لم تعد الحرب السورية تحظى بأيّة شعبية في روسيا، فلم تولّد “معالم النصر” التي أُحضِرت من سوريا، وطافت المدن الروسية في عام 2019، الحماس المتوقع.

كما توقّفت الإعلانات المظفرة، ومقاطع الفيديو الخاصة بالغارات الجوية الروسية، والحفلات الموسيقية في أطلال #تدمر أو التقارير المتعلقة بالمساعدات المقدمة للسكان السوريين.

مع ذلك، يبدو أن القوات الروسية في سوريا، ليست على عجلةٍ من أمرها بالعودة إلى الديار. وستكمل مهمتها بتكتم، لكن بعد الانتصارات العسكرية، بدأ الخوف من التعثر في الرمال السورية المتحركة بالظهور، وفق تقريرٍ لصحيفة (Le Monde) الفرنسية.

فبدعمٍ من قواعدها في #طرطوس و#حميميم، استغلت #موسكو المسرح السوري لتجربة معدات جديدة، إذ استخدمت نحو 500 جنرال و90٪ من الطيارين الروس في سوريا، بحسب إحصاءٍ نشرته صحيفة (كراسنايا زفيزدا) العسكرية في تشرين الأول  2020.

أما على المستوى الجيوسياسي، فإن المكاسب الروسية لا جدال فيها، فقد سمح الصراع السوري لروسيا، باستعادة مكانتها كقوة عظمى لا يمكن تجاهلها، وليس فقط من خلال قوتها المثيرة للبلبلة والإزعاج.

ففي غضون ست سنوات، أثبتت موسكو نفسها كلاعب مركزي في اللعبة السورية، وباتت قادرة على التحدث إلى #إيران وكذلك إلى #إسرائيل، وقبل كل شيء، إبقاء الغرب في مأزق.

لكن منذ نهاية عام 2018 والاستقرار النسبي للجبهات، أصبحت المعادلة أكثر تعقيداً، فرؤيتك لنفسك كحكم للفوضى لا يكفي لحل النزاع، ولا لمحو المصالح المتضاربة لأبطال المسرحية.

ويشير “ألكسندر شوميلين” مدير مركز دراسات أوروبا والشرق الأوسط في أكاديمية العلوم الروسية، إلى أن «مواقف الجهات الفاعلة الأكثر انخراطاً (روسيا وإيران وتركيا) قد وصلت إلى نقطة توازن، وبالتالي؛ يمكن أن يؤدي عمل أحدهم منفرداً إلى مشاكل للآخرين، أو تدهور الوضع العام».

وكاد هذا “الطريق المسدود” أن يتدهور إلى حربٍ مفتوحة مطلع عام 2020، عندما قررت #أنقرة إطلاق قواتها لوقف تقدم القوات الحكومية في محيط #إدلب. ومنذ ذلك الحين، فقدت عملية #أستانا التفاوضية بعضاً من طموحاتها الأولية، لتصبح مجرد أداة لخفض التصعيد.

ويقول “ماكسيم سوتشكوف، الباحث في معهد الشرق الأوسط: «لم يعد لدى موسكو الكثير من الحيل، لأن استخدام القوة لم تعد الأداة الحصرية، ومعظم الأدوات الآن في يد الأسد».

إنها مفارقة للتدخل الروسي! فبينما كان “الأسد” بحاجة إلى الروس من أجل بقائه، يعتقد “شوميلين” أن «العلاقة قد انعكست تقريباً، وتجد روسيا نفسها الأكثر اعتماداً على بشار الأسد، لأنه لا بديل لديها اليوم».

فرغم أن الرئيس السوري لم يستعد السيطرة على البلاد بأكملها، إلا أن الدول المعادية له سابقاً، وخاصةً دول الخليج، تتودّد إليه اليوم.

وهذا يسمح له بتحرير نفسه من الوصاية الروسية، حتى عندما تحتاج موسكو إلى تعاونه لتحقيق أهدافها بجعل نظامه مقبولاً لإقناع الغرب بالمشاركة في إعادة إعمار البلاد، والحصول على حل سياسي بين الأطراف السورية، مما يسمح لموسكو بالوصول إلى قمة ما تبتغيه.

يقول شوميلين: «استياء موسكو من دمشق قوي، فهناك شعور بأن بشار الأسد يخرب الجهود الروسية».

ومن الأمثلة على هذا “التخريب”، لم تنجح اللجنة الدستورية، التي جمعت، برعاية الأمم المتحدة، بين أعضاء النظام والمعارضة والمجتمع المدني، في تعديل مادة واحدة من الدستور السوري، بسبب التعطيل من جانب دمشق.

ويقول سوتشكوف: «روسيا عالقة مع الأسد، ومن الملاحظ أن الأسد يستخدم التعطيل لتعزيز سلطته، ولست متأكداً من وجود حلول كثيرة في موسكو للخروج من هذا المأزق».

وفي الانتظار، سيتم توسيع قاعدتي #طرطوس و#حميميم لإدامة الوجود الروسي في سوريا. فالبقاء على الأرض السورية أمر حتمي ومكلف، ما بين 2.5 مليون دولار و4 ملايين دولار في اليوم، وفقاً لبعض المصادر.

أما الخسائر في الأرواح، فتصل إلى ما بين 117 و191 جندياً، وفقاً لبيانات غير شاملة، والتي يجب أن يضاف إليها مقتل أكثر من 250 من المرتزقة من شركة #فاغنر، التي لم يعترف #الكرملين بوجودها مطلقاً.


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.