أوضح “جيمس جيفري” المبعوث الأميركي السابق إلى سوريا، أن إدارة الرئيس الأميركي “جو بادين” «تواجه أزمة مصداقية عامة فيما يرتبط بالتزامها تجاه الشرق الأوسط الأوسع، عقب الانسحاب من أفغانستان»، معتبراً أن الموقف العسكري الأميركي في سوريا «مثيرٌ للقلق».

وما يعزز تلك الشكوك، بحسب مقالٍ لـ “جيفري” نشره مركز (wilsoncenter) للأبحاث، هي «الرحلة الأخيرة للمسؤولين الأميركيين إلى المنطقة والاتصالات التي جرت مع القادة العرب والإسرائيليين».

ففي ظل ما اعتبره «الاحتجاج الدولي بشأن الانسحاب الأميركي والحاجة الجديدة لإظهار العزيمة الراسخة ضد الإرهابيين، لاسيما داعش»، يرى المبعوث الأميركي السابق، أنه من «غير المرجح أن تنسحب الولايات المتحدة من سوريا».

وحول مبادرة العاهل الأردني الملك “عبد الله الثاني” في شهر تموز الماضي، قال “جيفري” إن الملك «أثار فرصة للقيام بذلك، فخلال زيارته الأولى لواشنطن في ظل الإدارة الأميركية الجديدة، اقترح الملك الأردني جهداً دولياً جديداً، حيث حشد مجموعة من الدول المعنية لتقديم تسوية وسط من خلال الروس».

ورغم ما اعتبره إشادة من المسؤولين الأميركيين بالفكرة من حيث المبدأ، رأى “جيفري” أنهم «لم يجيزوا منها حتى الآن سوى تسهيل نقل الكهرباء الأردنية عبر سوريا إلى لبنان».

موكّداً على أن فكرة العاهل الأردني «إذا اتُّبِعت بذكاء، يمكن أن تساعد في استقرار الصراع السوري، دون دورٍ أميركي مركزي بشكلٍ مفرط، لكنها ستتطلب دعماً واضحاً من البيت الأبيض».

لافتاً إلى أن عمّان «تتفهم أنه لا يمكن أن تقود صفقة مع موسكو بمفردها، وبالتالي تسعى للعمل من خلال مجموعة من الدول، التي يؤدي ضغطها على الأسد إلى منع أية عودة إلى الحياة الطبيعية، حيث يراها (الأسد- بوتين) انتصاراً».

ووفق “جيفري”، فإن عمّان تدرك أن المجتمع الدولي «لا يستطيع الضغط من أجل تحقيق أهداف قصوى، مثل رحيل الأسد أو تخلي روسيا عن موقعها العسكري».

لكن في مقابل تخفيف الضغوط بشكلٍ تدريجي على الأسد، يمكن لدمشق وموسكو التنازل في بعض القضايا السورية المهمة لصالح الدول الضاغطة، مثل نزع السلاح الاستراتيجي الإيراني، وتغيير سياسات الأسد تجاه شعبه، بالإضافة إلى التعبئة ضد داعش وإنهاء برنامج الأسد للأسلحة الكيماوية».

في غضون ذلك، يؤكّد “جيفري”، أن سلوك الحكومة السورية الأفضل «قد يؤدي إلى إعادة دمج قوات المعارضة المسلحة، بما في ذلك قوات سوريا الديمقراطية، حليف أميركا، الأمر الذي من شأنه تهدئة مخاوف تركيا بشأن حزب العمال الكردستاني والأعداء الآخرين على حدودها»، معتبراً أنه «يمكن دمج هذه الحزمة بأكملها في عملية السلام التابعة للأمم المتحدة».

ويعتقد “جيفري” أن مفتاح النجاح الأردني «سيكون دوراً أميركياً أكثر فاعلية في حشد دعم الدول الأخرى لــ عمّان».

مشدداً على أنه «لا يمكن لواشنطن إعطاء الأولوية لمصالحها الفورية في سوريا -محاربة داعش والمساعدات الإنسانية- وتجاهل مصالح إسرائيل وتركيا وقوات سوريا الديمقراطية والأردن ودول عربية أخرى».

وقال: «يجب على واشنطن أن تُدرِك أخيراً أن النجاح الاستراتيجي الإيراني والروسي في سوريا، الذي يأتي في أعقاب الانسحاب الأفغاني، سيعرض نظام الأمن الإقليمي الأميركي، والأمن العام الذي وفّره منذ عقود، للخطر».


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.