عقب اغتيال “فخري زادة”: هل ستردّ إيران في سوريا والعراق أم ستنتظر الإشارات الأميركية والأوروبية؟

عقب اغتيال “فخري زادة”: هل ستردّ إيران في سوريا والعراق أم ستنتظر الإشارات الأميركية والأوروبية؟

توعّد “أمير حاتمي”، وزير الدفاع الإيراني، برد قاسٍ على اغتيال “محسن فخري زادة”، فيما أكد الرئيس الإيراني “حسن روحاني” أن «هذه العملية لن تمرّ دون رد، لكن في الوقت المناسب، ومع الانتباه لضرورة عدم الوقوع في الفخ».

ومع أن روحاني لم يوضح ما عناه بتعبير “الفخ”، إلا أن أولى ردود الفعل الإيرانية كانت المطالبة بتسريع برنامجها النووي، وزيادة تخصيب اليورانيوم بنسبة 20%، وسط دعوات لطرد مفتشي وكالة الطاقة الدولية، الذين اتهمتهم #إيران بتسريب معلومات عن علمائها النوويين، وأخيراً إصدار قرار بتنفيذ حكم إعدام العالم الإيراني السويدي “أحمد رضا جلالي”، المتهم بالتجسس لحساب #إسرائيل.

 

محدودية الخيارت

«الخيار الأوضح لإيران، خلال الأشهر القادمة، هو أنها بلا خيار، هي تسير بالأحرى بمسارات إجبارية، حددها الآخرون، وأقصد هنا أميركا وإسرائيل تحديداً»، بحسب الكاتب والصحفي السوري “ماهر مسعود”.
ويضيف “مسعود” في حديثه لموقع «الحل نت»: «أعداء إيران يضربونها في أكثر النقاط حساسية، لكي يسلبوها قدرتها على الفعل والتحرّك: اغتالوا “فخري زاده”، مدير المشروع النووي الإيراني الأهم، وقبله تمت تصفية #قاسم_سليماني، وينهكون إيران بالعقوبات والحصار الاقتصادي، ويقصفون قواتها في سوريا، وأحياناً في العراق».

ويتابع: «في المحصلة خيارات إيران تكتيكية، مثل العمليات الإرهابية الصغيرة ضد مدنيين، أو سائحين، أو خطف مواطنين. لكن بالمعنى الاستراتيجي لا خيارات أمامها».
ويختتم حديثه بالقول: « ليس أمام إيران سوى انتظار الرئيس الأميركي القادم “جو بايدن”، الذي لن يستطيع العودة للاتفاق النووي، بالطريقة التي تتمناها إيران».

 

بانتظار بايدن
الولايات المتحدة الأميركية لم تدل بأي موقف رسمي تعليقاً على الحادثة، وفيما كانت إيران تنتظر مفاوضات محتملة مع الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، أكد الأخير، في مقابلة أجراها مؤخراً، أن «العودة للمفاوضات ستكون صعبة، ولن يتم السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي». وتحدث أيضاً عن «ضرورة ضم قوى إقليمية جديدة، إضافة الى #روسيا والصين، للتعامل مع الملف النووي الإيراني».

وعن موقف أميركا من عملية الاغتيال يقول الصحفي والمحلل السياسي “وليد الشيخ”: «رغم امتناع أميريكا رسمياً عن التعليق، إلا أن الإعلام الأوروبي أكد أنه لا يمكن تصور قيام إسرائيل باغتيال “فخري زادة”، دون ضوء أخضر من دونالد ترامب، الرئيس الأميركي المنتهية ولايته. ويدعم هذا الرأي قيام ترامب بإعادة مشاركة تغريدات على تويتر، جاء فيها أن العالم النووي الإيراني “مطلوب لدى الموساد منذ عدة سنوات”، وكذلك قيام وزير خارجيته “مايك بومبيو”، أثناء زيارته لإسرائيل، بالإعلان عن عقوبات اقتصادية جديدة، ضد شركات صينية وروسية تتعاون مع إيران».

ويتابع “الشيخ” في حديثه لموقع «الحل نت»: «بايدن سبق وأن وصف نهج ترامب مع إيران بـ”الكارثي”، وأشار لضرورة التعاون مع أوروبا للعودة للاتفاق النووي مع إيران، ورفع العقوبات عنها، بشرط التزامها التام ببنود الاتفاق، لكن ليس من المتوقع أن تقوم إدارة بايدن بالعودة للاتفاق كما كان».

