لا شك أن السوريين يعانون في كل شتاء بشكل مضاعف نتيجة البرد القارس والصقيع الذي يتسرب إلى أجسادهم في ظل أزمة المازوت والكهرباء التي لا تصلهم إلا ساعات قليلة كل يوم.

وكانت الحكومة السورية قد أصدرت قرارا بتخصيص كميات محددة من مادة “المازوت” للتدفئة للعائلات في سوريا، وذلك عبر “البطاقة الذكية”. لكن لم تلتزم الحكومة بتنفيذ كامل قراراتها، حول توزيع المازوت على جميع السوريين، إضافة لتأخر تسليمها حتى وقت متأخر من فصل الشتاء، في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وبررت ذلك بعدم توفر المازوت وربطها بتداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا.

إلغاء الدفعة الثانية من “مازوت” التدفئة

قالت مصادر مطلعة، أن الحكومة ومن ضمن إجراءاتها الاحترازية في مواجهة تداعيات الغزو الروسي على أوكرانيا، أوقفت توزيع الدفعة الثانية من مازوت التدفئة (50 ليتر)، بالسعر المدعوم، على العوائل في سوريا.

وأضافت، أنها غضت الطرف عن توزيع الـ (50 ليتر) التي كانت قد أعلنت عنها بالسعر الحر عبر البطاقات الذكية قبل أيام، وفقا لموقع “المشهد” السوري.

وبحسب المتابعين، فإن الحكومة لم تكن تضع في حساباتها أن تعود موجة الصقيع مع حلول فصل الربيع في شهر آذار/مارس الجاري، وبالتالي عودة أصحاب البطاقات للمطالبة بحصتهم من مازوت التدفئة.

ويقول الأهالي لموقع “المشهد”، إنهم ومنذ أكثر من شهر تلقوا رسائل عن حجز دور استلام مازوت التدفئة، لكنهم لم يستلموا مخصصاتهم بعد، كما أن الـ 50 ليتر بالسعر الحر لم يحصل عليها إلا القلة القليلة، في ظل تكتم الجهات المعنية عن إعلان حجم الكميات الموزعة، والتي في أحسن الاحوال لم تتعدى الـ 5 بالمئة.

كذلك، وفي وقت سابق، قال مدير المدينة الجامعية بدمشق، مضر العجي، إنه لم يتم تأمين الكميات المطلوبة من المازوت لتشغيل المولدات في المدينة الجامعية، لكن الحكومة تعمل حسب قوله لموقع “هاشتاغ” المحلي قبل أيام، كل فترة على رفد المدينة بكميات معينة بما يضمن عدم انقطاع التيار الكهربائي عنها.

وأفاد العجي، أن الكميات المتوفرة من المازوت تعمل في المدينة الجامعية “للإنارة وتوفير المياه الساخنة” فقط، أما بالنسبة إلى التدفئة “فلم يتم تشغيلها هذا العام”، وبرر ذلك إلى “صعوبة توفير المازوت” اللازم لتشغيل المولدات والحراقات.
وكانت حكومة دمشق ومنذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، اتخذت جملة إجراءات، من بينها التقنين في توزيع المشتقات النفطية. وفي ظل هذا الواقع بلغ سعر “غالون” المازوت 20 ليتر في السوق السوداء 80 ألف ليرة سورية.

قد يهمك: مازوت التدفئة غير كاف للسوريين.. ما هي خياراتهم؟

معاناة مضاعفة

وتشهد عموم المدن في سوريا منذ عدة أيام انخفاضا حادا في درجات الحرارة، وعاصفة مطرية في المدن الساحلية، وبحسب الأرصاد الجوية، فإن ذروة المنخفض ستكون خلال هذين اليومين، 15-16 آذار/مارس، إذ انخفضت درجة الحرارة عن متوسطها بمقدار 10 درجات.

