لم يعد هناك أيّ شك في أن الحملة العالمية الواسعة من المقاطعات والاحتجاجات المناهضة لفرنسا والتصعيد اللفظي وحتى التهديدات والدعوات بالقتل ضد #فرنسا قد أشعلتها “تركيا أردوغان”.

السؤال هو معرفة ما هو غرض دولة عضو في #حلف_الناتو، والتي يفترض بها أن تكون “صديقاً” للغرب ولا تزال مرشحة للاندماج في #الاتحاد_الأوروبي، بالتجرؤ على تأجيج نيران صدام الحضارات بين الإسلام والغرب وبالتالي تأجيج استراتيجية (جنون العظمة) لأسوأ القوى الجهادية التي تقدّم الغرب باستمرار على أنه «عدو المسلمين» لتبرير هجماتها البربرية.

هذا السؤال يستحق المزيد من الطرح، لأن الهجمات التي وقعت في الأسابيع والساعات الأخيرة في فرنسا والنمسا كانت بالتأكيد بتحريض من القوتين الجهاديتين الرئيسيتين: القاعدة، التي أطلقت دعوات لاستهداف الفرنسيين والمسيحيين عن طريق وكالة “ثبات”، وتنظيم داعش، الذي ينتمي إليه جماعة فيينا الإرهابية.

ولكن كذلك بعد حملة دعوات لكراهية فرنسا والتعصب المناهض للغرب والتي انطلقت في جميع أنحاء العالم المسلم من “تركيا أردوغان”. فأردوغان غاضب من فرنسا والنمسا، كما لو كانتا بالصدفة الدولتان الوحيدتان في أوروبا الغربية اللتان أشارتا في السنوات الأخيرة إلى خطر الشبكات القومية المتطرفة مثل “الذئاب الرمادية” والشبكات الإسلامية التركية مثل “ملي غوروس” و”أخوية سليمانسي/ نقشباند” والمساجد التركية في بلدانهم.

ولا يمكن إنكار الصلة بين الاستراتيجية العثمانية الجديدة المتمثّلة في استغلال الشتات التركي الإسلامي في أوروبا ومناخ جنون الارتياب لدى هذه المجتمعات والذي يمهّد الطريق أمام الجهاديين.

لذلك؛ فإن مسؤولية #أردوغان فاضحة، فهو يُعوّل بالتحديد على هذه القدرة على الإزعاج وإظهار القوة لجعل الأوروبيين الذين يرى، مثل الجهاديين، أنهم ضعفاء وجبناء ومنقسمين ويعيشون في قارة قديمة “في طور السقوط”، وأن الإسلام سينتصر عاجلاً أم آجلاً عن طريق التبشير وعلاقات القوة والديموغرافيا.

وحملة تخويف العالم الإسلامي من فرنسا التي أطلقها أردوغان الذي أشاد به الداعية المفضل للإخوان المسلمين #يوسف_القرضاوي باعتباره «خليفة جديد محتمل»، لم تنطل على أحد، لكنها أرهبت البلدان الأخرى.

فدعوة الأوروبيين إلى التهدئة، بقيادة #أنجيلا_ميركل التي منعت حتى العقوبات الأوروبية ضد #أنقرة، يعتبر انتصاراً في حد ذاته لأردوغان، الذي بقي بلا عقاب والذي لا تزال بلاده تواصل الاستفادة من المساعدات المالية الأوروبية وتهديد ثلاث دول أوروبية.

وبالإضافة إلى العلاقات المثبتة في الماضي والحاضر بين تركيا وثلاث مجموعات إرهابية رئيسة (حماس والقاعدة وداعش)، فإنه من الواضح أن دعاية أردوغان المجنونة ضد فرنسا وأوروبا واتهامها بوضع “خطة سرية”، إلى جانب اليهود الصهاينة والأرمن والأكراد، بهدف «تدمير تركيا وتنصير الدول الإسلامية من خلال حملة صليبية جديدة»، قد غذت وشرعت دعوات الجهاديين لضرب ما يصفهم بـ «الكفار الفرنسيين والصليبيين واليهود الأوروبيين».

كما أنه من الواضح أن خطاب أردوغان يساهم في زيادة خطر الإرهاب في أوروبا، حيث يتهم الجهاديون باريس والاتحاد الأوروبي بذات تُهم أردوغان والتي تستحق عقوبة الإعدام بنظرهم.

