قبل عقدٍ كامل، شنّ #بشار­­_الأسد حرباً على شعبه، بدلاً من قبول مطالبهم بالإصلاحات الديمقراطية، قبل أن يلقي مئات الآلاف حتفهم في الصراع الذي اجتذب قوى أجنبية ودمر معظم أنحاء البلاد، ونزح نصف سكان ما قبل الحرب البالغ عددهم 22 مليون نسمة.

واليوم، تحدّ مجموعة من الاتفاقيات التي تضم أميركا وإيران وروسيا وتركيا من القتال على الأراضي السورية، لكن هذه البلاد باتت مُقسّمة إلى جيوب، لكل منها حامية أجنبية، كما رُسِّخت الإدارات المحلية التي تدير اقتصاداتها الخاصة كذلك.

واستعادت القوات الحكومية وحلفائها معظم المدن الكبرى واستحوذت على حوالي 60٪ من الأراضي، بعد أن كانت تسيطر على حوالي 30٪ فقط من الأراضي السورية عام 2014، بحسب تقريرٍ لـ (The Economist).

لكن انتصارات الأسد تلك، كانت باهظة الثمن، فالاقتصاد السوري في وضع أسوأ من أي وقتٍ مضى خلال العقد الماضي. ويتم تداول الليرة السورية بحوالي 1٪ من قيمتها قبل الحرب بالدولار في السوق السوداء.

ويمكن لحكومة الأسد أن تدفع 15 دولاراً شهرياً فقط لموظفي الخدمة المدنية، بينما يقضي الناس في جميع أنحاء البلاد ساعات في الوقوف في طوابير للحصول على البنزين والخبز.

وأسباب الأزمة كثيرة، بما في ذلك الحرب والفساد والقيود المرتبطة بفيروس كورونا والعقوبات الأميركية وانهيار البنوك اللبنانية، أما #روسيا و#إيران الحليفان الرئيسان للأسد، فلا يقدمان سوى القليل من المساعدة، ويرجع ذلك جزئياً إلى أنهما يعانيان أيضاً.

أما الأسد، فليس لديه لا إجابات ولا حلول، وكثيراً ما يتجاهل في خطبه مشاكل سوريا الكبيرة. وقد أُعلن أنه وزوجته أسماء، مؤخراً عن إصابتهما بفيروس كورونا، ربما هرباً من الظهور.

أما خارج العاصمة، فيبدو أن حكومة الأسد أقل سيطرة حتى في المناطق التي تسيطر عليها اسمياً، فالقوات الروسية تعمل دون رادع، بينما تسيطر الميليشيات المدعومة من إيران على الحدود بين مناطق سيطرة النظام والعراق ولبنان.

بينما ينظر السوريون إلى إخوانهم من الطوائف المختلفة لمعرفة نوع الدعم الذي قدمته الحكومة ذات يوم، فالقبائل الدرزية في الجنوب والعربية في الشرق وحتى الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد على الساحل؛ تدافع عن نفسها بشكل متزايد، والاشتباكات بين هذه المجموعات باتت شائعة.

وفي شمال شرقي سوريا، يدير سكانها أمورهم الخدمية والاقتصادية وحتى الدفاع عن أنفسهم بفضل قوتهم العسكرية قوات سوريا الديمقراطية، ضمن إدارةٍ ذاتية تشارك فيها جميع المكونات.

وقد شنّت تركيا، منذ عام 2016، هجمات داخل سوريا، واستولت على الزاوية الشمالية الغربية ومناطق على طول الحدود، وسلّمت إدارتها لفصائل المعارضة، بعد أن نفّذت تطهيراً عرقياً بحق سكانها الكُرد.

ربما لو حاول الرئيس السوري بأن يكون أكثر براغماتية من خلال عقد صفقات مع السلطات الإقليمية ونقل السلطة، لاستطاع إبقاء البلاد موحّدة، لكنه يخشى أن يتم اعتبار التسوية كعلامة على الضعف، لذلك فهو يهدد بمزيد من الحرب بدلاً من ذلك.

وغالباً ما يعيد الأسد الابن في خطبه إحياء مجازات والده القديمة عن أمجاد الحضارات العربية والإسلامية، لإثارة ذعر الأقليات.

أما إعلاميو البلاط، فيدينون السوريين خارج المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية على أنهم إرهابيون. فالكل يستهدف أولئك الذين فروا أو تحرروا من حكم بشار الأسد، ويرغب الكثير منهم في العودة، ولكنهم يرغبون أيضاً في رؤية شخصٍ آخر في الحكم.


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.