بالمقابل زادت ساعات التقنين الكهربائي في بعض المحافظات إلى 8 ساعات مقابل ساعة وصول تحدث خلالها العديد من الانقطاعات بسبب الحماية من التردد، ونتيجة العاصفة المطرية في اليومين الماضيين، تسبب في  ضرر كبير بالشبكة الكهربائية في عدة مناطق من المحافظات السورية (حمص- طرطوس- اللاذقية- دمشق وريفها)، حيث انهارت العديد من جسور التوتر العالي، وكذلك انقطاع شبكات توتر منخفض في بعض التجمعات السكنية.

وأدت هذه الأضرار إلى انقطاع الكهرباء عن أغلب مناطق الساحل السوري وبعض مدن الداخل السوري، وتعرضت الشبكات الكهربائية في سوريا، للعديد من عمليات التعدّي والسرقة، تطال الأكبال الكهربائية، ما يؤدي إلى مزيد من الانقطاع في الكهرباء، فضلا عن الأضرار المادية.

قد يهمك: المازوت قليل والغاز مقطوع عبر “البطاقة الذكية” بسوريا

حرق الملابس والبلاستيك بدلا من المازوت!

دفع ارتفاع أسعار المحروقات، بالتزامن مع غلاء المعيشة وتدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد، شريحة كبيرة من العائلات الفلسطينية في سوريا إلى استخدام الأحذية والملابس البالية والمخلفات البلاستيكية كبديل لأساليب التدفئة المعتادة، وابتكار وسائل تدفئة بديلة تتناسب مع حالاتهم الاقتصادية المتردية، وتوفر لأطفالهم بعض الدفء الذي أصبح من الصعب الحصول عليه.

ووفق ما ذكرت “مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا” في تقرير عبر موقعها الرسمي، أن انقطاع مادة المازوت وصعوبة الحصول على الغاز وارتفاع سعر الحطب بالسوق الحرة أو السوداء، أجبر تلك العائلات على البحث عن حلول بديلة بتكاليف منخفضة، رغم خطورتها الكبيرة على صحتهم، مشيرة إلى أن سعر كيلو الحطب يتراوح بين 800 إلى 2000 ليرة سورية، وتحتاج الأسرة لحوالي 1000 كيلوغرام كحد أدنى.

وتابعت المجموعة: كل ذلك جعل من الملابس والأحذية البالية والنفايات البلاستيكية بديلا للتدفئة بالنسبة للعائلات الفلسطينية والسورية، حيث يقومون بجمعها من بقايا أكياس النايلون أو القطع البلاستيكية المكسرة وغير الصالحة للاستخدام العادي أو الأحذية الغير صالحة للاستخدام أو من تجمعات القمامة.

وأكدت العديد من العائلات الفلسطينية المقيمة في دمشق أن “الحرامات” أصبحت وسيلتها الوحيدة الممكنة للتدفئة ومواجهة برد الشتاء القارس، نتيجة عدم قدرتهم على شراء لوازم التدفئة من السوق السوداء.

وتتصاعد وتيرة الأزمة المعيشية في سوريا، مع تدهور الواقع الاقتصادي، وسط انتقادات واسعة للحكومة في دمشق، نتيجة فشلها في تنفيذ قراراتها وتوزيع الحصص على المواطنين من مخصصاتهم من دفعات المازوت “للتدفئة”.

في حين خصصت الحكومة 100 ليتر لكل عائلة في سوريا، غير أنها لم تلتزم في توزيعها بالكامل، أكدت مصادر محلية لـ “الحل نت”، في وقت سابق، أن الحاجة الفعلية لهم للتدفئة في الشهر الواحد تصل إلى نحو 150 ليتر، وبالتالي يضطر بعض المواطنين التوجه إلى شراء المازوت من السوق السوداء وهو الأغلى سعرا.

قد يهمك: “المدينة الجامعية” بدمشق بدون تدفئة هذا العام

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.