السيطرة على الشتات التركي الإسلامي في أوروبا: قضية انتخابية وجيوسياسية مزدوجة 

إن تعصّب المسلمين الأتراك في أوروبا، هو حجر عثرة حقيقي بين تركيا، التي تدعو إلى الانفصالية الإسلامية بالتعاون مع جماعة الإخوان المسلمين، والدول الأوروبية المهتمة أكثر بضمان استدامتها واندماج الوافدين الجدد، خاصةً في فرنسا والنمسا.

فصحيح أنه إذا وصل قانون الانفصالية المستقبلي، الذي تريده الأغلبية التابعة لـ ماكرون، إلى نهاية مبتغاه، فإن دوائر الإسلام التركي والشبكات الإسلامية الأردوغانية من مساجد ومدارس ومراكز إسلامية وحركات متطرفة قومية أو دينية سيتم حظرها في فرنسا، كما فعلت فيينا منذ عام 2014.

وهذه ستكون مشكلة حقيقية لسلطة #حزب_العدالة_والتنمية في أنقرة، التي تعتمد بشكل كبير على ملايين الناخبين الأتراك في الخارج، والتي ترى في تحررهم من شبكات أردوغان الإسلامية والقومية خسارة “نشطاء” وأصوات انتخابية.

وقد كانت دعوة أنقرة لمقاطعة المنتجات الفرنسية وتصريحات “السلطان الجديد” أردوغان الفاضحة بشأن معاملة المسلمين في فرنسا مقارنةً بمعاملة يهود أوروبا في الثلاثينيات، في الواقع اتهامات محرّفة تهدف إلى شيطنة ثم تعريض فرنسا للخطر في العالم الإسلامي، في محاولةٍ لثني باريس عن مواصلة سياستها المتمثّلة في إعادة استيعاب المسلمين والأتراك في فرنسا وإبعادهم عن الشبكات الأردوغانية.

وما هدف هذا التهديد بالصدمة الحضارية وحتى هذه الطريقة لتحفيز “قاطعي الرؤوس” الجهاديين المستقبليين في نهاية المطاف، سوى ثني فرنسا والدول الأوروبية الأخرى التي لديها نوايا بقطع الطريق على التوسّع العثماني التركي الجديد.

وبطبيعة الحال، ستهدأ الاحتجاجات والمقاطعات المناهضة لفرنسا في نهاية المطاف، كما لاحظنا ذلك في الماضي خلال الحملات العالمية التي أدت بالفعل إلى غليان العالم الإسلامي ضد #الدانمارك، التي نشرت أولى الرسوم للنبي محمد عام 2004، ثم خطاب “ريغنسبورغ” الشهير للبابا “بنديكتوس” السادس عشر عام 2006 المتهم بـ “الإسلاموفوبيا”، أو ردود الفعل على فرنسا زمن #نيكولا_ساركوزي بمناسبة مشروع قانون الإبادة الجماعية للأرمن والذي يعاقب على الإنكار.

ومع ذلك، فإنه من الواضح أن عواقب حملة شيطنة “الكفار الأوروبيين”، التي أطلقها أردوغان، ستظلُّ محسوسة لفترة طويلة قادمة، مما يؤدي إلى تأثر الرأي العام العربي الإسلامي بأطروحات “الخليفة الجديد للإخوان المسلمين والجهاديين”، مع بصمة لدولة إسلامية كبيرة مثل تركيا هذه المرة.

ويجب تحليل الأزمات الأخيرة بين ماكرون وأردوغان حول الرسوم الكاريكاتورية للنبي محمد، واتهام “السلطان التركي الجديد” للنمسا بـ “الإسلاموفوبيا” لحظرها شبكات الأئمّة الأتراك المتعصّبين على أراضيها منذ عام 2014، على أنها محاولة مزدوجة من قبل أردوغان لتوطيد قيادته القومية الإسلامية والإقليمية لعموم تركيا، ومن ثم إقناع باريس وفيينا بالتوقّف عن معارضة تدخل أنقرة في الشتات التركي الإسلامي.

ولكن كذلك توقّف هاتين الدولتين عن معارضة التوسعية العثمانية الجديدة في البلقان (جيران النمسا)، وشرق البحر الأبيض المتوسط (طمعاً ​​بالغاز البحري القبرصي اليوناني)، وفي سوريا وليبيا.

التناقضات الجيوسياسية التركية الأوروبية واستراتيجية الترهيب الأردوغانية 

من أجل جعل الناس ينسون خيبات أملهم الانتخابية الأخيرة والوضع الاقتصادي المزري لبلاده، وهما مشكلتان رئيسيتان في منظور الانتخابات المقبلة لعام 2023، فإنه لم يبق أمام أردوغان سوى اللعب على الحبلين في نفس الوقت: النزعة الإسلامية المتعصبة والنزعة القومية التركية الأكثر عنصرية وفاشية، والتي تعزّزت منذ عام 2017  في التحالف الانتخابي لحزب العدالة والتنمية التركي مع حزب الحركة القومية للذئاب الرمادية.

