استبشر السوريون خيراً مع بدأ أعمال اللجنة الدستورية عقد اجتماعاتها في جنيف، في جولة جديدة بعد استعصاء دام قرابة العام، إلا أن ذلك لم يستمر وقتاً طويلاً حتى خيّم السواد على ربوع البلاد بقصفٍ وتفجيراتٍ واستهدافٍ خلف ما يقارب 25 قتيل ونحو 30 جريح، ما يطرح تساؤلاً حول أسباب ذلك وتوقيته؟
شمالاً، قال مدير المكتب الإعلامي لقطاع الدفاع المدني بمدينة “أريحا”، “حسن الأحمد”، لـ(الحل نت)، إنّ: «10 قتلى بينهم أربعة أطفال وامرأة قتلوا، وجرح 20 آخرين بينهم إصابات خطرة إثر استهداف القوات الحكومية بالقذائف المدفعية للمدينة يوم أمس الأربعاء».
وفي ذات الوقت، استهدفت طائرات مسيرة تركية سيارة الرئيس المشترك لـ”مجلس العدالة الاجتماعية”، “بكر جرادة”، في مدينة “كوباني” بريف حلب الشرقي (شمالي سوريا)، ما أسفر عن مقتل اثنين وجرح آخرين، بالقرب من مستشفى “أمل” في حي “كوباني الجديد”.
وفي العاصمة السورية، استفاق أهالي دمشق على انفجارين صباح يوم أمسِ الأربعاء قرب ما بـ “جسر الرئيس”، أسفرا عن مقتل 13 موظف يعملون في مؤسسة الإنشاءات العسكرية وجرح 3 آخرون، في حين كشف قائد شرطة دمشق، اللواء “حسين جمعة”، خلال تصريحات صحفية إنّ: «العُبْوَة الثالثة التي تم تفكيكها كانت مزروعة ضمن مركبة لتنفجر أيضا في توقيت حرج».
وعقب الحادثة، صرح وزير الداخلية السوري، اللواء “محمد الرحمون”، أنّ «الهجوم جاء بعد دحر الإرهاب من غالبية الأراضي السورية».
فيما تبنت العملية، مساء أمسِ، مجموعة مجهولة لا يعرف انتماءها أو تبعيتها تسمى نفسها “سرايا قاسيون”.
اقرأ أيضاً: تصعيد خطير يطال مدينة أريحا: هل تتوسع دائرة المعارك في إدلب؟
ضوء أخضر لعملية تركية جديدة؟!
بعد الاستهداف التركي للرئيس المشترك لـ”مجلس العدالة الاجتماعية”، ترجح التكهنات إلى وجود ضوء أخضر لاستمرار الصراع في سوريا عبر عملية عسكرية بقيادة تركيا نحو مناطق “كوباني” و”تل رفعت” في شمال سوريا.
فمنذ مطلع الشهر الجاري، تحوّلت الأنظار في شمال سوريا ما يجري في محافظة إدلب وتطوراتها الميدانية، إلى مناطق ريف محافظة حلب الشمالي، التي تعرف باسم مناطق “الإدارة الذاتية”، في تطورٍ يرى محللون أنه قد يمهد لتغييرات عسكرية ضمن الخريطة المقسّمة بين أطراف النفوذ.
وتزامن ذلك بإرسال الرئيس التركي، مذكرة رئاسية إلى البرلمان، طلب فيها تمديد التفويض الخاص بالعمليات العسكرية في سورية والعراق.
وذكرت تقارير تركية أن المذكرة التي أرسلها أردوغان للبرلمان، أمسِ الأربعاء، تضمنت إخطاراً بوجود تهديدات أمنية على الحدود الجنوبية المتاخمة لسورية، مشيراً إلى أن الصراع في سوريا مستمر.
ورافق ذلك إعلان ولاية غازي عنتاب التركية تعرض قرية “قرقميش” الحدودية، الاثنين الفائت، لقصف بقذائف صاروخية ادعت أن مصدرها هو المناطق الخاضعة لسيطرة “الإدارة الذاتية” في منطقة عين العرب (كوباني)، وهو ما نفته الأخيرة عبر بيان نشرته “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد).
