المعابر تدر ملايين الدولارات شهرياً على “هيئة تحرير الشام”، و”كورونا” يزيد الأرباح

المعابر تدر ملايين الدولارات شهرياً على “هيئة تحرير الشام”،  و”كورونا” يزيد الأرباح

منذ أن بدأت “هيئة تحرير الشام” بفرض نفوذها العسكري على محافظة إدلب وريفها، ركزت اهتمامها بشكل كبير على المعابر الحدودية والحواجز الداخلية التي تقع ضمن سيطرتها، والتي تؤمن مدخولاً مادياً لها، من خلال تمرير الصفقات التجارية، والإشراف على مرور البضائع، وفرض الإتاوات والضرائب عليها.

ومع انتهاء الحملة العسكرية للقوات النظامية وحلفائها على ريف إدلب وحماة وحلب، خسرت الهيئة جميع المعابر، التي كانت تربط مناطق نفوذها مع مناطق سيطرة الحكومة السورية، مثل قلعة المضيق، ومعبر “مورك” في ريف حماة الشمالي، و”الراشدين” بريف حلب الغربي، والذي كان يدرّ على الهيئة ملايين الدولارات شهرياً، من خلال عمليات تهريب المواشي والمحروقات والبضائع التركية وغيرها إلى مناطق سيطرة الحكومة.

المعابر مع تركيا

يعتبر معبر “باب الهوى” من أنشط المعابر التي تربط بين تركيا ومناطق نفوذ “الهيئة”، فهو خط تجاري تدخل عن طريقه معظم المواد، إضافة إلى شحنات المساعدات الإغاثية الدولية، ويُدير المعبر كادر من “حكومة الإنقاذ”، التي تعتبر بطبيعة الحال، إحدى أذرع “هيئة تحرير الشام” المدنية.

وقال أحد العاملين السابقين في إدارة المعبر، فضّل عدم ذكر اسمه، إن «معبر “باب الهوى” من المعابر الاستراتيجية بالنسبة لـ”الهيئة”، حيث تفرض رسوماً على كل ما يدخل ويخرج، باستثناء الخضار والفواكه التي تخرج باتجاه تركيا، فيما تفرض رسوماً على البضائع الداخلة إلى سوريا».

وأضاف المصدر لموقع «الحل نت» أن «الهيئة تفرض مبلغاً يتراوح بين ثلاثة إلى سبعة دولارات عن كل طن من البضائع، وفقاً لنوعها، وبعد إتمام عملية العبور يحصل سائق الشاحنة على وصل بالمبلغ الذي دفعه، ليقوم بإبرازه عند مروره بالحواجز الداخلية، التي تتقاضى بدورها نصيبها من الإتاوات، تُدفع بشكل مباشر لعناصر الحاجز».

ولدى سؤال المصدر عن حجم العائدات الشهرية أجاب «يقدّرحجم الرسوم بين ميلونين إلى ثلاثة ملايين دولار شهرياً، كما يتم شحن المحروقات عن طريق المعبر، وتستلمها شركه “وتد” التابعة لـ”لهيئة”، وتحقق أرباحاً تصل لـ800 ألف دولار، من خلال بيعها في الداخل».

وتسيطر “هيئة تحرير الشام” أيضاً على معبرين حدودين مع تركيا، الأول يسمى معبر “خربة الجوز”، وهو معبر عسكري تستخدمه تركيا لإدخال قواتها العسكرية إلى نقاط المراقبة داخل سوريا، والثاني يسمى “معبر الدرية”، وهو معبر غير معترف به من قبل السلطات التركية، وتستخدمه “الهيئة” في عمليات التهريب، ولا سيما تهريب البشر بطرق غير شرعية إلى تركيا، وتدير عمليات التهريب عبر أمن الحدود في القطاع الغربي، مقابل مبالغ مالية تتراوح بين 50 و200 ألف ليرة سورية عن كل شخص.