ومن خلال هاتين الرؤيتين الجيوسياسية التوسعية، ينشر “السلطان التركي الجديد” سياسة التأثير الإقليمي والعالمي بهدف الظهور أولاً كـ “حامي” أو زعيم للعالم الإسلامي السنّي، وذلك في سياق التنافس مع الإسلاموية الثورية الإيرانية الشيعية والمحور السعودي الوهابي والمصري الإماراتي (العدو اللدود للإخوان المسلمين اليوم).

وبصفته الزعيم القومي، فهو يدافع عن “الإخوة الأتراك والتركمان الذين يتعرضون للخطر”، على حد زعمه، في أي مكان في العالم. هذا التوليف “القومي الإسلامي” العدواني لأردوغان يعمل الآن في القوقاز، من خلال المساعدة التركية والجهادية لـ “الإخوة الأذريين المهددين” من قبل الأرمن المسيحيين في #ناغورنو_كاراباخ، الموصوفين بـ “أسوأ خطر على المنطقة”من قبل الرئيس التركي نفسه ونظيره الأذربيجاني.

وكذلك في العالم العربي، في العراق وسوريا، حيث تقصف أنقرة مواقع كردية بحجة “الدفاع عن التركمان الذين هم في خطر”، أو في #ليبيا، حيث الحكومة الإخوانية الموالية لتركيا في #طرابلس ومليشيات مصراتة الإسلامية التي تدافع عنها والذين قدّمهم أردوغان على أنهم “أحفاد الأتراك العثمانيين”.

هناك عدة تعارضات خطيرة بين كل من تركيا وفرنسا أو دول أخرى في الاتحاد الأوروبي، فبالنسبة للتدخل التركي في سوريا، فإن العائق الرئيس هو المساعدات التركية المتكررة للجهاديين والمجازر المرتكبة بحق الأكراد في شمالي البلاد على يد الميليشيات الإسلامية الموالية لتركيا والجيش التركي.

أما في شرق البحر الأبيض المتوسط،​ فإن باريس هي الدولة الوحيدة في الاتحاد الأوروبي التي استنكرت بشدة عمليات التنقيب التركية غير القانونية عن الغاز على حساب المياه الإقليمية لليونان وقبرص.

فهذا التنقيب يُهدّد أيضاً مشاريع #شركة_توتال الفرنسية، وشركة ENI  الإيطالية والشركات القبرصية اليونانية وحتى من مصر والدول العربية الأخرى المجاورة.

وفي ليبيا، تجد تركيا وفرنسا نفسيهما في معسكَرَين متعارضين تماماً، حيث يدعم أردوغان حكومة الإخوان المسلمين، التي تدافع عنها الميليشيات الإسلامية في #مصراتة، من جانبها، تدعم كل من فرنسا والإمارات ومصر وروسيا قوات المشير حفتر وبرلمان طبرق.

وأخيراً، يُثبت إرسال جنود ومرتزقة إسلاميين موالين لتركيا إلى ليبيا و”ناغورنو كاراباخ”، الذي أدانته فرنسا ومن ورائها اليونان وقبرص وأرمينيا، لعبة أنقرة المضطربة مع القوى الإرهابية.

وقد كان هذا التحالف في ذروته بين عامي 2014 و2016 خلال ذروة تنظيم داعش، الذي كانت تغذيه مشتريات المنسوجات والنفط الممنوع من قبل تركيا، ومن ثم بمساعدة لوجستية من الجيش التركي والمخابرات التركية.

وقد أعربت باريس عن أسفها لأن هذه المساعدات مستمرة من أنقرة للجهاديين، والتي لم تتوقّف فعلياً منذ سقوط دولة “الخلافة”، كما أن تركيا مستمرة في تجنيد آلاف الجهاديين العرب والتركمان من سوريا من قبل وكالة المرتزقة التركية “سادات” برئاسة الجنرال “أردوغانيان عدنان تانريفيردي” الذي أرسل آلاف المرتزقة إلى ليبيا منذ نهاية عام 2019 وإلى أذربيجان منذ شهر أيلول 2020.