وعن تفاعل السياسية الإيرانية مع التطورات الدولية يقول “الشيخ”: «إيران تقوم بلعبة توزيع الأدوار بين معتدلين ومتطرفين داخل إدارتها، فنجد الرئيس روحاني يتحدث بشكل ديبلوماسي، بينما يصف “إسماعيل قاآني”، قائد #الحرس_الثوري الإيراني، الأميركيين بـ”الجهلة الجبناء، غير القادرين على التفاوض”، ونجد إيران تخالف الاتفاق النووي مؤخراً، بزيادة مخزونها من اليورانيوم ضعيف التخفيض، ونقل سلسلة من أجهزة الطرد المركزي، من مفاعل “ناتانز” إلى مواقع أخرى تحت الأرض».

ويتوقّع “الشيخ” «أن يجري الإيرانيون والأميركيون مفاوضات بوساطة أوروبية، تحاول فيها إدارة بايدن كسب أكثر ما تستطيعه، فيما يسعى من خلالها النظام الإيراني لتقليل خسائره قدر الإمكان».
بدوره يرى الدكتور “هاني سليمان”، رئيس المركز العربي للبحوث والدراسات، أن «إيران لن تقبل بالشروط التي حددها بايدن، لأنها تعني، في مضمونها، تقزيم مبادئ الثورة الإيرانية، وتنازل #طهران عن مشاريعها الإقليمية».
“سليمان” أكد، في حديثه لموقع «الحل نت»، أنه «لا يتوقع حدوث انفراج في العلاقات الإيرانية الأميركية، فإيران لن تقبل بإشراك الدول الأخرى في المفاوضات، لأنها تعتبر ذلك نوعاً من الوصاية الاقليمية، ولن توافق على حضور #السعودية والأمارات، بوصفهما طرفين مراقبين».

 

القلق الألماني

وعن موقف #الاتحاد_الأوروبي من عملية  اغتيال “فخري زاده”، يقول “وليد الشيخ”: «ألمانيا والاتحاد الأوربي مستاءان للغاية من العملية، ويعتبرانها فخاً لجر إيران لرد عنيف، في محاولة متعمدة لتخريب جهود إدارة بايدن للعودة للاتفاق النووي. فـ”جوزيب بوريل”، مفوض الشؤون الخارجية والأمنية للاتحاد الأوربي، وصف العملية بـ”العمل الإجرامي”، وأكد على ضرورة ضبط النفس لتفادي التصعيد، وهو تقريباً ما ذهب إليه “هايكو ماس”، وزير الخارجية الألماني، الذي طالب إيران بضبط النفس».

ويسترسل “الشيخ” بالحديث عن الموقف الألماني: «تقود #ألمانيا جهوداً أوربية حثيثة، لتمهيد الأرض لإعادة إحياء الاتفاق النووي مع إيران، فور تسلم بايدن للسلطة، وترى أنه لا حلّ مع إيران سوى الديبلوماسية، خاصة أن ألمانيا تُعدّ ثالث أهم شريك تجاري لإيران، بعد #الصين واليابان، بينما تعد إيران ثاني أهم شريك تجاري لألمانيا في الشرق الأوسط بعد إسرائيل، والشركات الألمانية كانت من أكثر المتضررين من العقوبات الاقتصادية على إيران، التي أطاحت بعشرة آلاف فرصة عمل في ألمانيا».

 

معركة في سوريا والعراق؟
أما عن تداعيات عملية الاغتيال على سوريا والعراق فيرى الدكتور “هاني سليمان” أن «الرد الإيراني، داخل الشرق الأوسط، سيكون من خلال الميلشيات الإيرانية، المتوزعة في دول المنطقة، وبالتالي فقد ترد إيران على اغتيال “فخري زادة” باستهداف المصالح الغربية في #لبنان أو سوريا أو العراق».
ويبيّن “سليمان” أن أن «الرد الإيراني سيزيد الأجواء توتراً في الداخل العراقي. أما في الداخل السوري، فستعمل إيران للضغط على إسرائيل بشكل مباشر، عن طريق مليشياتها، المنتشرة على الحدود السورية مع إسرائيل».
إلا أن “سليمان” يعتقد، في الوقت نفسه، أن الرد سيكون «محدوداً، ولا قيمة كبيرة له، لعدة اعتبارات، منها ضرورة ضبط النفس لحين وصول بايدن إلى سدة الرئاسة، وعدم استفزاز أطراف الأخرى في المنطقة، وخاصة إسرائيل والسعودية».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.