خطر الجهاديين الإسلاميين في أوكرانيا: لماذا تحذّر حكومة دمشق من “إدلب جديدة في أوروبا”؟

خطر الجهاديين الإسلاميين في أوكرانيا: لماذا تحذّر حكومة دمشق من “إدلب جديدة في أوروبا”؟

وجود الجهاديين الإسلاميين في أوكرانيا بات من الأسئلة المهمة، التي تشغل بال كثير من المتابعين للغزو الروسي للبلد الشرق أوروبي. وفي هذا السياق جاءت تحذيرات رياض حداد، السفير السوري في موسكو، من تحوّل أوكرانيا إلى “إدلب كبيرة في أوروبا”، بالتزامن مع تصريحات الكرملين عن “ازدياد تدفق المرتزقة من دول عدة إلى أوكرانيا، ومن بينهم جهاديون، اكتسبوا خبراتهم في سوريا”، لتزيد من المخاوف الغربية من وصول الجهاديين إلى أوروبا من البوابة الأوكرانية.
وفي تصريحات له، نقلتها وكالة “تاس” الروسية الحكومية، اعتبر حداد أنه “من الضروري إدراك الخطر الذي يلوح في الأفق، بعد القرار الذي اتخذته السلطات في كييف، أي تشكيل فيلق دولي للأجانب، والذي يسعى إلى تحويل أوكرانيا إلى إدلب أوروبية كبيرة، ويشكل تهديدا للأمن الروسي والأوروبي وحتى العالمي”.
ويبدو أن استحضار موسكو وحليفتها دمشق لخطر الجهاديين الإسلاميين في أوكرانيا جاء بعد فشل روسيا بإقناع العالم بشعار “نزع النازية”، الذي اتخذته مبرراً لاجتياح أوكرانيا، ما دفعها للتلويح بورقة التنظيمات والعناصر الجهادية في أوكرانيا، في نهج مشابه للذي استخدمته في سوريا، عند تبرير تدخلها العسكري المباشر فيها خريف العام 2015.

استدعاء مخاوف الغرب من الجهاديين

د.جمال قارصلي، وهو برلماني ألماني سابق، يرى في حديثه لـ”الحل نت”، أن “روسيا تحاول بخطابها عن الجهاديين الإسلاميين في أوكرانيا استدعاء مخاوف الغرب من تحوّل أوكرانيا إلى بؤرة إرهاب”.
ويؤكد أن “حديث السفير السوري، الذي يأتي بالنيابة عن روسيا، يبقى دعاية لا تجد ما يدعمها على الأرض”. معتبرا إياه “جزءا من الأكاذيب، التي استخدمتها روسيا منذ ما قبل بدء غزوها لأوكرانيا”.
ويقول موضحا: “قبل الغزو ادعت روسيا أن لا نوايا لها باجتياح أوكرانيا، ومن ثم أعلنت أن العملية محدودة، والآن هي تخطط للسيطرة على كل أوكرانيا. لكن بعد تعثّر المخطط الروسي، والخسائر الكبيرة التي تكبدها الروس على الأرض الأوكرانية، جاء الدور الآن لاستحضار خطر الجهاديين الإسلاميين في أوكرانيا”. لافتا إلى “حساسية هذه المسألة بالنسبة للدول الأوروبية”.
وبحسب البرلماني الألماني السابق فإن “الغرض من كل ذلك هو تخويف أوروبا من تمدد الإرهاب إليها، لدفع الدول الغربية لمراجعة مواقفها من أوكرانيا. أي هي محاولة من روسيا لفرض سياسة الأمر الواقع”.

وجود الجهاديين الإسلاميين في أوكرانيا شبه مستحيل

من جهته يقلل حسن أبو هنية، الخبير بشؤون الحركات الجهادية، من احتمالية استقطاب أوكرانيا للجهاديين، مرجعاً ذلك إلى “التركيبة الديمغرافية للبلاد”.
وفي حديثه لـ”الحل نت” يوضح أبو هنية أن “التركيبة السكانية في أوكرانيا قد تساعد على استقطاب اليمين الأوروبي، وهو ما يثير مخاوف أوروبا فعلا. غير أن تحول أوكرانيا لساحة جهاد إسلامي شبه مستحيل”.
ويكمل الخبير بشؤون الجماعات الجهادية بالقول: “للآن لا توجد مؤشرات على ذلك، وكذلك لا توجد أي رغبة دولية بحدوثه. فالظرف في أوكرانيا مختلف تماما عن سوريا، أو أي ساحة جهادية أخرى. ومن الصعب، أو من المستحيل وجود الجهاديين الإسلاميين في أوكرانيا دون وجود حاضنة اجتماعية لهم”.
ولذلك يعتقد أبو هنية أن “التحذيرات من وصول جهاديين لأوكرانيا لا تخرج عن إطار الدعاية الروسية”.
لكن في المقابل، تشير تقديرات أخرى إلى أن الفوضى، التي تعم أوكرانيا بعد بدء الغزو الروسي، قد تستقطب فعلا جماعات جهادية، وخصوصا مع وجود عدد غير محدود من الجهاديين في أوروبا، المناهضين لروسيا، خاصة من منطقة القوقاز.
كما تشير تلك التقديرات إلى استخدام بوتين القوات الشيشانية في غزوه لأوكرانيا، من دون أن تستبعد أن يكون الغرض من ذلك تحفيز الجماعات الجهادية الأخرى على دخول خط الصراع.

تحذير من مخطط روسي لإرسال الجهاديين إلى أوكرانيا

ورغم عدم توفر الحاضنة الشعبية للجهاديين الإسلاميين في أوكرانيا، لا يستبعد جمال قارصلي احتمالية “قيام روسيا بإيصال جهاديين فعلا إلى أوكرانيا”.
ويقول: “روسيا، كما غيرها من الدول، تخترق صفوف التنظيمات الجهادية. ومن هنا قد تُقدم روسيا على الزج بعناصر جهادية على ارتباط بها، لزيادة تعقيد الصراع”، لافتا إلى “ارتباط عدد كبير من الجهاديين الشيشان بروسيا”.
وبناءً على ذلك يحذر قارصلي من “خطورة تنفيذ روسيا لهذا المخطط، فهي لن تدخر أي جهد للإضرار بأوكرانيا. خاصة وسط انشغال أوروبا بأزمة اللاجئين الأوكرانيين”.
وكذلك يلفت قارصلي إلى “تلويح روسيا بالخطر النووي والبيولوجي”. موضحا أن “كل ذلك يأتي في سياق محاولات تخويف الغرب من تطورات غير متوقعة في أوكرانيا”.

مقالات قد تهمك: روسيا تكرر نموذج قصف وحصار حلب في أوكرانيا

وفي السابع والعشرين شباط/فبراير الفائت أطلق الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي نداءً لـ”مواطني العالم وأصدقاء أوكرانيا للمشاركة في الدفاع عن أوكرانيا وأوروبا ضد الهجوم الروسي”، وبعدها أصدر مرسوما رئاسيا يسمح للمتطوّعين الأجانب، الراغبين في دعم أوكرانيا ضد الغزو الروسي، بدخول البلاد من دون تأشيرة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.