خلفت عشر سنوات من الأزمة في سوريا ما يقدر بنحو 11.5 مليون شخص يعيشون في خطر الألغام الأرضية والمتفجرات من مخلفات الحرب. ومع تحول مساحات شاسعة من البلاد إلى حقول ألغام، سوف تمر أجيال قبل أن يتم تطهير سوريا بالكامل من التلوث بالأسلحة. إلا إن ذلك لم يثني الحكومة السورية في إصدار قانون جديد لحيازة السلاح.

إقرار الخيار المميت

ترأس رئيس مجلس النواب في سوريا، حمودة الصباغ، أمس الاثنين، بحضور وزير الداخلية، محمد الرحمون، الجلسة السابعة عشرة، والتي أقرت مشروع قانون بمراجعة العديد من مواد قانون حيازة السلاح والذخائر الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 51 لعام 2001.

جميع المواد الواردة في مشروع القانون المشار إليه، والمتعلقة بالأحكام الخاصة بمن يصنعون المسدسات العسكرية أو بنادق الصيد أو أسلحة التدريب أو أي أسلحة أو ذخائر عسكرية أخرى، وكذلك من هرب أو حاول تهريب أسلحة أو ذخائر مع نية المتاجرة بها، تم الإجماع عليها من قبل المجلس.

ويعفي البند في المادة 9 من مشروع القانون، حاملي الأسلحة أو الذخيرة العسكرية غير المرخصة من أي عقوبة. بشرط تسليمهم في غضون تسعة أشهر من تاريخ نفاذ القانون.

كما يُعفى حاملو الأسلحة والذخائر من المخالفة، في حالة حصولهم على ترخيص بشكل مباشر أو تسليمها. وكذلك الأفراد الذين في حوزتهم متفجرات أو كاتمات صوت أو أدوات تنظيرية إذا قاموا بتسليمها خلال تسعة أشهر من تاريخ تنفيذ هذا التشريع.

للقراءة أو الاستماع: ارتفاع الأسعار بسوريا يزيد من معدلات الجريمة ونسبة الطلاق

أسلحة في المناطق المأهولة بالسكان

يعد استخدام الأسلحة المتفجرة ذات التأثير الواسع في المناطق المأهولة، أحد الأسباب الرئيسية لإلحاق الأذى بالمدنيين في النزاعات المسلحة اليوم. وعلى الرغم من آثارها وانتشارها الواسع بسبب الحرب التي امتدت على مدى 10 سنوات، فهي الأسلحة المستخدمة في الغالب حاليا لدى المدنيين والمعارضين السابقين للحكومة في مناطق سيطرتها.

وتمثل الحرب السورية واحدة من أكثر الصراعات دموية في العالم. استفادت جميع أطراف النزاع من مجموعة من الأسلحة التقليدية – بالإضافة إلى الأسلحة غير التقليدية. فأصبحت البلاد مليئة بالأسلحة، مما يثير مخاوف بشأن العواقب طويلة المدى لحيازة الأسلحة المستمر من قبل المدنيين.

كما أدى استمرار الحرب في سوريا، إلى تأجيج تهريب الأسلحة. حيث تعمل الشبكات غير المشروعة في المنطقة على الاستفادة من الفوضى وتوافر الأسلحة لزيادة الأرباح. فيمكن أن يكون لزيادة مبيعات الأسلحة في السوقين الرمادية والسوداء آثار دائمة على الوصول إلى الأسلحة وتوافرها. كما يساهم في زعزعة الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة.

وفي الواقع، فإن تحويل الأسلحة إلى الأسواق غير المشروعة يجعل من المستحيل تقريبا تتبع الأسلح.ة ويمكن أن يحسن ترسانات المنظمات الإجرامية والجماعات الإرهابية. فعلى سبيل المثال، حصل مقاتلو تنظيم “داعش” على أسلحة متطورة من مجموعات المعارضة السورية وقوات الأمن العراقية. إضافة إلى التهديدات التي تواجهها القوى الوطنية والإقليمية والمتعددة الأطراف التي تقاتل التنظيم داخل البلاد.

للقراءة أو الاستماع: القنابل اليدوية.. أداة جديدة لحل الخلافات في سوريا ودمشق تعتبرها “عابرة”

باب مفتوح على عنف

إقرار مجلس الشعب في سوريا لقانون حيازة السلاح، يأتي على عكس ما ذكره ممثل سوريا، بسام الصباغ، خلال جلسة للأمم المتحدة، في تشرين الثاني/نوفمبر الفائت، والتي تطرقت إلى أهمية معالجة كل مرحلة من مراحل دورة حياة الأسلحة. حيث دعا حينها الصباغ، إلى ضرورة نزع السلاح من أجل الأمن الدولي.

كما فتح استخدام قنبلة يدوية لحل خلاف عائلي في أيلول/سبتمبر الماضي، الباب واسعا على آلية جديدة لتعامل الأشخاص مع خلافاتهم الشخصية والعائلية ضمن دائرتهم الاجتماعية في سوريا.

ويرى محللون في الشأن السوري، أن استخدام القنابل اليدوية تطور لافت لأساليب تنفيذ الجرائم. وهو أمر خطير يشير إلى انفلات من يمتلكون السلاح واستهتارهم أكثر بأرواح الناس، في ظل عجز الحكومة في سوريا عن إنهاء ظاهرة انتشار حيازة السلاح.

لكنّ مدير الهيئة العامة للطب الشرعي في دمشق، “زاهر حجو”، اعتبر في تصريحات  حينها، أن “ظاهرة استخدام القنابل ضمن الحوادث مخيفة وخطيرة، لكنّها عابرة ولن تتكرر”.

ورأى حجو أن تكثيف الحديث عن جرائم القتل باستخدام القنابل الحربية على منصات التواصل الاجتماعي والإعلام، يؤدي إلى تواتر الفكرة وكثرة الحالات بين الأشخاص.

كما لا تقتصر آثار حمل السلاح العشوائي على خسارة الناس أموالهم، بل تطورت لاستخدامها في المشاكل الشخصية والعائلية. فالسلاح بجميع أنواعه وأشكاله، يتفشى في معظم مناطق سيطرة الحكومة السورية ومناطق المعارضة دون أي ضوابط، وبإمكان أي شخص حيازته.

الجدير ذكره، أن سوريا جاءت في المرتبة الأولى عربيا، والتاسعة عالميا، في قائمة الدول العربية بارتفاع معدل الجريمة لعام 2021، حسبما ذكر موقع متخصص بمؤشرات الجريمة حول العالم في بداية فبراير/شباط الماضي.  واحتلت دمشق المرتبة الثانية بارتفاع معدل الجريمة في الدول الآسيوية، وحسب الموقع.

وتعد سوريا من الدول التي يسجل فيها مؤشر الجريمة مستوى عاليا. إذ سجلت 68.09 نقطة من أصل 120 نقطة، في حين انخفض مؤشر الأمان إلى 31.91 بالمئة.

للقراءة أو الاستماع: “حل الخلافات بالقنابل”.. حادثة قتل جديدة باستخدام قنبلة في سوريا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.