نشرت صحيفة “ليبراسيون” منذ أيام تقريراً عن الجهادي الفرنسي رضا حامي الذي قضى عدة أيام في سوريا قبل عودته لفرنسا بنية تنفيذ هجمات إرهابية. واليوم يمثل هذا الإرهابي الثلاثيني أمام  محكمة جنايات خاصة في باريس. فقد تم اعتقاله لدى عودته إلى باريس بعد أن كان قد أمضى ثمانية أيام فقط في مدينة #الرقة في #سوريا في صيف عام 2015، التقى خلالها  بعبد الحميد أباعود، منسق هجمات الثالث عشر من شهر تشرين الثاني من العام ذاته في باريس.

وخلف النوافذ الكبيرة من القفص الزجاجي، يستمع المتهم #رضا_حامي إلى رئيسة المحكمة وهي تسرد قصة حياته، من طفولته إلى مغادرته إلى سوريا للانضمام إلى تنظيم #داعش، في شهر حزيران من العام 2015، وحتى اعتقاله في باريس في الحادي عشر من شهر آب من العام ذاته. وبجسد متعب ورأس حليق ولحية طالت، يُحاكم رضا حامي من قبل محكمة الجنايات الخاصة بـ #باريس بتهمة “المشاركة في تنظيم إجرامي بهدف التحضير لأعمال تلحق ضرر بالأشخاص”. وفي الاحتجاز المؤقت تمهيداً للمحاكمة منذ أربع سنوات ونصف تقريباً، يواجه هذا الباريسي البالغ من العمر 34 عامًا عقوبة السجن والتي قد تصل إلى 20 عاماً.

وفي افتتاح المحاكمة يوم الخميس الماضي، سلّطت محكمة الجنايات الخاصة الضوء على أعمال الخلية الجهادية التي أسسها عبد الحميد أباعود، منسق الهجمات #الإرهابية في الثالث عشر من شهر تشرين الثاني من العام 2015 والتي خّلفت 130 قتيلاً في باريس وسان دينيس. وكان هذا الجهادي البلجيكي هو من درّب رضا حامي على إطلاق النار من الكلاشينكوف. لكن ما أن وصل إلى الرقة، حتى بردت بسرعة همة هذا الباريسي، بحسب اعترافاته اللاحقة. فبعد وقت قصير من إلقاء القبض عليه، سيخبر هذا الجهادي المحققين أن أباعود سأله عما إذا كان “مستعدًا لإطلاق النار على الحشود، إذا ما مُنح شيئاً ليقوم بتسليح نفسه […]، على سبيل المثال، إطلاق النار على حفل روك موسيقي”.

لكن وبعد ثمانية أيام فقط من وصوله إلى الرقة عاصمة دولة “الخلافة”، أصيب رضا حامي بقنبلة يدوية روسية أدت إلى الصمم. وبناء على نصيحة أباعود، عاد رضا إلى باريس مروراً بإسطنبول وبلغراد وبراغ وأمستردام وبروكسل. وبحسب التحقيقات الأولية، حاول رضا حامي نفي أي نية لشن هجوم على الأراضي الفرنسية، وادّعى أنه تظاهر بقبول مهمة “الأمير” أباعود لاستعادة جواز سفره والعودة إلى فرنسا. وقد وصف الرقة بأنها “مصنع حقيقي للإرهابيين”، بحسب تصريحه للمحققين. وأضاف: “إنهم كانوا يسعون حقاً إلى توجيه ضربات موجعة إلى فرنسا أوروبا بشكل عام”.

وفي حديث للصحيفة يوم الجمعة الماضي، تحدثت سارة، حبيبة رضا السابقة، عن علاقتهما التي دامت عامين، والتي انتهت في صيف عام 2014. وتسترسل قائلةً: “كنا حبيبين كلاسيكيين، وكان لدينا مشاريع مشتركة للمستقبل. وقد أراد رضا أن نتزوج وأن نعيش معاً،  لكنني شعرت بأنني لا زلت صغيرة جداً على الزواج”. وبذلك انتهى كل شيء، قبل أن يتصل بها مرة أخرى، عبر تطبيق المراسلة الفايبر. وفي ذلك الوقت، أخبرها أنه “في إجازة” في تركيا، وأسرّ لها بأنه “سيعبر الحدود”.

وتكشف القاضي رئيسة الجلسة عن محادثات ورسائل، قبل شهرين من سفر رضا إلى سوريا، مع امرأة شابة أخرى، تؤكد فيه هذه الأخيرة أنها مستعدة “للذهاب إلى مناطق القتال”. كما يتبادل كلاهما التعليق على مقاطع فيديو “الإعدامات وقتل الناس”.

ويشير التقرير إلى أن قراءة التحقيق المتعلق بشخصية رضا حامي تدل على شاب “لطيف” و”مفيد” عاش طفولته ككل أبناء جيله. وقد تميزت فترة مراهقته، في الدائرة الخامسة عشرة في باريس، بطلاق والديه وباستهلاكه الكبير للحشيش. وعلى المستوى الديني، فقد تربى في أحضان عائلة مسلمة تقليدية. “كان يصلي ويصوم في شهر رمضان، ولا شيء آخر لا يفعله بقية المسلمين. وهذه قبل كل شيء قيم الحياة”، تقول أخت رضا والتي تصغره بعشر سنوات.  وتضيف: “كان أخي نموذجًا يحتذى به دائماً بالنسبة لي”، واصفةً تربية والدها بـ “الناجحة في ظل الصدق والمحبة”. فبالنسبة لأخته، يعتبر رضا “شخص ذكي ويهتم بالجغرافيا السياسية”. وتضيف أنها لا تعرفه بتلك الأوصاف التي أطبقتها عليه الأوساط الإعلامية. وتختم بالقول: “حسناً، لقد ذهب إلى سوريا، لكنه ليس جهادياً”.


وتكشف الصحيفة بأنه قبل أقل من عام من مغادرته إلى سوريا، تم تعيين رضا حامي من قبل مجموعة الطيران EADS، في منصب كبير مهندسي المعلوماتية المخوّل بالوصول إلى معلومات الدفاع السرية. لكنه قرر أخيراً ترك منصبه و في الشركة بعد اكتشافه، كما يقول، بأنها كانت تصمم “صواريخ للغواصات النووية”. حيث يتابع رضا قائلاً: “بمجرد أن علمت بذلك، تخليت عن وظيفتي وطردت من العمل. إن الحرب في العراق قد رتبت طريقة تفكيري. كذبة واحدة أسفرت عن مقتل مئات الآلاف من الأبرياء”. ويثير أمام المحكمة موضوع بحثه عن ابن عم له اختفى في المغرب في العام 2012. فيقول: “أخبرني بعض أصدقائه القدامى أنه ذهب إلى سوريا”.


وتختم “ليبراسيون” تقريرها بالإشارة إلى أنه حتى في قفص الاتهام، يبدو على رضا حامي علامات الطمانينة. فتراه يبتسم حتى عندما يستشهد القاضي بشهادة والدته أمام المحققين، وهي تعبر عن “سخطها”، في ذلك الوقت لرؤيته في المنزل طوال اليوم وهو يلعب بألعاب الفيديو. من جهته، يحاول محاميه سرد مسيرته المهنية وتغييرات اتجاهه، مصراً على انتكاسته بمجرد ظهور الخلاف مع رؤسائه الإداريين وفصله من العمل. الأمر الذي دفعه إلى التفكير المتطرف والالتحاق بتنظيم “داعش”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.