الضربات الإسرائيلية في سوريا: هل تستطيع موسكو إيقاف استهداف حكومة دمشق وإيران؟

الضربات الإسرائيلية في سوريا: هل تستطيع موسكو إيقاف استهداف حكومة دمشق وإيران؟

تثير الضربات الإسرائيلية في سوريا امتعاضاً روسياً واضحاً، توالت إشاراته في الفترة الأخيرة. وآخرها رفض روسيا طلب إسرائيل إيقاف رادارات في قاعدة حميميم بريف اللاذقية. بسبب إرباك هذه المنظومات الدفاعية الجوية لحركة الملاحة في مطار بن غوريون في تل أبيب. وفق ما أفادت مصادر إعلامية رسمية إسرائيلية.
وقبل ذلك، قام مدربون عسكريون روس بإجراء تدريبات، في وحدات الدفاع الجوي التابعة للقوات النظامية، على استخدام أنظمة الصواريخ “ستريلا-2” المحمولة. وهي صواريخ قادرة على ضرب أهداف جوية على مسافة تصل إلى ثلاثة كيلومترات. في إطار توجّه روسيا نحو تعزيز القدرات الدفاعية الجوية السورية.
وفي الرابع والعشرين من كانون الثاني/يناير الماضي أعلنت روسيا عن تسيير أول دورية جوية مع القوات النظامية. وكشفت وكالة “تاس” الروسية عن مشاركة القوات الجوية الروسية بمقاتلات من طراز “سو-34″ و”سو-35” وطائرة “أ-50” للإنذار المبكر. ترافقها طائرات “ميغ-23″ و”ميغ-29” السورية. مبينّةً أن «الطيارين الروس أقلعوا من قاعدة حميميم الجوية. بينما انطلق طيارو القوات النظامية من مطاري “الصقال” و”الضمير” في محيط دمشق».

وأكدت الوكالة أن «الطلعات امتدت على طول هضبة الجولان والحدود السورية الجنوبية، حتى نهر الفرات. وفوق المناطق الشمالية من سوريا». لتردّ وسائل اعلام اسرائيلية بالحديث عن «قلق إسرائيل إزاء الدوريات».
وفي ترجمة لهذا القلق استمرت الضربات الإسرائيلية في سوريا. إذ عاود الطيران الإسرائيلي شن غارات جوية على مواقع بمحيط دمشق. مستهدفةً، فجر الإثنين الحادي والثلاثين من  كانون الثاني/ديسبمر قواعد عسكرية في منطقة “القطيفة”. وقالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية إن «الغارة هي رسالة إسرائيلية إلى الروس والإيرانيين. مفادها أن الضربات على الأهداف الإيرانية في سوريا مستمرة. وأن خطة إسرائيل للجم التموضع الإيراني في سوريا لن تتوقف».
وتزامن كل ذلك مع تسريبات تشير إلى وجود مفاوضات إسرائيلية-روسية من أجل تهدئة الأوضاع على الحدود السورية-الإسرائيلية. فهل ستستمر الضربات الإسرائيلية في سوريا رغم الإجراءات الروسية؟

القلق على قاعدة حميميم من الضربات الإسرائيلية

مصادر خاصة لـ«الحل نت» أوضحت أن «استهداف مرفأ اللاذقية من قبل الطائرات الإسرائيلية. وهو المرفأ الذي يقع على بعد تسعة عشر كيلو متراً من قاعدة حميميم الروسية، دفع بروسيا إلى إبداء موقف متشدد من الضربات الإسرائيلية في سوريا».