ومع انتشار فيروس “كورونا”، أعلنت إدارة معبر “باب الهوى” عن إغلاقة في الثالث عشر من شهر آذار الماضي، أمام حركة المسافرين والحالات المرضية، لمدة ثلاثة أسابيع، مع استمرار الحركة التجارية والمواد الإغاثية، ما يعني عدم تأثر إيرادات الهيئة المالية من المعبر.

معبرين داخليين فقط

خلال حملة القوات الحكومية الأخيرة، فقدت “هيئة تحرير الشام” موارد اقتصادية ومعابر استراتيجية مع مناطق سيطرة الحكومة السورية، بعد أن سيطرت الأخيرة على مساحة تقدر بأكثر من ألفي كيلو متر مربع، وبالتالي فقدت الهيئة مدخولات مادية لا يُستهان بها، خصوصاً أن الحركة التجارية بين النظام والهيئة لم تنقطع خلال السنوات السابقة، وتقدّر بملايين الدولارات شهرياً.

وأمام هذا الواقع الجديد، عملت “الهيئة” على تثبيت وجودها في المناطق التي لازالت تسيطر عليها، ولا سيما المعابر التي تفصلها عن مناطق “درع الفرات”، التي تتواجد فيها المعارضة، حيث تدير “الهيئة” معبرين فقط: الاول معبر “الغزاوية”، الذي أنشأته “هيئة تحرير الشام” بعد سيطرتها على عدة مدن وبلدات في ريف حلب الغربي العام الماضي، ويقع عند قرية “الغزاوية” المقابلة لبلدة “سمعان”، ومخصص لعبور المدنيين والحركة التجارية،  وتفرض فيه “الهيئة” إتاوات على نقل المواد والمعامل والآليات إلى مناطق نفوذ “فيلق الشام” في منطقة عفرين.

أما المعبر الثاني فيسمى معبر “دير بلوط”، ويقع على أطراف بلدة “دير بلوط” المتاحمة لمحافظة إدلب، وهو أيضاً مخصص لعبور المدنيين والبضائع التجارية.

وتتحكم “الهيئة” بالمعبرين، لكونهما المنفذين الوحيدين بين إدلب وريفها من جهة، وريفي حلب الشمالي والشرقي من جهة أخرى، وتفرض رسوماً على كل ما يدخل ويخرج من مناطقها إلى مناطق فصائل المعارضة.

واكتظت المعابر بمئات السيارات والمدنيين من الاتجاهين، بعد التعميم المفاجئ الذي أصدرته “الإدارة العامة للمعابر” في “حكومة الإنقاذ”، التابعة للهيئة، والقاضي بإغلاق كافة المعابر والمنافذ الحدودية، ومنع دخول وخروج المدنيين منها، اعتبارا من الأول من نيسان وحتى الخامس عشر منه. باستثناء الحالات الإنسانية، وكذلك الحركة التجارية ومواد الإغاثة، وبرّرت الأمر بالحرص على سلامة الأهالي في تلك المناطق من الإصابة بفيروس “كورونا”.

وقال “أبو هيثم”، أحد سائقي الشاحنات بين مناطق الهيئة ودرع الفرات إن «هيئة تحرير الشام قامت بوضع السواتر الترابية على المعابر، لفصل إدلب عن ريف حلب الشمالي والشرقي، ولم يعد بمقدور النازحين العودة إلى منازلهم، بعد توقف المعارك والتهدئة الحاصلة في إدلب».

وأضاف المصدر لموقع “الحل نت” أنه «قبل أيام كانت مئات السيارات تنتظر عند المعابر دون أدنى إجراءات وقائية، فيما يتم تسهيل حركة مرور البضائع والمواد التجارية مقابل تحصيل الرسوم، التي زادتها “الهيئة” مع انتشار فيروس “كورونا”، خصوصاً الرسوم على المواد الطبية».

يشار إلى أن قيادياً في هيئة تحرير الشام قد تحدث لـ “المرصد السوري لحقوق الإنسان” قبل أيام عن العائدات الشهرية للهيئة من المعابر التي تسيطر عليها، وقدرها بنحو ثلاثة عشر مليون دولار شهرياً.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.