وصل، أمسِ السبت، قطار التسويات التي بدأتها الحكومة السورية سبتمبر/أيلول الماضي، في درعا البلد، إلى مناطق سيطرة “الفيلق الخامس” المدعوم من روسيا بالتزامن مع خروج قائده من درعا إلى الأردن.

وقالت مصادر محلية، لـ(الحل نت)، إنّه: «عقب الاجتماع الذي عقد في مقرّ الفرقة التاسعة بمدينة الصنمين، بحضور “عماد أبو زريق” قائد إحدى المجموعات المحلية التابعة للأمن العسكري مع ضباط من اللجنة الأمنية والشرطة العسكرية الروسية، بدأت إجراءات التسوية في بلدة “نصيب”».

وافتتحت الشرطة الروسية مركزاً مؤقتاً لإجراء عملية التسوية في مبنى “المجلس البلدي” في بلدة نصيب، حيث ضملت التسوية المطلوبين والمنشقين عن الجيش السوري، في كلاً من بلدات “نصيب”، “أم المياذن”، و”الطيبة”.

ووفقاً للمصادر، فإنّ اللجنة الأمنية، بدأت الأحد أيضاً، عمليات التسوية في بلدة “صيدا” بريف درعا الشرقي، وفق اتفاق التسوية الذي وقعته عليه بين اللجنة ووجهاء البلدة.

وافتتحت اللجنة مركزًا لتسوية أوضاع المطلوبين في مبنى بلدية صيدا، وستضم التسوية أيضًا شبانًا من قريتي “كحيل” و”النعيمة” بريف درعا الشرقي.

كيف يتعامل “الفيلق الخامس” مع التسويات؟

وأوضح المقاتل السابق في فصائل المعارضة، “أشرف الصمادي”، لـ(الحل نت)، أنّ معظم المطلوبين في قوائم “صيدا” و”النعيمة” يتبعون للفيلق الخامس، ولم يجروا التسوية ولم يسلّموا سلاحهم حتى الآن.

وكشف “الصمادي”، أنّ اللجنة الأمنية هددت بقصف البلدتين بالمدفعية في حال عدم تسليم 40 قطعة سلاح عن كل بلدة.

وذكر “الصمادي”، أنّ الأسلحة التي يملكها “اللواء الثامن” لا تشملها “التسويات”، إذ تشرف روسيا على تنظيم السلاح الموجود لدى “اللواء”، الذي يملك أسلحة متوسطة مثل رشاشات من عيار “23مم” أو “14.5مم”، بشكل علني.

وتأتي حملة التسويات في الريف الشرقي، بالتزامن مع خروج قائد “الفيلق الخامس” في الجنوب، “أحمد العودة”، إلى الأردن عبر معبر نصيب الحدودي، دون معرفة أسباب خروجه، الأمر الذي أثار عدة تساؤلات عن أسباب خروجه في ظل وصول التسويات إلى مناطق نفوذه شرق درعا.

كيف تجري التسويات بعد “درعا البلد”؟

انتهجت اللجنة الأمنية المكلفة بالتسويات في جنوب سوريا، ويرأسها اللواء “حسام لوقا”، منهج جديد بعد محاصرة درعا وفرض التسوية عليها بالخيار العسكري، دامت مدة هذه الأزمة حوالي شهرين.

وبعد ذلك، رصد (الحل نت)، منهج مغاير اتبعته اللجنة لما قامت به في درعا البلد، حيث كانت اللجنة تحط رحالها في كل بلدة بالريف الغربي وحتى الشرقي، لتضع قوائم أسمية لمطلوبين، وتطلب عدد من السلاح لإكمال عملية التسوية في المنطقة.

كان آخر اجتماع لها، اليوم الأحد، في بلدة “الجيزة”، حيث طرحت قائمة تضم نحو 91 اسماً.

وتعتبر عمليات التسوية عبارة عن بطاقة “تسوية” عليها صورة حاملها الشخصية، ما يجعله غير مطلوب للأفرع الأمنية، ويستطيع التجول بموجبها حيث يشاء.

كما أنّ العسكري المنشق يأخذ أمر مهمة صالحًا لمدة ثلاثة أشهر من تاريخ إبرام “التسوية”، على أن يلتحق مباشرة بقطعته العسكرية خلال هذه المدة.