وعلى الرغم من عدم تضرر روسيا بشكل مباشر من الضربات الإسرائيلية. وعدم تعرّض أي جندي من جنودها للإصابة، إلا أن «موسكو ترى في هذه الضربات خطراً على قواتها ومصالحها في سوريا». كما يؤكد “أندريه أونتيكوف”، المحلل السياسي الروسي، في حديثه لـ«الحل نت».
مشيراً إلى أن «الخوض في الحسابات الروسية يتطلّب العودة إلى الوراء. وتحديداً إلى شهر أيلول/سبتمبر من العام 2018، حين تسببت الدفاعات الجوية السورية بإسقاط طائرة حربية روسية عن طريق الخطأ. أثناء تصديها لغارة جوية إسرائيلية. وهو ما تسبب بمقتل خمسة عشر جندياً روسياً».
ويضيف المحلل الروسي أن «الضربات، التي شنتها إسرائيل الشهر الماضي على مرفأ اللاذقية كانت قريبة من قاعدة حميميم. ولذلك من الطبيعي أن تشعر روسيا بالقلق من استمرار الضربات الإسرائيلية في سوريا».
مستدركاً بالقول: «لا تريد روسيا استمرار هذه الضربات. لأسباب متعلقة بأمن القوات الروسية. وكذلك لأسباب سياسية. إذ تقول إسرائيل إن ضرباتها تستهدف تحركات إيران. لكن على الأرض ما من جدوى لهذه الضربات. فهي لم تؤد إلى انسحاب القوات الإيرانية من سوريا، ولا ميلشيا حزب الله».
وهنا يشير “أونتيكوف” إلى أن «من بنود التفاهمات الروسية مع إسرائيل وأميركا والأردن، حول الوضع في الجنوب السوري، سحب القوات غير السورية من الجنوب. ما يوجب استخدام الحلول الدبلوماسية والسياسية للتعامل مع مخاوف تل أبيب. وهذه الطرق أفضل بكثير من الضربات الإسرائيلية في سوريا».
وفي الوقت ذاته، لا تخدم الضربات الإسرائيلية الدعاية الروسية عن عودة الاستقرار لسوريا، وتعافي البلاد من آثار الحرب. وفق تحليلات متقاطعة.



موافقة روسية ضمنية على الضربات الإسرائيلية في سوريا

ووسط هذا نكون أمام أسئلة كثيرة، لعل أبرزها: هل روسيا عاجزة عن إيقاف الضربات الإسرائيلية في سوريا؟
يرد “سامر إلياس”، الكاتب المختص بالشأن الروسي، بالقول: «حكماً هي قادرة». ويضيف في إفادته لـ«الحل نت»: «يبدو أن الضربات لا تتعارض مع مصالح روسيا في سوريا. لكن موسكو بالمقابل تكاد تكون مجبرة على إطلاق تصريحات من وقت لآخر. تدّعي فيها أنها تريد إيقاف تلك الضربات. لأن الغضب الشعبي تجاه روسيا، في الأوساط الموالية لحكومة دمشق، بدأ يتزايد. وهذا لا يصبّ في مصلحة موسكو، التي يحظى تواجدها بسوريا بأصداء إيجابية في مناطق سيطرة حكومة دمشق».
متابعاً: «بكل بساطة تستطيع روسيا الطلب من إسرائيل التوقف. والمعلومات تؤكد أن روسيا تشترط عدم استهداف الضربات للمواقع الحكومية السورية. وتحديداً البنى التحتية. كي لا تساهم الضربات الإسرائيلية في سوريا بزيادة حدة الأزمة الاقتصادية».

ضرورة تقليم مخالب إيران

وفي السياق نفسه يعتقد “إلياس” أن «روسيا لها مصلحة في تقليم أظافر إيران في سوريا. فهي تريد الحدّ من نفوذها في الجنوب السوري وبعض المناطق الأخرى. لأنها غير قادرة على الحد من تأثير طهران المتعاظم اجتماعياً وثقافياً ومذهبياً في البلاد».
 ويوضح أن «أهداف روسيا في سوريا حالياً  تتمحور حول إعادة الإعمار، والنهوض بالاقتصاد، وإعادة سوريا إلى الجامعة العربية. وكل ذلك يتطلّب مجاراة المطالب الإقليمية والعربية. أي تخفيف نفوذ إيران في المنطقة، والضربات الإسرائيلية في سوريا تخدم ذلك».

مقالات قد تهمك: الضربات الإسرائيلية ضد الميلشيات الإيرانية في سوريا: إلى أين ستصل المواجهة؟

وبلغ عدد الضربات الإسرائيلية في سوريا، خلال العام 2021، ثمانية وعشرين ضربة عسكرية واسعة، طالت سبعة وخمسين موقعاً إيرانياً، واستهدفت حوالَي مئة وسبعة وثمانين هدفاً. موزّعة على إحدى عشرة محافظة سورية. وجاءت دمشق وريفها في مقدمة المناطق التي استهدفتها الضربات الإسرائيلية، بواقع أربعة وعشرين موقعاً. تليها منطقة جنوب سورية بمحافظاتها الثلات: القنيطرة ودرعا والسويداء. ثم تركزت الاستهدافات في وسط البلاد، ضِمن محافظة حمص، التي تعرّضت لثماني ضربات. وتوزعت بقية الغارات الإسرائيلية على المحافظات الأخرى، وهي دير الزور واللاذقية وحلب وحماة وطرطوس، باستهداف ثمانية مواقع فيها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.