلى سوريا. فوفقًا لمصادر متعددة، فإنه يخطط لكتابة تاريخ للحرب الأهلية السورية، وهو من رأى الصراع من زوايا لم يُسمح لأي كاتب آخر تقريبًا بإلقاء نظرة عليها. “أنا أعمل على حل النزاعات بالتوسط بين الفصائل المتحاربة، والتفاوض على إطلاق سراح الرهائن والمحتجزين وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية والخدمات الأساسية، وكذلك إعادة اللاجئين أو النازحين إلى ديارهم” ، كتب روزن للمجلة عبر البريد الإلكتروني، بعد أخبرته مجلة تابليت أنها تعمل على ما تأمل أن يكون سردًا نهائيًا لأنشطته في سوريا. “أنا أعمل في بلدان مختلفة، وقد تطلب هذا العمل مني التعامل مع جميع أصحاب المصلحة، بما في ذلك الحكومات، لتثقيفهم حول الوضع وتقديم المشورة بشأن سياسات معقولة وبدائل للحرب وإراقة الدماء. لقد تعاملت مع المسئولين الأمريكيين مثلما تعاملت مع الأمم المتحدة والأتراك والروس والأردنيين والألمان والعراقيين وغيرهم. لقد كان تأثيري على سياسة الولايات المتحدة مبالغًا فيه إلى حد كبير ومثير للسخرية. عندما كنت صحفياً، كنت راديكاليًا وصارخًا للغاية من الناحية السياسية لأن ذلك كان عملي. لم تكن هذه وظيفتي منذ ست سنوات وأنا شخص مختلف الآن”، يضيف روزن.

ولم تتمكن المجلة من التحدث مع “روزن” عن هذا التقرير في وقت من الأوقات، وقد تم الترتيب للاجتماع به في واشنطن. ومن ثم تم إلغاء الرحلة، بسبب سفره إلى العراق، ثم إلى مكان غير محدد في أقصى شرق آسيا. وقد اقترحت عليه المجلة مقابلة طويلة قد تكون ممتعة. لكن في النهاية كتب أنه سيكون من المستحيل التحدث. واختتم رسالته للمجلة بالقول: “يمكنني فقط أن أقول إنني أجد أن الحرب هي أعظم شر، وأنها تحول الرجال إلى وحوش وتنتج كل الشرور الأخرى التي عرفناها. ولذا فإن عملي مكرس للحد من الحرب إلى أقصى حد ممكن. لقد أعطيت الأولوية لإنهاء الحرب فوق كل الاعتبارات الأخرى كمسألة مبدئية وأجد أن أي موقف آخر سيكون بغيضاً”.

ترجمة (الحل نت)

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.