وعد الرئيس الأمريكي الحالي، جو بايدن، خلال حملته الانتخابية أواخر العام الماضي، بإعادة تأكيد القيادة الأمريكية لحل الأزمة في سوريا. اليوم، وبعد عام من تسلمه منصبه، أصبحت سياسة إدارته نحو سوريا متناقضة وغير مترابطة في آن واحد. وذلك بحسب ما نشرته صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية.

وبحسب ما ترجم موقع “الحل نت” فالفجوة بين ما يقوله فريق بايدن وما يفعله، جعلت المنطقة تعيش في حالة من الارتباك والشعور بالتخلي عن الشعب السوري.

عندما تم انتخابه، كان لدى العديد من السوريين آمال كبيرة بأن يأتي بايدن بخطة شاملة تجمع المجتمع الدولي للتحرك بشأن سوريا ومحاسبة بشار الأسد على جرائم الحرب التي ارتكبها، كما وعد بايدن، إلا أن تلك الآمال قد تبددت إلى حد كبير. ولم تقم حكومة الولايات المتحدة بقيادة بايدن بتنشيط دبلوماسية الأمم المتحدة، وكذلك لم تستخدم النفوذ والتأثير الأمريكي لزيادة الضغط على الأسد بشكل كبير، وفق الصحيفة الأمريكية.

“لا أعرف ما هي سياسة الإدارة نحو سوريا. وأقول ذلك بداعي النقد”، يقول روبرت مينينديز، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ (من الحزب الديمقراطي وممثل عن ولاية نيو جيرسي)، الأسبوع الماضي.

ويصرح رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ علناً أنه من المستحيل فهم سياسة إدارته نحو سوريا. وعلى وجه الخصوص، يقول مينينديز أنه لا يعرف سبب عدم قيام الإدارة الأمريكية بمجهود للتصدي لعملية التطبيع مع حكومة دمشق، بما في ذلك شركاء الولايات المتحدة في المنطقة مثل الأردن والإمارات العربية المتحدة.

بينما يقول الجمهوري البارز في اللجنة جيمس إيلوري ريش (ممثل عن ولاية إيداهو): “لسوء الحظ، يبدو أن هذه الإدارة تغض الطرف، بينما يسعى شركاؤنا العرب إلى تطبيع العلاقات مع الأسد ومتابعة ترتيبات الطاقة فيما يتعارض مع القانون الأمريكي”.

من جانبه، وعد أنتوني بلينكين، مستشار بايدن والذي يشغل الآن منصب وزير الخارجية، بإنقاذ قانون “قيصر” لحماية المدنيين السوريين، والذي يفرض عقوبات على أي شركة أو دولة تساعد الأسد في إعادة إعمار البلاد ما لم يوقف الجرائم المستمرة ضد الإنسانية. وحتى تاريخ اليوم، لم تطبق إدارة بايدن ذلك مطلقاً. ومع ذلك، لا تزال وزارة الخارجية تصر على أن هذه هي السياسة الأمريكية.

“نحن لا نرضخ لتطبيع الآخرين مع الأسد. بل نحن نعارض ذلك بشدة”، يقول مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية خلال بيان له عبر الهاتف مع صحيفة “واشنطن بوست” الأسبوع الماضي. ويتابع قائلاً: “لا يوجد أي تغيير في السياسة عندما يتعلق الأمر في فعل أي شيء يمكننا القيام به لمواصلة تحميل الأسد المسؤولية ولرؤية الأفعال التي تؤدي في الواقع إلى سوريا نموذجية أكثر تمضي قُدماً”.

ومع ذلك، يُرسل أعضاء مجلس الأمن القومي رسائل مختلفة في السر. فقد تم إعلام الصحيفة من قبل مسؤولي مجلس الأمن القومي أنه حدث تغيير في الواقع في السياسة وأن إدارة بايدن لم تعد تعارض بجدية جهود الشركاء العرب لإعادة العلاقات مع دمشق. ويبدو أن المسؤولين من الدول العربية قد تلقوا هذه الرسالة أيضاً.

“أعرف هذا لأنني سمعته من كبار القادة العرب، ففي الواقع تم تشجيعهم ومنحهم الضوء الأخضر للتواصل مع الأسد”، يقول جيمس جيفري، الذي شغل منصب الممثل الخاص لإدارة ترامب لسوريا، ويضيف قائلاً: “يبدو أن هناك انقساماً داخل الإدارة نفسها”.

من جانب آخر، تنفي كل من وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي وجود أي انقسام في حول ما يتعلق بسوريا. ولكن، إذا ما كان جيفري على حق، يبدو أن فريق مجلس الأمن القومي بقيادة المنسق الكبير بريت ماكغورك يفوز على وزارة خارجية بلينكين. وإذا كان بايدن لا يشجع التطبيع مع الأسد، فإنه على الأقل يغض الطرف عن ذلك.

أما مسؤولو بايدن، فغالباً ما يلقون باللوم على إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بشأن الوضع الحالي. ومن المؤكد أن سياسة ترامب تجاه سوريا لم تكن جيدة، فقد أعلن انسحاب القوات الأمريكية من هناك بشكل فجائي مرتين فقط ليتراجع عن موقفه ذلك. وقال ترامب “بوحشية” حينها إن سوريا ليست سوى “رمال ودم وموت” ، وإنه يريد “الاحتفاظ بالنفط”.

وفي الوقت الحالي، الفجوة بين ما تقوله إدارة بايدن وما تفعله تقوض مصداقية الولايات المتحدة. وفي الوقت نفسه، فإن الخلل السياسي لسياسة واشنطن يساعد الأسد وموسكو وإيران ويقضي على أي نفوذ متبقي لدى الغرب للقتال من أجل كرامة الشعب السوري وحقوقه الأساسية.

وغالباً ما يقدم مسؤولو بايدن جهودهم للتفاوض على وقف إطلاق النار المحلي والحفاظ على طرق الإمدادات الإنسانية كأمثلة على حفاظهم على ما يزعمون أنه مستويات منخفضة من العنف. فقد أكد مسؤول كبير في الإدارة الأسبوع الماضي للصحفيين أن العام 2021 كان أحد أكثر الأعوام هدوءاً منذ بداية الحرب في سوريا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.