محمد الباسم

بعيداً عن مطالب المتظاهرين، تجري نقاشات اللحظات الأخيرة بين القوى السياسية في العراق لاختيار رئيس الحكومة الجديد، بديل #عادل_عبد_المهدي الذي استقال مطلع ديسمبر كانون الأول الجاري، ولا يتردّد حالياً سوى اسم واحد، مقرب من #إيران وعضوٌ فاعلٌ في #حزب_الدعوة ورفيق #نوري_المالكي وزير سابق متهمٌ بالفساد وهدر المال العام، النائب الحالي محمد شياع السوداني.

تُناقش الأحزاب التي تقفز على المحنة العراقية مع جيشٍ من مستشارين إيرانيين يقودهم رئيس #فيلق_القدس الإيراني قاسم سليماني، كيفية إقناع المتظاهرين عبر حملات إعلامية، بأن السوداني هو الأمثل، وأنه سيرتدي الجلباب الأثقل، وهو الذي ـ من المفترض ـ أن يحاسب الفاسدين ويؤسس لانتخابات حرة نزيهة وفق رغبة المحتجين، إضافة إلى محاسبة القتلة الذين فتحوا النار على العراقيين في ساحات الاحتجاج، فهل يستطيع؟

على أرض الواقع، لا أحد يستطيع حلّ الأزمة العراقية، إلا عبر اعتزال كل الأحزاب والكيانات والفصائل العمل السياسي في البلاد، وهذا أمر لا يتحقق. وأن اختيار رئيس للحكومة من قلب العملية السياسية المتهمة بالفساد والمتورطة بالدماء، يعني الالتفاف على مطالب المحتجين، بحسب السياسي العراقي #أثيل_النجيفي.

وقال النجيفي لـ”الحل العراق”، إن «الأحزاب الحالية لا تملك أي وجوه جديدة، فقد استهلكت نفسها، ولم تتوقع في يومٍ من الأيام أنها ستكون في مأزق مثل ما تمر به الآن، حتى أنها لم تفكر بتدريب أشبال جدد يتصدون المواقع الحساسة في حال انهيار أحزابهم أو تعرض أحدهم لمكروه».

مبيناً أن «الحراك الشعبي لن يتوقف، واختيار شخصية متهمة بالفساد، لإرضاء #إيران أو دول إقليمية على حساب مصالح الشعب سيؤدي إلى تأزيم الموقف، وقد نشهد كارثة دموية في المستقبل بسبب عدم اكتراث الأحزاب لما يحصل في الشارع».

السوداني، ذراعُ المالكي في الانتخابات الماضية، أعلن استقالته، أخيراً، عن حزب الدعوة وكتلة دولة القانون، في محاولة لإظهار نفسه، ذلك الرجل المستقل الذي يلائم طموح المتظاهرين، إلا أن ما يدور في #ساحة_التحرير يختلف تماماً عمّا يدور في المنطقة الخضراء، فقد رفع المتظاهرون، أمس الجمعة، صور السوداني وداسوا عليها بأحذيتهم، كما هتف غالبيتهم بهتاف يُطرح لأول مرة: “يسقط السوداني”.

المحتجون استبقوا اختيار السوداني، ولكنهم يعتقدون أنه سيُمرر عبر تصويت البرلمان، بحسب الناشط والصحافي عمر الطيب، الذي قال لـ”الحل العراق”، إن «الأحزاب ما تزال تملك النفوذ القوي والمال السياسي الفاسد في التأثير على المعترضين على اختيار السوداني من الأحزاب والكتل، ولكن يبقى للجماهير صوتها الذي لا نعرف متى سينتصر ولكنها حتماً سيستمر».

ولفت إلى أن «ساحة التحرير والساحات الأخرى في بغداد وحتى مدن الجنوب ترفض السوداني رئيساً للحكومة كما أنها ترفض أي وجه شارك بالعملية السياسية خلال السنوات الماضية، وهذا الشرط تعرفه الأحزاب ولكنها تغفله وتسعى إلى تحجيمه واخفائه».

