العنف في السويداء: إلى أين ستؤدي الروابط بين الأجهزة الأمنية والعصابات والقوى الدولية؟

العنف في السويداء: إلى أين ستؤدي الروابط بين الأجهزة الأمنية والعصابات والقوى الدولية؟

تصاعد العنف في السويداء بات أمراً مقلقاً للسكان المحليين والمراقبين لأوضاع المحافظة الجنوبية. فقد استفاقت السويداء، يوم الاثنين العشرين من كانون الأول/ديسمبر، على خبر اشتباكات عنيفة بين “قوات المهام الخاصة”، التابعة للحكومة السورية. ومحتجين من أبناء المحافظة. على خلقية توقيف الشاب “نورس أبو زين الدين” في كراجات العباسيين بمدينة دمشق. أثناء محاولته السفر تجاه مدينة حمص. ومنها إلى لبنان بشكل غير شرعي.

ونتج عن هذه الاشتباكات قنص شاب وإصابة اثنين آخرين. وسط أحاديث منقولة، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، عن أن قوات المهام الخاصة ستردّ على أي احتجاج أو قطع للطرقات بالقوة النارية مهما كان السبب. ما ينذر باشتعال العنف في السويداء.

انفجار العنف في السويداء هدفه إخضاع المحافظة

الناشط المدني “وائل. خ”، شبّه أعمال العنف في السويداء بما حصل في درعا بداية العام 2011. قائلاً، في حديثه لموقع “الحل نت”، إن «”عاطف نجيب” عاد من جديد»، في إشارة إلى “نمر حبيب مخلوف”، محافظ السويداء، الذي يشبّهه كثيرون بـ”عاطف نجيب”، المسؤول الأمني السوري، وقريب الرئيس بشار الأسد، الذي لعبت ممارساته دوراً رئيسياً في انطلاق الاحتجاجات في محافظة درعا، ومن ثم بقية المحافظات السورية.

ويتابع الناشط، الذي رفض ذكر اسمه الكامل، حديثه بالقول: «الهدف من إشعال العنف في السويداء إخضاع المحافظة بشكل كلي. وعودتها إلى ما يسمى “حضن الوطن”. بعد سنوات من الانفلات الأمني المبرمج». حسب تعبيره.

وأشار المصدر إلى أن «من تم قنصه في اشتباكات يوم الاثنين في السويداء شاب يدعى “شادي علبة”. وهو قائد مجموعة مسلّحة من صنع الأجهزة الأمنية نفسها. ويعتبر أكبر تاجر علني للسلاح في المحافظة. وقد افتتح محلات لبيع السلاح. وكأنه يحمل ترخيصاً من الحكومة لبيع المواد الغذائية مثلاً».

ويبدو أن الأجهزة الأمنية أرادت التخلّص من “علبة”، بحسب الناشط المدني، فقامت بـ«استغلال  وجوده بالقرب من المحتجين على اعتقال “أبو زين الدين”، وأردته قتيلاً. رغم تأكيدات كل الأطراف التي خرجت للاحتجاج أنه ليس مشاركاً معها. وما يؤكد نظرية اغتياله بشكل متعمّد هو قنصه برصاصة أصابت عينه مباشرة».

بداية سلسلة من الاغتيالات في السويداء

أخبار أعمال العنف في السويداء باتت الأنباء الأساسية الواردة من المحافظة. فقد انتشرت التعزيزات العسكرية، التي جاءت مع وصول المحافظ الجديد “نمير حبيب مخلوف”، على الحواجز والثكنات والأفرع الأمنية. وكذلك المشفى الوطني في مدينة السويداء.

وانتشرت صور القناصات والدشم الموزعة على أسطح المباني الحكومية عبر مجموعات الاتصال المغلقة على تطبيق “واتس اب”. فيما أشار قائد إحدى الفصائل المحلية الكبيرة أن «المشفى العام في مدينة السويداء بات محتلاً من قبل عناصر مسلّحة. تابعة للمحافظ الجديد».

وأضاف المصدر، في لقاء خاص مع «الحل نت»، أن «قبو المشفى والطابق الأخير من أحد مبانيه بات مليئاً بالمسلّحين. وصور الدشم واضحة للجميع. ما يعني أن المدنيين في خطر».

 وعن أعمال العنف في السويداء، والاشتباكات التي اندلعت طوال يوم العشرين من كانون الأول/ديسمبر. والتي وصلت إلى أمام السرايا الحكومية وقيادة الشرطة في مدينة السويداء، وشهدت عملية اغتيال، يؤكد المصدر أن «اغتيال “علبة” سيكون بداية سلسلة من الاغتيالات. واللافت في الموضوع اتخاذ السلطات قراراً جديداً بفضّ الاحتجاجات بالقوة العسكرية. وهو ما يمهّد لفرض حالة الأمر الواقع في السويداء. وإخضاعها للأجهزة الأمنية مجدداً. مع الإشارة إلى أن عناصر قوات “المهام الخاصة” الجدد، الذي أتوا مع “نمر حبيب مخلوف”، مدرّبون من قبل حزب الله اللبناني. ويتراوح عددهم بين مئة وعشرين ومئة وخمسين عنصراً».