بعد إخضاع 2300 شخص للتسوية غربي درعا.. ريف درعا الشرقي في مرمى الخريطة الروسية

هل تغيرت ملامح درعا بعد التسوية الجديدة؟

بعد أحداث درعا البلد، والتي شهدت قصفاً مدفعياً وحصاراً دام نحو 75 يوماً، لا يزال الهدوء غير مستتب، مع أنّ التسويات غطت المدينة بريفيها الشمالي والغربي.

فحتى الأمس، لا تزال عمليات الاغتيال بالأسلحة جارية داخل المنطقة، حيث قتل الشاب “رائد محمود الأبازيد” في درعا البلد، بإطلاق نار مباشر، دون معرفة الجاني.

سعت دمشق للسيطرة المطلقة على درعا، لكن ذلك لم يحدث فالتسوية اقتصرت على جمع عدد من الأسلحة، وتسجيل أسماء مطلوبين، وعودة المؤسسات المدنية إلى المناطق التي لم تصلها في أعقاب تسوية عام 2018.

ووفقاً لرئيس “المجلس السوري للتغيير”، المحامي “حسن الحريري”، فإنّ الأوضاع لم تتغير على الصعيد الاجتماعي أو الاقتصادي، سوى أنّ التسوية التي حصلت مؤخراً قطعت سلسلة التهجير نحو الشمال السوري، وبقية التطورات هي تكرار لما حصل في 2018.

وحتى على صعيد المعتقلين، يشير “الحريري” خلال حديثه لـ(الحل نت)، إلى أنّ الوعد بإطلاقهم أو النظر في الأمر لم يتم على الإطلاق.

وباعتقاد”الحريري”، أنّ ما جرى في درعا هو أنّ «النظام يسعى لتوصيل رسالة، أنه يعني يقوم ببسط السيطرة على جغرافيا في المنطقة الجنوبية، وهذا بالنسبة له يعني مهم جداً من أجل الحاضنة الشعبية، في أنّه يقوم بكسب جولات معينة أو ينتصر».

ويرى “الحريري”، أنّ الرئيس السوري “بشار الأسد” يسعى عبر هذه التسويات، لإيهام المجتمع الدولي أنّه يسعى لفرض اللامركزية، حيث سيقوم بفرض ما يسمى الأمن في مناطق سيطرته، ثم تشكيل حكومة ائتلافية تحكم البلاد، كما فعل والده سابقاً عبر صنع “الجبهة الوطنية التقدمية”.

التسويات في درعا مرتبطة بالتغيرات الإقليمية

الصحفية “لور ستيفان”، اعتبرت في تقريرها بصحيفة “لوموند” الفرنسية، أنّ التطورات في جنوب سوريا مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالتغيرات الإقليمية، حيث بدأ تقارب بين عمان ودمشق لإحياء العلاقات الاقتصادية بين الطرفين، وربما لشحن الغاز المصري عبر الأردن وسوريا إلى لبنان، مما يعني أنه لا بد من ترسيخ وجود الدولة في منطقة درعا.

ورأت المتخصصة في الشؤون السورية بمجموعة الأزمات الدولية، “دارين خليفة”، أن التسوية الحالية تشير إلى فشل الروس في ضبط تصرفات الحكومة السورية، التي كانت في نهاية المطاف صاحبة الكلمة الأخيرة.

ولكن “لور” تتوقع أنّه لا يمكن العودة إلى ما قبل 2011، حيث ترى أنّ الطريقة الوحيدة لتحسين الأمور هي تحسين الوضع الاقتصادي للسكان.

وخلال الشهر الفائت، شهدت محافظة درعا عمليات تسوية شملت أحياء درعا البلد في المدينة، وقرى بالريف الشمالي الغربي والشمالي، وتبعها تعزيز القوات الحكومية لنقاط انتشارها في المنطقة لضمان الأمن والاستقرار فيها، دون تغيرات جذرية في المنطقة تذكر.

حصار درعا البلد: هل فشلت روسيا في الحفاظ على اتفاقيات المصالحة أم أنها تعمّدت إشعال الأوضاع في الجنوب السوري؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة