جاء الأكراد إلى فلسطين على مر القرون الماضية لأغراض مختلفة. واستمروا بعدها في التدفق من أجل التجارة والعمل خلال فترة الحكم العثماني وكذلك العصر المملوكي، حيث اندمجوا في المجتمع وبنو مواقع أثرية في فلسطين.

وبحسب تقرير لموقع “المونيتور” ترجمه موقع “الحل نت” فإن الأكراد اليوم هم أحد أبرز الجماعات العرقية في المجتمع الفلسطيني، ويعود تاريخهم إلى عهد صلاح الدين الأيوبي، عندما توافدوا إلى فلسطين لتحريرها من الصليبيين. كما توجهوا إلى فلسطين كذلك في عهد نجم الدين أيوب وفي عهد الخلافة العثمانية والمماليك. ويتركز معظم وجودهم في غزة، التي كانت تشكل حلقة الوصل التجاري ما بين دمشق والقاهرة وأوروبا.

بداية التواجد

وقد توافد الأكراد إلى غزة من كلّ من شمال سوريا والعراق وتركيا، حيث تتكلم اليوم العائلات الكردية في غزة اللغتين الكردية والعربية وأصبحت جزءا من النسيج الاجتماعي الفلسطيني مع حفاظهم على عاداتهم وتقاليدهم وخصوصياتهم الاجتماعية بشكل كامل.

ويعتبر قصر حتحت أحد أهم الصروح الكردية في غزة، وقد بني في القرن الثاني عشر الهجري على يد التاجر الكردي إبراهيم حتحت، والذي كان قد تزوج أخت السلطان العثماني حينها.

“جاء الأكراد إلى فلسطين ووجدوا فيها وجهة إسلامية تاريخية، حيث رغبوا بالعيش فيها والاندماج مع العرب”، يقول عيسى حتحت البالغ من العمر ثمانية وثمانين عاما لموقع “المونيتور”. ويضيف قائلا: “عائلتنا من أصل كردي. وكان قصر حتحت مملوكا لتاجر النسيج الدمشقي في غزة، جدنا الأكبر، إبراهيم حتحت”.

ويشير حتحت إلى أن غزة ازدهرت خلال العصر المملوكي عندما زارتها وفود عربية وأفريقية سواء كانوا تجارا أو طالبي علم أو حتى لاجئين.

ويقول المؤرخ ناصر اليافاوي في حديث لـ “المونيتور”: “يعود أصل العديد من الأعياد في فلسطين إلى الأكراد. فهناك عيد النبي روبين وعيد النبي موسى وعيد أربعاء يعقوب وعيد النبي أبو هريرة. كما خصص صلاح الدين الأيوبي عيدا خاصا لكل مدينة كمناسبة لجمع سكان المدينة وأهالي القرى المجاورة”.

ويتابع اليافاوي: “استمرت الأعياد الشعبية الفلسطينية من العام 1187 وحتى نهاية صيف 1947. وفي صيف العام التالي، دُمرت المدن والقرى التي كانت تقام فيها تلك الأعياد ولم يعد هناك أعياد واحتفالات في فلسطين”.

معالم حضارية

ويوضح اليافاوي أنه بالإضافة إلى قصر حتحت، قام الأكراد في فلسطين ببناء مسجد ابن عثمان ومسجد السيدة رقية، حيث يقول: “كانت رقية امرأة جميلة وصالحة عاشت في العصر المملوكي. ووقع أمير عثماني بحبها وتزوجها، وعندما توفيت هي وزوجها، بنى سكان هذه المنطقة من الأكراد هذا المسجد”.

كذلك بنى رجل الدين الكردي والتاجر المدعو شهاب الدين بن عثمان مسجد ابن عثمان في العام 1430م، وهو أحد أكبر وأقدم مساجد قطاع غزة.

من جانبه، يقول المهندس محمود البلعاوي، الذي يعمل مرشدا سياحيا، ومنسقا للمشروع في مركز “إيوان للحفظ المعماري”، للمونيتور: “الشجاعية هي أكبر منطقة في غزة وتضم أبرز المساجد والكنائس في المدينة. كذلك تضم عشرات المنازل الأثرية التي شُيدت إبان الحكم العثماني قبل نحو أربعة قرون، وتضم أيضا صروح دينية مثل مسجد ابن عثمان وجامع السيدة رقية”.
وتواجه المواقع الأثرية في قطاع غزة إهمالا رسميا ومؤسساتيا شديدا في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية والإنسانية، حيث غالبا ما يتم توجيه أموال الدعم الدولي إلى مشاريع الإغاثة والصحة والتعليم والمأوى.

وهناك العديد من الكتب عن الأكراد في فلسطين، وأبرزها “أكراد فلسطين” لـ محمد علي الصويركي، وأيضا “العلاقات الفلسطينية الكردية: أبعاد تاريخية ومستقبل مشرق” لـ صلاح بدر الدين وغيرهم من الكتاب والمؤرخين.

وقد لعب الأكراد في فلسطين في العصر الحديث دورا أسطوريا في الصراع ضد إسرائيل، مما دفع الرئيس الراحل ياسر عرفات إلى تأسيس “جمعية الصداقة الفلسطينية الكردية” في العام 1999 وهي الأولى من نوعها في المنطقة العربية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.