دولة في حلف شمال الأطلسي تربطها علاقات غامضة بداعش والقاعدة 

من الواضح أن وقوف “تركيا أردوغان” في البحر الأبيض المتوسط ​​ضد دولتين عضوين في الاتحاد الأوروبي وفي القوقاز ضد الأرمن، ومن ثم لعبة أنقرة المزدوجة مع تنظيمي القاعدة وداعش، يُشكّل مشكلة خطيرة بقدر ما هي غير مسبوقة بالنسبة للأمن الجماعي لدول حلف الناتو.

فقد بات هذا الأخير يرى في تركيا – ثاني أكبر جيش في الحلف من حيث العدد والتي تضم 50 رأساً نووياً أميركياً على أراضيها – على أنها “شريك” غير شرعي يهاجم الحلفاء الأكراد للقوات الغربية في سوريا، وبالتالي يساعد بشكل فعلي تنظيم داعش هناك.

إضافةً إلى ذلك، فإن مشروع أردوغان يهدد المصالح الاستراتيجية والحيوية للاتحاد الأوروبي، لاسيما اليونان وقبرص، حيث ستحتكر تركيا 40٪ من احتياطات الهيدروكربون البحرية بشرق البحر المتوسط.

كما تطمع أنقرة في النفط الليبي وتُنشئ قواعد عسكرية وجيوباً جهادية موالية لتركيا على أبواب الاتحاد الأوروبي، في غرب ليبيا، ومن هناك يغادر كل من المهاجرين غير الشرعيين والإرهابيين الذين يستخدمون نفس شبكات التهريب.

وقد تحدث #إيمانويل_ماكرون عن “مسؤولية تركيا التاريخية والجنائية” في ليبيا وسوريا و”ناغورنو كاراباخ”.

من جانبه، أكّد “جان إيف لودريان” وزير الخارجية الفرنسي، أن «القوات الجهادية السورية المرافقة لمناورات الوجود التركي، مختَرَقة من قبل قادة سابقين لجماعات جهادية تدعم الوجود التركي في إدلب».

وبرر “لودريان” الدعم الفرنسي لـ “حفتر” في ليبيا منذ عام 2015 بحقيقة أن الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر، وبدعم من البرلمان الليبي الشرعي في طبرق، «معترف به دولياً لقتاله ضد تنظيم داعش».

تركيا أردوغان وجهاديو تنظيمي داعش والقاعدة في سوريا وليبيا وناغورنو كاراباخ 

أكدت حقائق عديدة لعبة أردوغان المزدوجة مع أسوأ الجهاديين في العالم، لقد دعمت تركيا المتمردين الإسلاميين في الجيش السوري الحر والمناهضين لـ #بشار_الأسد تحت غطاء كتائب إسلامية موالية لتركيا منذ بداية الحرب الأهلية السورية.

فقد دُرّبت كل من كتائب الحمزات، والسلطان مراد، والسلطان سليمان، والمنتصر بالله من قبل وكالة المرتزقة التركية (سادات)، وهذه الكتائب نفسها مرتبطة بالجهاديين في قتالهم ضد الأكراد، الذين كانوا ولا يزالون يحاربون تنظيم داعش.

من جانبه، أدار الجيش التركي عدد من مراكز اختيار وتدريب المرتزقة الإسلاميين الموجودين اليوم للجهاد في ليبيا من خلال القواعد التركية في سوريا في عفرين، شمال حلب، وبإشراف الجبهة الشامية في القبارية، وكتائب المعتصم في المحمودية والشامل وكذلك من قبل ألوية التركمان السوريين “السلطان مراد” و”سليمان شاه”.

كما قامت مجموعات أخرى من المقاتلين الإسلاميين الموالين لأنقرة، مثل #فيلق_صقور_الشام، باحتواء الجهاديين الأوروبيين والأجانب من تنظيمي داعش والنصرة.

وجماعة فيلق الشام، التي تضم نحو 4 آلاف مقاتل والتابعة لجماعة الإخوان المسلمين المصرية، هي إحدى ركائز جهاز المرتزقة الإسلاميين في خدمة التوسع العثماني الجديد.

وهكذا تم “إعادة تدوير” العديد من هؤلاء الجهاديين وتبييضهم بالزي التركي، ومن ثم نقلهم إلى إدلب، آخر معقل كبير لجهاديي القاعدة وداعش السوريين تحت المسؤولية التركية.

وقد تم كل ذلك في إطار الاتفاقات التركية الروسية الإيرانية في #أستانا و#سوتشي، حيث عهدت هذه الدول إلى جيش أنقرة بمهمة تدمير الجماعات الجهادية، لكن أنقرة لم تحترم التزاماتها.

