هل تشهد العلاقات الروسية الأوروبية في سوريا أية تطورات؟

هل تشهد العلاقات الروسية الأوروبية في سوريا أية تطورات؟

من جديد يؤكد الاتحاد الأوروبي على لاءاته الثلاث الخاصة بسوريا، والمتضمنة الإبقاء على العقوبات والعزلة ورفض المساهمة بإعادة الإعمار، قبل تحقيق تقدم بالعملية السياسية في الملف السوري.

التأكيد الأوروبي تكرر في مرات متعددة وضمن مناسبات مختلفة، كان آخرها منتصف شهر آذار/مارس الجاري، وسبقها تأكيد مشابه قبل شهر من الغزو الروسي لأوكرانيا الذي بدء في الـ24 من شهر شباط/الفائت، ليبرز هنا تساؤل حول طبيعة الدور الأوروبي في سوريا، إبان الغزو الروسي، وفيما إذا كان سيحدث تغييرات في خريطة تموضع القوى الفاعلة في الملف السوري، لا سيما وأن موسكو كانت عملت في مجالات عدة لمد نفوذها في سوريا، حيث تعتبرها منطقة نفوذ استراتيجي لها.

مسؤول الشؤون الخارجية والأمنية جوزيب بوريل، قال منتصف آذار، “يبقى الشعب السوري أولوية بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي. يجب على المجتمع الدولي أن يواصل السعي إلى حل سياسي دائم وشامل في سوريا، ويبقى الاتحاد الأوروبي ملتزما التزاما كاملا بهذا الهدف”.

وأشار بوريل إلى اجتماع الاتحاد الأوروبي مع المبعوث الأممي الخاص غير بيدرسن في مجلس الشؤون الخارجية في 24 يناير (كانون الثاني) الماضي، حيث “أعاد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي التأكيد على وحدتهم وأعادوا تأكيد موقف الاتحاد الأوروبي؛ لا تطبيع مع النظام السوري، ولا إعادة إعمار، ولا رفع للعقوبات إلى أن يتم التوصل إلى حل سياسي ينسجم وقرار مجلس الأمن الدولي 2254 على نحو راسخ. وفي الآن ذاته، يواصل الاتحاد الأوروبي دعم جهود المبعوث الأممي الخاص بيدرسن، بما في ذلك مقاربته خطوة مقابل خطوة، ويبقى ملتزما بوحدة الدولة السورية وسيادتها وسلامة أراضيها”.

بوريل كان أشار إلى أن الاتحاد الأوروبي سيعقد مع الأمم المتحدة في 10 أيار/مايو، مؤتمر بروكسل السادس لدعم مستقبل سوريا والمنطقة، بمشاركة حكومات ومنظمات دولية والمجتمع المدني السوري.

ثبات أوروبي؟

هذا وما يزال الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه، أكبر مانح مساعدات دولية ومقدّم مساعدات إنسانية ومعونات ترسيخ الاستقرار ومتطلبات الصمود داخل سوريا وفي البلدان المجاورة. ففي العام الماضي، تعهد الاتحاد الأوروبي ككل بتقديم ما مجموعه 3.7 مليار يورو لعام 2021 وما بعده. منذ عام 2011، حشد الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه أكثر من 25 مليار يورو من أجل الصراع في سوريا. إلا أن الحضور السياسي للاتحاد الأوروبي لم يكن فاعلا بشكل وازن خلال السنوات الماضية في سوريا، وفق الباحث في العلاقات الدولية، زياد وهب، الذي اعتبر أن الاتحاد الأوروبي قد لن يغير سياسته الخارجية في سوريا حتى بعد الغزو الروسي في أوكرانيا.

وتابع خلال حديثه لـ”الحل نت” القول بأن “الاتحاد الأوروبي وإن ضاق ذرعا من التصعيد الروسي في أوكرانيا، فإنه حكما لن يرد في سوريا من خلال توسعة نفوذ بروكسل على سبيل المثال في الملف السوري، وذلك لعدة اعتبارات، أبرزها أن دور بروكسل منذ سنوات بات متماهيا مع دور واشنطن، هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية فإن أزمات اللجوء والاقتصاد وكورونا وأخيرا أوكرانيا لن تدفع الأوروبيين إلى العودة للملف السوري”.