وتشير معظم تصريحات المسؤولين الأتراك إلى أن “قسد” هي من تقف وراء تلك الهجمات، بينما يقول قادة عسكريون في “الجيش الوطني” إنّ ذلك يتم برضا وتنسيق روسي، على اعتبار أن المناطق التي يخرج منها القصف تشهد انتشارًا للأخيرة.
وفي مؤتمر صحفي، عقب ترؤسه اجتماعا للحكومة في المجمع الرئاسي بأنقرة، لوّح الرئيس التركي “رجب طيب إردوغان” بعملية عسكرية مرتقبة في المنطقة، بقوله: إنّ «التحرشات التي تستهدف أراضينا بلغت حدا لا يحتمل».
وقد تشهد الأيام المقبلة، وفق ما تحدث به خبراء عسكريون، عمليات عسكرية ضد مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية”، وأنه من الصعب تحديد نطاقها الجغرافي، إن كانت ستتركز في شرق الفرات أو غربه.
وألمح حول ذلك تصريح مدير “معهد إسطنبول للفكر”، “باكير أتاجان”، لموقع “الحرة” الأميركي، بقوله: «أتوقعها خلال الأيام المقبلة، وربما تكون البداية من منطقة أخرى (غير تل رفعت) وستشمل مناطق كثيرة».
قد يهمك: ضحايا باستهداف طائرة مسيرة لسيارة في كوباني شرقي حلب
هل كُتِبَ على السوريين استمرار الصراع في بلادهم؟
أثارت جملة من التساؤلات بعد أحداث أمسِ الأربعاء، وعن الغرض منها، وعما ستفرضه خلال المرحلة المقبلة.
حيث أنّ هذه التطورات الميدانية تأتي في ظل دعوات دولية لتجميد الصراع في سوريا، في حين تشير أحداث الأمس، إلى أنّ أطرافاً لاعبة في سوريا قد يكون من شأنها الاستفادة من منع تجميد الصراع في سوريا، وإعادة خلط الأوراق وتأزيم الموقف من جديد.
عضو اللجنة الدستورية، المحامي “محمد الصايغ”، أكدّ لـ(الحل نت)، أنّ «مِلَفّ الإرهاب الذي يناقش اليوم في اللجنة الدستورية ليس له علاقة بالأعمال الإرهابية التي حصلت أمسِ، وهي أعمال مدانة ومرفوضة مهما كان الطرف الذي يقف وراء هذه الأعمال».
أما حول تجميد الصراع في سوريا وخلط الأوراق، فيعتقد عضو اللجنة الدستورية، أنّ أن كل طرف من الأطراف في سوريا يملك أوراقاً في مواجهة الآخر.
وبما أنّ الأزمة السورية مستمرة، فيرى “الصايغ”، أنّه ما زالت تفاعلاتها تنعكس وستنعكس على الساحة السورية مادام الحل السياسي لا يزال بعيداً، وارتباط هذا الحل بالتوافق الدولي الذي يتحرك بدلالة مصالحه وليس وفق مصلحة السوريين.
ووفقاً لعضو اللجنة الدستورية، فإنّه منذ تدويل الأزمة السورية، يدفع الشعب السوري ثمن العنف والتفجير واستمرار الصراع في سوريا بأشكاله المختلفة، يضاف إلى ذلك أن استدامة الصراع لأكثر من عشر سنوات وارتباط أطراف الصراع السوري بإرادات خارجية.
وهذه الوضعية التي خلفت الآلام وعدم الثقة وإنكار كل طرف للآخر، هو الذي يعرقل أي مساع لحل سياسي، دون أخذ بالاعتبار مصلحة الشعب السوري، وهو الذي يدفع إلى إعادة خلط الأوراق من مرحلة إلى أخرى ووضع الملف السوري بشكل دائم على صفيح ملتهب.
للمزيد يرجى الاطلاع: الأول منذ عام.. قتلى وجرحى بتفجير مزدوج في دمشق
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.