يسلك أبو حسام (٤٠ عاماً) مع عائلته المؤلفة من خمسة أفراد طريقه نحو مخيّمات الشمال ليلاً، على أمل أن تكون وتيرة القصف على الطرق الرئيسيّة أقل مما تكون عليه في ساعات النهار، ذلك بعد أن ترك منزله في بلدة كفرنبل التي تتعرض يوميّاً لقصف جوّي مكثف من قبل “الجيش السوري” الذي يحاول السيطرة على المزيد من المناطق جنوب إدلب.

وعائلة أبو حسام كما مئات العائلات في ريف #إدلب الجنوبي، غادرت منزلها نتيجة انعدام سبل الحياة في المنطقة، حيث القصف الجوّي المستمر، الذي دمر المرافق الحيوية والمشافي، إضافة إلى تدميره عشرات المنازل في تلك المناطق بفعل القصف المتواصل.

ويقول أبو حسام إن منزله لم يتعرض للدمار كما عشرات المنازل الأخرى، إلا أن القصف المتواصل على المدينة دفعه إلى مغادرة المنزل حفاظاً على حياة أفراد عائلته، حيث انقطعت الكهرباء والمياه في مدينة كفرنبل وأصبحت الحياة شبه مستحيلة في المدينة.

ويضيف أبو حسام في حديثه لموقع الحل “أنا الآن في طريقي إلى مخيمات ريف إدلب الجنوبي، سمعت أن وتيرة القصف هنالك منخفضة، إلا أن المخيمات غصّت بالنازحين، أنا لا أملك المال لاستئجار منزل، خاصة وأن أسعار الإيجارات أصبحت تدفع بمئات الدولارات في تلك المناطق، سيكون من الجيّد أن أحصل على خيمة قرب الحدود السوريّة التركيّة أستطيع العيش فيها أنا وعائلتي”.

ولدى تجوّل مراسل موقع الحل في العديد من قرى وبلدات محافظة إدلب، لاحظ خلو قرى وبلدات في ريفي إدلب الجنوبي والشرقي من سكانها، كـ “جرجناز والغدفة والبرسة وكفرنبل”، وتصل أعداد النازحين في المنطقة بحسب مصادر رسميّة إلى ٨٥٪ من الأهالي بسبب الغارات الجوية والقصف المدفعي، كذلك يشكل الحديث عن نيّة تقدم “الجيش السوري” في المنطقة، سبباً إضافيّاً لترك مئات المدنيين منازلهم والنزوح نحو المناطق الشمالية والحدوديّة.

يضاف إلى ذلك بحسب النازحين الخارجين من ريف إدلب الجنوبي، عدم توفر المواد الغذائية نتيجة صعوبة وصولها إلى المنطقة، فضلاً عن انعدام الخدمات، الذي شكل أيضاً عاملاً مهمّاً في زيادة نسبة النازحين.

وبحسب إحصائية فريق “منسقو الاستجابة” في الشمال السوري، فإن ما يزيد عن ٩٠ ألف مدني نزحوا خلال الأسبوع الماضي من مناطق جنوب إدلب نحو المناطق الشمالية، وذلك هرباً من الوضع العسكريّ الذي تعيشه المنطقة هناك، كما وثّق الفريق دمار عشرات المرافق الحيوية والمستشفيات والمدارس نتيجة استمرار العمليّات العسكريّة في المنطقة.

“خرجنا بالثياب التي علينا” يقول منذر عليان وهو أب لأربعة أطفال اضطر لمغادرة مدينة “أم الخلاخيل” أثناء المعركة التي انتهت بسيطرة الجيش السوري على قريته. ويتابع: “لم أستطيع حمل الأمتعة من منزلي بسبب اشتداد وتيرة المعارك والقصف في القرية، لا أستطيع البقاء في المنزل إذا سيطر الجيش على منطقتنا، ما زلنا هنا ننتظر المجالس المحليّة والمنظمات كي تساعدنا”.

ودخلت الحملة العسكريّة التي بدأها “الجيش السوري” بدعم من القوّات الروسيّة في إدلب، أسبوعها الثالث، ويتخوّف ناشطون من ارتفاع أعداد الضحايا والنازحين خلال الفترة المقبلة، وذلك فيما إذا تمكن الجيش من تحقيق المزيد من التقدم، والاقتراب من عمق محافظة إدلب، كل ذلك في ظل عجز المنظمات المعنيّة بشؤون النازحين عن استيعاب هذا العدد، فيما يضاف إلى معاناة المهجرين إغلاق تركيا جميع أبوابها وحدودها في وجه السوريين الهاربين من جحيم القصف والعمليّات العسكريّة في مناطقهم.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.