تفاجئ 18 مدرسا من الريف الغربي لمحافظة ديرالزور شرقي سوريا، بقرار فصلهم من مديرية التربية في مركز المدينة، بدون أي إنذار مسبق، بحجة تقصيرهم في مهامهم التعليمية. 

مراسل “الحل نت” التقى ببعض من طالهم قرار الفصل للوقوف على تفاصيله، حيث يقول أستاذ اللغة العربية، محمد الملا من بلدة التبني، إنه “صدم بقرار فصله عندما اتصل به مدير مدرسته الثلاثاء، ليبلغه القرار وتوقف راتبه“، مضيفا أنه “توجه إلى مديرية التربية في مركز المدينة على الفور، للاستفسار عن الموضوع، ليأكدوا له صحة القرار وأنه ليس خطأ، وعند سؤاله عن سبب الفصل، أجابه الموظف، بوجود تقصير منه وبعض زملائه المدرسين في أداء مهاهم التدريسية والمهنية، وأن قرار الفصل جاء من وزارة التربية بحقهم“.

وعلق الملا على القرار أنه “جاحد وبدون أي سبب، وأنه لم يقصر في أداء مهامه التدريسية، ولم يتأخر يوم عن دوامه، وخصوصا أن المدرسة لا تبعد عن منزله سوى بضعة أمتار“.

فصل بدون سبب

من جهته يقول يوسف المحيميد، مدرس مادة تاريخ، من بلدة عياش، لـ “الحل نت” إنه “لا يستطيع العمل بالإنشاءات أو أي عمل آخر يحتاج إلى جهد كبير، فهو يعاني من ألم في الظهر لا يستطيع الوقوف بسببه لساعات طويلة، وخسارته لمهنته في التدريس، ستنعكس آثارها سلبا على عائلته، وخاصة أنه المعيل الوحيد، بالتزامن مع فقدان فرص العمل والارتفاع الكبير بالأسعار“. 

وأضاف متنهدا أن “التربية بررت قرار فصلنا بالتقصير، وهذا الأمر لم يحدث مطلقا، فأنا من أكثر الأشخاص التزاما بمهنتي وطلابي يشهدون لي بذلك“.

السبب الحقيقي

موظف في التربية، فضل عدم الإفصاح عن اسمه، أفاد لـ “الحل نت” قائلا إن “السبب الحقيقي وراء فصل المدرسين، هو رفضهم الخضوع لـ “التسوية” الأخيرة التي حصلت في المدينة، لكن مديرية التربية تبرر قرارها، بالتقصير الوظيفي منهم، حيث أبلغت الأجهزة الأمنية جميع مدراء المدارس في الريف الغربي بضرورة إحضار جميع المدرسين إلى مركز “التسوية” في المدينة، وذلك لإظهار الازدحام على المركز في اليوم من العملية على شاشات الإعلام“.

أحد المدرسين  لم يفصح عن اسمه، صرح لـ “الحل نت” أن “السبب الذي منعهم من الذهاب لإجراء “التسوية” هو فقدان وسيلة نقل حينها، تقلهم من قراهم إلى مركز التسوية بداخل المدينة“، مشيرا إلى أنه “لا يستطيع دفع مبلغ 30 ألف ليرة سورية، أجرة ذهاب وإياب إلى المدينة، بسبب الظروف المعيشية المتدنية، وخاصة أن راتبه لا يتجاوز 60 ألف ليرة سورية“، ويضيف ساخرا “لو كنت أعلم أن عدم ذهابي لمركز “التسوية”  سيفقدني وظيفتي، كنت أخذت لهم  والدي ووالدتي وجميع من في البلدة إلى التسوية، لتصويرهم أمام شاشة التلفاز على أنهم قادمين من مناطق خارجة عن  سيطرة الحكومة، لعلي أحصل وقتها على زيادة في راتبي بدلا من خسارته“.

واختتم شهادته قائلا، إن “الأجهزة الأمنية في المنطقة، تعتبر أن أي شخص متواجد في المنطقة وخاصة العاملين في سلك الدولة، وتم إبلاغه بإجراء “تسوية” وامتنع عن ذلك، هو شخص معارض لها، ويتبع لأجندة خارجية“، وفق تعبيرهم.

ومنذ مطلع تشرين الثاني/نوفمبر العام الماضي، بدأت الحكومة السورية بالترويج لعمليات التسوية، في محافظة دير الزور بمدينتي الميادين والبوكمال شرقي المحافظة، لتستقر في قرية الشميطية غربي مركز المدينة، والتي تبعد بضعة كيلومترات عن مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، وأيضا في المناطق الخاضعة لسيطرتها في الرقة والتي لاقت رفضا شعبيا واسعا.

وتعتبر عمليات “التسوية” مشروع روسي بامتياز، أطلقته موسكو، عقب سيطرة الحكومة السورية والميليشيات الموالية لها، على مناطق كانت خارج سيطرتها، مثل ريف حمص والغوطة الشرقية ودرعا.

ويستهدف “مشروع التسوية” المطلوبين بقضايا أمنية وجنائية، والمنشقين والمتخلفين عن الخدمة الإلزامية والاحتياطية في الجيش السوري، على أن يُمنح كل شخص يُسوى أمره بطاقة تسوية، تتيح له التنقل داخل مناطق سيطرة الحكومة السورية في عموم سوريا، وبالتالي كف البحث الأمني الذي صدره بحقه قبل سنوات.

قد يهمك: هل تراجعت روسيا عن الحرب في أوكرانيا؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.