بينما اعتبر أن أكثر ما يمكن أن تقوم به بروكسل هو دعم التوجه الأميركي في سوريا، بمعنى التماهي أكثر مع رؤية واشنطن. “في وقت سابق خلال فترة إدارة الرئيس الأميركي الأسبق، دونالد ترامب، كانت بروكسل تتقرب أكثر من موسكو في ملفات الشرق الأوسط لاسيما سوريا، متذرعة بملفات مكافحة الإرهاب واللاجئين وما يتصل بهذه الملفات من النواحي الأمنية والاقتصادية”.

وأضاف في هذا السياق “الآن بات الأمر مختلفا بالنسبة لبروكسل تجاه موسكو في سوريا، فمهما كانت نتائج الغزو الروسي، فإن العلاقات الروسية الأوروبية تحكمها العديد من التحديات التي لن تعيد أي تقارب مع الروس في ملفات منطقة الشرق الأوسط التي تطمح روسيا إلى إحكام السيطرة عليها، وهو الأمر الذي لن تسمح به بروكسل”.

لقد أصبحت سوريا منذ سنوات مصدر قلق كبير بالنسبة إلى أوروبا وذلك لسببين. أولهما، تجلى عبر اللجوء والمأساة الإنسانية اللذان خلقا في أوروبا وضعا مزعزعا لاستقرار البلدان المجاورة، والتي هي إما حليفة للاتحاد الأوروبي (تركيا عضو في حلف شمال الأطلسي) أو على علاقة وديّة مع الاتحاد (الأردن ولبنان). بحسب ما أفادت به دراسة مركز “مالكوم للشرق الأوسط”. وثاني تلك الأسباب وفق ما أفادت به الدراسة يبرز من خلال مخاوف ذهاب بضع مئات من مواطني الاتحاد الأوروبي إلى سوريا كجهاديين، من عودتهم إلى أوطانهم وتحوّلهم إلى “عدو داخلي” في بلدانهم الأصلية.

لا تغيير حقيقي؟

يذكر أنه وفي أيار/مايو 2021 أعلن الاتحاد الأوروبي، تمديد عقوباته المفروضة على سوريا منذ 2011 لعام إضافي.

وقال مجلس الاتحاد الأوروبي، في بيان له آنذاك، إنه “مدد الإجراءات التقييدية المفروضة من قبل الاتحاد الأوروبي على (دمشق) لعام إضافي، حتى 1 حزيران/يونيو 2022، في ظل استمرار قمع السكان المدنيين في البلاد”.

وأوضح المجلس أن العقوبات تستهدف حاليا 283 شخصية تم تجميد أصولهم في أراضي الاتحاد الأوروبي، ومنع سفرهم إلى دول التكتل، و70 كيانا تتعرض لتجميد الأصول.

وأوضح المجلس أن “هذه الإجراءات تستهدف كذلك شركات رجال أعمال بارزين يستفيدون من علاقاتهم مع النظام واقتصاد الحرب”.

وبين المجلس أن عقوباته تشمل كذلك “الحظر على استيراد النفط وتقييد بعض الاستثمارات، وتجميد أصول البنك المركزي في الاتحاد الأوروبي، وتقييد تصدير المعدات والتكنولوجيا التي قد يتم استخدامها لعمليات القمع الداخلي أو لمراقبة واعتراض الاتصالات عبر الإنترنت أو الهاتف”.

في حين أفاد المحلل السياسي، مراد هاشم، بعدم إمكانية وجود أي تغيير جذري في الموقف الأوروبي حيال الملف السوري، أو حتى تجاه الروس في سوريا، معتبرا خلال حديثه لـ”الحل نت” بأنه و”على عكس توقعات البعض، فإن فرنسا وألمانيا سيخطون خطوات أكثر تقدما باتجاه واشنطن على حساب تلك الخطوات التي

وأضاف: “لا يمكن حدوث أي تغير نوعي من قبل الاتحاد الأوروبي تجاه دمشق أو موسكو بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، وسيكون هناك محدد رئيسي لأي تحرك وهو متصل بالتسوية الروسية الأميركية في سوريا، وهذا بات حاليا بعيد التحقيق بفعل المتغيرات الدولية”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.