وأكمل: «النظام الحاكم حالياً سينتحر باختيار السوداني أو أي شخصية، لأن المتظاهرين في الساحة لم نفد صبرهم، وهم الآن جددوا الحديث عن اقتحام #المنطقة_الخضراء (تضم الأبنية الحكومية، منها البرلمان وأمانة مجلس الوزراء)، وهذا التصعيد يجيء بسبب الأخطاء الكارثية التي تمارسها الأحزاب دون مراعاة قتلى الاحتجاجات الأخيرة، الذين تجاوزوا /500/ قتيل».

ومن الشروط التي يفرضها المحتجون على الأحزاب في اختيار رئيس لحكومة العراق، هي «أن يكون مستقلاً وغير منتمياً لأي حزب أو تيار، ومن غير مزدوجي الجنسية، ولم يكن وزيراً أو بدرجةِ وزير أو برلمانياً أو محافظاً، وأن يكون نزيهاً وشجاعاً ولم يؤشر عليه أي قضية فساد، وأن يكون شاباً و لا يتجاوز عمره /55/ سنة، وأن يتعهد بعدم الترشح للانتخابات القادمة، وأن يكون ملزماً بتنفيذ مطالب الثوار في ساحات الاعتصام، وأن يكون قراره عراقياً مستقلاً خالصاً ولا يخضع لضغوط الكتل السياسية أو للتدخلات الخارجية»، وذلك بحسب وثيقة عُممت بين المحتجين وهي تمثل إرادتهم الجديدة.

ثلاثة أيّام فقط، تفصل موعد تقديم رئيس الجمهورية #برهم_صالح لاسم المرشح السوداني وعرضه على مجلس النواب، ومن ثم التصويت عليه، وهذا بحسب التوقيت القانوني الذي نص عليه #الدستور_العراقي، وحتى الآن لا توجد أي معارضة سياسية، شيعية أو سنية أو كردية، على شخص السوداني، باستثناء المحتجين والصدر.

“الحل” تمكن من التواصل مع قيادي بالتيار الصدري، وهو مقرب من زعيمه #مقتدى_الصدر، وقال إن «حزب الدعوة خرج من الباب والآن يسعى للعودة من الشباك، وهو أمر مكشوف ومفضوح ولا نقبل به».

«العراقيون يرفضون حزب الدعوة الذي فشل في إدارة الدولة بأكثر من حكومة تأسست على مزاج طائفي، واختيار السوداني مع اهمال الطموح الشعبي في اختيار رئيس يجعل العراق وطناً محترماً، يعني أن الشعب والصدريين أمام معركة حقيقية، ولا نستبعد اقتحام المنطقة الخضراء مرة جديدة، لإثبات موجود المعارضين في ظل الاستخفاف الحزبي والسياسي لكل الأحداث التي تجري منذ أكثر من شهرين»، بحسب القيادي الصدري.

إلى ذلك، رأى المحلل السياسي والباحث #عبدالله_الركابي أن «شروط المتظاهرين باختيار رئيس الحكومة الجديد مبالغ فيها، وعليهم مراجعة بعضها، إذ ليس من المعقول اختيار بالشروط التي تطرحها الساحات».

وأكد لـ”الحل العراق”، أن «المواصفات المطروحة لا تنطبق على السوداني، ولا على أي شخصية تفهم العمل السياسي والقانوني، وتصميم الأحزاب على اختيار السوداني يعني أن الساحات ستشهد زخماً بشرياً هائلة، وقد يسقط قتلى بعدد الذين سقطوا خلال الشهرين الماضيين، وهنا سيتدخل العالم، وقد نشهد تدخلاً عسكرياً خارجياً من أجل انقاذ الشعب العراقي».

وأعلن #محمد_شياع_السوداني، الجمعة، استقالته من حزب #الدعوة_الإسلامية رسمياً، ذاكراً في تغريدة عبر منصة “تويتر”: ‏«أعلن استقالتي من حزب الدعوة الإسلامية / تنظيم العراق ومن كتلة ائتلاف #دولة_القانون وأني لست مرشحاً عن أي حزب، العراق انتمائي أولاً»، وهذه الطريقة بات يعرفها العراقيون، فهي تشير إلى أن المستقيل سيتسنم منصباً جديداً، وقد حصل ذلك مع كثير من المسؤولين، ولعل آخرهم عادل عبدالمهدي وبرهم صالح.


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.