بالمقابل، لا يزال نحو 10 آلاف جهادي من تنظيم القاعدة موجودين في الشمال الغربي من سوريا. وباتت “المنطقة التركية” في سوريا أرضاً خصبة تنطلق منها وكالة (سادات) لتزويد طرابلس بـ “مقاتلين موالين” لصالح معسكر #فايز_السراج في غرب ليبيا.

كذلك كان يُسلّح تنظيم داعش سراً، بمساعدة وتمويل وكالة (سادات) والجيش التركي والمخابرات التركية، كجزء من صراع أنقرة المهووس على السلطة ضد الأكراد السوريين.

وبحسب مصادر للمعارضة التركية، أُرسل عشرات آلاف الجهاديين بهذه الطريقة إلى تركيا للتدريب هناك، منذ 2014، كجزء من إرسال الجهاديين الليبيين إلى سوريا، في البداية.

ومنذ وقتٍ متأخر من شهر تشرين الثاني 2019، أُرسِل الجهاديون بالاتجاه المعاكس، حيث نُقِل أكثر من 6 آلاف جهادي إلى ليبيا. والخطوط الجوية التي قامت بعمليات النقل هي الخطوط الجوية الإفريقية و”الأجنحة الليبية”، التي كان مالكها جزءاً من تنظيم القاعدة في العراق: الليبي عبد الحكيم بلحاج، الذي أصبح “الحاكم العسكري لطرابلس” بعد سقوط القذافي عام 2011.

فـ “بلحاج” هو حلقة الوصل بين الإخوان المسلمين والجهادية العالمية، إضافة إلى كونه نقطة وصل في تركيا، حيث يقيم هناك بانتظام، وقد صار ثرّياً منذ سقوط القذافي بسبب تهريب المهاجرين، فجمع ثروة تقدّر بملياري دولار.

في بداية الثورة السورية، كان الجيش السوري الحر قد تلقى الدعم في الاتجاه المعاكس من الجهاديين الليبيين من قبل الجماعة الإسلامية التي تقاتل في ليبيا اليوم والتابعة لـ بلحاج.

فاللعبة المزدوجة لـ أردوغان، الذي يريد أن يكون المدافع عن حكومة السراج “المعترف بها من قبل الأمم المتحدة”، وعضو حلف شمال الأطلسي ومرشح للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، من ناحية، لكنه يدعم من ناحية أخرى الجهادية الدولية الحالية في العديد من مسارح العمليات، قد باتت أكثر من مجرد إشكالية.

الخليفة التركماني الجديد لتنظيم داعش وجماعة شقيقه الإسلامية في تركيا 

الحقيقة التي غالباً ما يتم تجاهلها، هي أن زعيم تنظيم داعش الجديد، “الأمير محمد سعيد المولى”، الملقب بـ “أبي عمر التركماني” والذي غالباً ما يتم تقديمه على أنه “عراقي عربي” لأن “سليل النبي محمد”، ينحدر من الأقلية التركمانية في العراق، المسيّرة بشدة ومنذ عقود من قبل الدولة التركية.

وهذا الرفيق السابق في الزنزانة لـ “الخليفة” السابق لتنظيم داعش، #أبو_بكر_البغدادي، في #سجن_بوكا الأمريكي، مثير للاهتمام، لأنه لعب دوراً رئيساً في إبادة الإيزيديين في العراق، وفي تهريب عبيد الجنس الإيزيديات إلى جانب الجهاديين التركمان التابعين لأنقرة.

بالإضافة إلى ذلك، ساهم زعيم داعش الجديد في التعاون بين الدولة التركية وتنظيم داعش عندما باع التنظيم نفطه السوري والعراقي وكذلك القطن لتركيا مقابل دعم لوجستي ضد الأكراد في العراق وسوريا ما بين الأعوام 2014 و2016.

وإذا تعافى تنظيم داعش في العراق لبضعة أشهر، فذلك لأن التنظيم محمي من قبل القوات التركمانية المعادية للأكراد والمدعومة من أنقرة.

وقد كشفت صحيفة الغارديان بأن الأخ الأكبر لهذا “الخليفة” التركماني العراقي هو اليوم لاجئ في تركيا، وهو على رأس “جبهة التركمان العراقية”، وهي ائتلاف من الجماعات الإسلامية التركمانية تأسست عام 1995 بدعم من أنقرة.  ولا يمكن إلا أن يكون له صلات مع شقيقه “الخليفة” والدولة التركية العميقة والشبكات الإسلامية في أنقرة.

 

المصدر: (Valeurs actuelles)


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.