يبدو أن الاستراتيجية الأمريكية الجديدة في سوريا يمكن أن تتلخص في عدة نقاط أبرزها مواجهة النفوذ الإيراني ومنعها من إقامة ممرها البري الذي يربط بين إيران ولبنان، بالإضافة إلى محاربة الإرهاب ومنع عودة ظهور التنظيمات المتطرفة. مثل تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” والفصائل المرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بتنظيم القاعدة. والتسوية السياسية التي ترفض الحكومة السورية الحالية.

السياسة الأمريكية حول سوريا

تحدث نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى، إيثان غولدريتش، يوم الجمعة الماضي، عبر تقنية الفيديو كونفرانس، عن الأهداف الأساسية التي تركز عليها السياسة الأمريكية حول سوريا، فيما قدم غولدريتش إحاطة حول جولته التي أجراها مؤخرا في عدد من الدول العربية، وناقش خلالها السياسات المتعلقة بسوريا، وقد خلص إلى “استمرار دخول المساعدات الإنسانية إلى سوريا، ومواصلة الضغط على تنظيم الدولة الإسلامية من خلال الوجود العسكري الأمريكي في سوريا، إضافة إلى المحافظة على وقف إطلاق النار، ومواصلة مبدأ مساءلة النظام السوري حتى إشعار آخر”.

كما أكد غولدريتش، على دعم واشنطن للحل السياسي في سوريا عبر تطبيق قرار “2254”، وأن بلاده تدعم وتشجع الأطراف المختلفة كالأمم المتحدة وحلفاء وشركاء واشنطن على الوصول إلى حل سياسي، لافتا إلى أن السماح بعودة الحكومة السورية إلى الجامعة العربية سيكون بمثابة رسالة خاطئة لدمشق، حسب غولدريتش.

ويرى الدبلوماسي السوري السابق، بسام بربندي، أنه بشكل عام، لا يوجد أي جديد بالموقف الأمريكي باتجاه سوريا. وحسب رأيه، فإن الأزمة السورية خارج قائمة الأولويات الأميركية، وما تريده الولايات المتحدة الآن هو تجميد الصراع العسكري مما يعني تكريس نفوذ القوى العسكرية على الارض لتكون سلطة أمر واقع.

وأشار الدبلوماسي السوري، كذلك، إلى أن أمريكا تحاول قدر المستطاع عدم حصول موجة نزوح جديدة تجاه تركيا وأوروبا، وبالتالي تصر واشنطن على إدخال المساعدات الإنسانية حتى لو قدمت للروس تنازلات تطلبها.

وبحسب بربندي، فالتنازلات التي يمكن لأمريكا أن تقدمها اليوم لروسيا تكمن في إعادة بناء بعض البنى التحتية الخدماتية الأساسية، مثل ترميم المدارس و المستشفيات و إصلاح شبكات الكهرباء وما إلى ذلك، وشدد على ضرورة أن أمريكا لن تسمح بتدفق الأموال لإعادة البناء (إعمار سوريا) أو رفع العقوبات الاقتصادية على حكومة دمشق.

وأخيرا فإن أمريكا ستكون باستمرار بصدد الإعلان والإصرار على ضرورة تطبيق القرارات الدولية، دون أن تكون واشنطن معنية بشكل جدي ومباشر بالعمل على تنفيذها.



مدى فعالية الاستراتيجيات الأمريكية في المنطقة

وكان إدارة دونالد ترامب السابقة، قد أعلنت خلال فترة حكمه، “أن الأميركيين لا يقبلون بتمتع إيران بموسم مفتوح على البحر الأبيض المتوسط، بل إن الولايات المتحدة ستترك بصمة قوية ودائمة في سوريا، بالإضافة إلى الفرنسيين، كما أن الإسرائيليين والسعوديون حثوا ترامب على الإبقاء على قوات في شرق سوريا من أجل تحجيم نفوذ إيران في هذا البلد.

وبالعودة إلى الدبلوماسي السوري، خلال حديثه مع “الحل نت”، يقول: “حاليا تركز الولايات المتحدة على عدم إزعاج الوجود الإيراني في سوريا لحين إتمام المفاوضات النووية في فينا”.

‏وأوضح أنه حتى عندما اجتمع ممثلي الإدارة الأمريكية مع ممثلين من دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن عن تطور المفاوضات مع إيران. ومع وصول المفاوضات إلى نهايتها في الأسابيع المقبلة، لم يجتمعوا مع السوريين إلا بعد ضغط إعلامي، لذلك قاموا بإرسال إيثان غولدريتش، إلى قطر للقاء من يدعون أنهم يمثلون الثورة السورية.

وختم الدبلوماسي السوري في حديثه ل “الحل نت”: “تبقى محاربة الإرهاب الأساس القانوني الذي تستند عليه واشنطن لإبقاء قواتها في سوريا إلى أجل غير مسمى”.

قد يهمك: مسودة دستور سوري في آذار.. ما حقيقة ذلك؟

وكانت هذه من أبرز أهداف أمريكا في سوريا خلال حكم ترامب، وقال قائد القوات الأميركية بالشرق الأوسط، الجنرال جوزيف فوتيل، للصحافة في 26 أبريل/نيسان 2018: إن دعم قوات سوريا الديمقراطية سيساعد في ضمان منع إيران من الحصول على الممر البري المذكور.

بالإضافة إلى ذلك، السياسة الأمريكية حول سوريا قررت الحفاظ على وجودها في منطقة التنف قرب الحدود العراقية-الأردنية وأنذرت ميليشيات “الحرس الثوري” الإيراني من أنه إن لم تلتزم بالبقاء على بعد 55 كيلومترا من هذه المنطقة فإنه سيتعرض للقصف، وذلك لمنع تحرك القوات الإيرانية برا من وإلى العراق.

ومع ذلك، فقد بنت ميليشيات “الحرس الثوري” على مدى سنين قوات هائلة من الميليشيات في الغرب السوري، أما الأميركيون فلم يلعبوا بشكل مباشر سوى دور ضئيل ضد إيران في غرب سوريا، فلو أن الطائرات الحربية الأميركية حاولت القيام بعمليات في غرب سوريا فإنها ستكون عرضة للدخول في مواجهة مع الروس.

إن تمسك واشنطن بقوات لها في شمال شرقي سوريا يحمل في طياته مخاطر هو الآخر، فقد تعهد الإيرانيون وحكومة دمشق بمواجهة الوجود الأميركي. عبر مضايقة قادة القوات الأميركية وقوات سوريا الديمقراطية “قسد”؛ فالإيرانيون في تواصل مع الزعامات القبلية السورية، ويحثونهم على مقاومة الوجود الأميركي في شرق سوريا. وخاصة بعد إطلاق الحكومة السورية سياسة “التسويات الأمنية” في المحافظات الشرقية في سوريا.

في المقابل، يأمل بعض الساسة الأميركيين أن تؤدي سيطرة الأكراد السوريين على شمال شرقي سوريا إلى جلب الحكومة إلى طاولة المفاوضات والتوصل إلى تسوية.

قد يهمك: الولايات المتحدة تحدد موقفها من إعادة العلاقات مع الأسد

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.