الانسحاب الأميركي من المنطقة: لماذا تريد إيران انسحاب القوات الأميركية من العراق وبقاءها في أفغانستان؟

الانسحاب الأميركي من المنطقة: لماذا تريد إيران انسحاب القوات الأميركية من العراق وبقاءها في أفغانستان؟

تسود الشارع الأفغاني حالياً حالة من الترقّب، خشية وقوع حرب أهلية في البلاد، بعد إعلان الإدارة الأميركية نيتها سحب قواتها من #أفغانستان، وسط انقسام كبير، بين مؤيدي الانسحاب ومعارضيه.

ويؤكد رافضو الانسحاب أنه سيؤدي لسيطرة المتشددين، من حركة #طالبان وغيرها، على البلاد، فيما يعتبره مؤيدوه انتصاراً ضد قوى الاحتلال، التي هيمنت على بلدهم حوالي عقدين من الزمن.

وعبّر عدد من الدول، مثل باكستان والصين وإيران، عن مواقف متباينة من الانسحاب الأميركي المزمع، وإن كانت تلتقي بإبداء القلق حول مستقبل البلاد، في ظل الفراغ الذي سيخلّفه الأميركيون وراءهم.

 

إيران مع بقاء الأميركيين

#إيران، الجارة الغربية لأفغانستان، أعربت عن خوفها من تداعيات الانسحاب، خشيةً من سيطرة حركة طالبان على الساحة الافغانية، رغم حالة العداء المعلن بين #طهران وواشنطن، وهو ما يفسّره “غسان حمدان”، الخبير بالشؤون الإيرانية والأفغانية، بـ«خشية الحكومة الإيرانية من انتعاش التطرف الديني والقومي الأفغاني على حدودها الشرقية».

“حمدان” قال لموقع «الحل نت»: «رغم أن إيران لا تحتمل وجود القوات الأمريكية في الدول المجاورة لها، وتسعى لدفعها للانسحاب من العراق خصوصاً، إلا أن المجاميع المتطرفة الأفغانية تناهض إيران بشراسة، والأمر لا يقتصر على التيارات الاسلامية، وإنما الجهات القومية الأفغانية غير الدينية».

وأضاف: «ربما تبرز جهات منفلتة، على الحدود الأفغانية الإيرانية، تسبب مشاكل حدودية لاحقاً لطهران»، مشيراً إلى «مخاوف إيرانية أخرى، مثل خسارة السوق الأفغاني، الذي سيطرت على جانب كبير منه لسنوات، بعد غزوه بالبضاعة والمواد الغذائية الإيرانية».

وشدد أن «المشكلة لا تقتصر فقط على حركة طالبان، التي ستستغلّ بالتأكيد خروج القوات القوات الأميركية، وإنما تنظيم #داعش أيضاً، الذي سينتهز الفرصة للظهور من جديد على الساحة الأفغانية، فضلاً عن الخلافات القومية والطائفية بين الأفغان، مثل الصراع بين قومية البشتو السنيّة، التي تشكل أغلبية الشعب الأفغاني، وأقلية الهزارة الشيعية، الأقرب لغوياً وإثنياً إلى الإيرانيين».

ونوّه الخبير بالشأن الأفغاني الى أنه «في حال نشوب حرب أهلية في البلاد، سيظهر قادة جدد غير معروفين، من أبناء الأحياء الفقيرة والقوميات المضطهدة، الذين لا يريدون أن يكونوا ضحايا لغيرهم بلا مقاومة، ما يعني أن الأمور قد تخرج عن السيطرة تماماً، وهذا بالتأكيد ليس في صالح طهران».

وكان الجنرال الأميركي “سكوت ميلر”، قائد القوات الأميركية وقوات حلف #الناتو في أفغانستان، ، قد أعلن «بدء انسحاب منظم للقوات الأجنبية من البلاد، وتسليم القواعد العسكرية والمعدات الحربية للقوات الأفغانية»، منهياً بذلك ما يعتبره مراقبون أطول حرب تخوضها الولايات المتحدة خارج حدودها.

 

الدعم الأميركي مستمر

ورغم المخاوف الكبيرة من الانسحاب الأميركي أكد “غسان حمدان” أن «الولايات المتحدة سوف تستمر في دعم الحكومة الأفغانية، وهذا ما ستفعله أيضاً معظم الدول الكبرى والمنظمات الأممية، التي لا مصلحة لها بانزلاق البلاد نحو الفوضى».

مشدداً على ضرورة «عدم الثقة بحركة طالبان، لانها غير ملتزمة بحفظ السلام، أو المشاركة في حكومة وحدة وطنية»، مستبعداً أن «تتخلى الحركة عن سلاحها، أو المشاركة في أي عملية سياسية. وحتى إن شاركت فستكون مشاركتها شكلية»، لافتاً الى أن الحركة «تطمح لاحتلال العاصمة الأفغانية كابل، بعد اعتقادها بالانتصار على واشنطن، التي قبلت التفاوض معها، ما أعطى الشرعية لوجودها. وحركة بهذا الطموح لن تدخل في مفاوضات سياسية مع أطراف محلية، للتوصل لحكومات وحدة وطنية».

وكانت الولايات المتحدة قد وقّعت اتفاقاً مع حركة طالبان، بعد مفاوضات طويلة استمرت لسنوات، وتعثّرت أكثر من مرة، في #قطر، بتاريخ التاسع والعشرين من شباط/فبراير 2020، ينظّم انسحابا تدريجياً للقوات الأميركية من أفغانستان، ويمهّد لمفاوضات مباشرة بين حكومة كابل وطالبان، وهو اتفاق وصفه البعض بـ«التاريخي».

 

تفكك البلاد

من جهته تحدث الباحث الأفغاني “حسين حسيني” عن «خطورة انسحاب القوات الأميركية، مع تقدم حركة طالبان، وتنامي تنظيم داعش والحركات القومية الأفغانية المتطرفة».

وقال “حسيني” لموقع «الحل نت» إن «الانسحاب الأميركي من أفغانستان ليس قضية جديدة، ففي عام 2014 وافق الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما على انسحاب جانب من القوات الأميركية من أفغانستان، مما أثار قلقاً كبيراً آنذاك، وإن لم يؤد إلى نتائج خطيرة».

وأضاف: «الشيء نفسه يحدث الآن، إلا أن النتائج قد تكون أخطر، فالبلاد مليئة بالجماعات المتطرفة، وسط ظروف معيشية وواقع خدمي شديد السوء».

محذراً من «تحالف هذه الجماعات لمواجهة الحكومة الأفغانية، أو السيطرة على مناطق ومدن كاملة في البلاد، بعيداً عن سلطة الحكومة المركزية، وهذا ما تقوم به بالفعل حركة طالبان، التي باتت منذ زمن بعيد دولة داخل الدولة».

ويضم المجتمع الأفغاني مجموعات عرقية مختلفة، مثل البشتون والطاجيك والهزار والبلوش والتركمان والأوزبكيين والعرب وغيرهم، وبعض هذه المجموعات يطالب بالانفصال، أو التمتع بوضعية قانونية خاصة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.