مقالات قد تهمك: تفجيرات السويداء: فوضى الجنوب السوري تثير التكهنات حول الدورين الروسي والإيراني

تغيير قواعد اللعبة في السويداء

أعمال العنف في السويداء، التي أطاحت بواحد من كبار تجّار السلاح، دفعت عدداً من رؤساء العصابات الكبيرة في المحافظة إلى اتخاذ موقف موحّد. فقد قام كل من “راجي فلحوط”، وهو زعيم عصابة مسلّحة تتبع لفرع الأمن العسكري. و”سليم حميد”، زعيم فصيل مسلّح يطلق عليه اسم “قوات الفهد”، بإصدار بيان عن جاهزيتهما للانتقام ممن قتلوا “علبة”.

الإعلامي “ريان معروف” قال إن «التعزيزات الأمنية توزّعت بشكل كثيف في المحافظة. وبدأت الدوريات بتفتيش الهويات. كما تم تعزيز حاجز مدينة شهبا، على طريق دمشق-السويداء، بدبابة وعناصر من الفرقة الخامسة عشرة».

ويتخوّف كثير من شباب المحافظة أن تكون هذه التعزيزات بداية لحملة اعتقالات واسعة. خاصة أن اعتقال “نورس أبو زين الدين”، الذي فجّر العنف في السويداء، لم يكن صدفة. ولا بناء على مذكرات بحث. بل عبر قوة من المخابرات الجوية كانت تترصد به. بحسب عدد من المقربين منه.

ويؤكد “معروف”، في حديثه لـ«الحل نت»، أن «عملية اعتقال “أبو زين الدين” دفعت ببعض رفاقه إلى قطع طريق السويداء- دمشق صباح اليوم الاثنين، العشرين من كانون الأول/ديسمبر. ومحاولة خطف عناصر أمن لمبادلتهم مع المعتقل. وهو أسلوب كانت عدة أطراف في السويداء تتبعه للضغط على الأجهزة الأمنية. لكن يبدو أن هذا الأسلوب لم يعد ينجح. وتم تغيير قواعد اللعبة من قبل أحد الأطراف المسيطرة في حكومة دمشق».

مشيراً إلى «اتخاذ قوات الأمن السورية قرارات غير مسبوقة في محافظة السويداء، على الأقل منذ العام 2014، بالتدخّل المباشر في الحوادث الأمنية. وهذا سيكون له نتائج كبيرة في تصعيد العنف في السويداء».

العنف في السويداء والصراع الروسي الإيراني

وتعليقاً على هذا يقول المحامي “سليمان العلي”، الناشط المدني المعروف، في حديثه لـ«الحل نت»، إن «المخابرات العسكرية، المقرّبة من روسيا، سترفض هذه التغيير في التعاطي مع المحافظة. المرتبط بوصول محافظها الجديد “نمير حبيب مخلوف”. وهو ما يؤكد الخلاف والصراع على السيطرة من قبل أذرع محلية متعددة لقوى خارجية، أبرزها إيران وروسيا. وكل هذا سيكون له نتائج وخيمة. أبرزها تصاعد العنف في السويداء».

ويرى “العلي” أن «كل ما حصل يوم العشرين من كانون الأول/ديسمبر يثبت أن فرع الأمن العسكري وأذرعه هو من أشعل الاشتباكات مع قوات المهام الخاصة. التي لم ترد عليه بشكل قوي. رغم أن الهجوم تركّز على مبنى المحافظة ومبنى قيادة الشرطة في مدينة السويداء. ولو ردت لوقعت مجزرة حقيقية بين الطرفين. ما يعتبر محاولة من المحافظ الجديد لامتصاص الاحتقان بعد اغتيال “علبة“، الذي يعدّه فرع الأمن العسكري من أهم رجاله».  

مختتماً حديثه بالقول: «تبقى روسيا غير بعيدة عما يجري. الأمر الذي تؤكده التعزيزات العسكرية التي أدخلتها إلى المحافظة خلال الأسابيع الماضية. وقيامها بتوزيع معونات غذائية في عديد من المناطق. رغم الرفض الشعبي لتلك المعونات. وقيام الناس بطرد السيارات الروسية، ومن يرافقها، من أكثر من مكان. وبالتالي فإن الصراع الروسي الإيراني على المحافظة، بأذرع محلية. هو السبب الأساسي لحالة الفوضى. وتصاعد العنف في السويداء».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.