تضاعف أسعار السماد في سوريا.. القمح والخضار بانتظار ارتفاع الأسعار

تضاعف أسعار السماد في سوريا.. القمح والخضار بانتظار ارتفاع الأسعار

مما لا شك فيه بأن السماد الزراعي كغيره من المواد في سوريا تأثر بموجة الارتفاع الأخيرة للأسعار، لاسيما التي تسبب بها الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث ارتفعت أسعار السماد بشكل مضاعف، ما أدى إلى استخدام المزارعين كميات أقل لتسميد محاصيلهم، فضلا عن غياب حكومة دمشق في دعم القطاع الزراعي، على الرغم من مزاعمها السابقة بأنها ستدعم الزراعة وخاصة بعد الحرب في أوكرانيا.

أيضا، إذا لم يكن موسم القمح والشعير وفيرا هذا العام، فمن المؤكد أنه سيؤثر على باقي أسعار المنتجات في السوق، وخاصة الخبز الذي سيرتفع سعره أكثر مما هو عليه الآن.

غياب الدعم الحكومي

رئيس مكتب الشؤون الزراعية في الاتحاد العام للفلاحين، محمد الخليف، أفاد بأن أسعار السماد في السوق السوداء ارتفعت بنسبة 100 بالمئة نتيجة الأزمة الأوكرانية.

وقال الخليف في تصريح لصحيفة “الوطن” المحلية، يوم أمس، أن كيس سماد اليوريا 46 سعة 50 كيلو كان يباع في السوق السوداء منذ حوالي الشهر بسعر250  ألف ليرة وارتفع اليوم إلى أكثر من 500 ألف ليرة سورية.

وأوضح الخليف بأن كميات الأسمدة التي يحصل عليها مزارعو القمح والشعير من المصارف الزراعية في المحافظات لا تغطي الحاجة، لذا يضطر المزارعون لشرائها من السوق السوداء بسعر مرتفع، في إشارة إلى غياب الدور الحكومي في دعم القطاع الزراعي بالشكل الكافي.

ونوه الخليف إلى أن ما تم توزيعه من أسمدة على المزارعين لا يغطي 40 بالمئة من الحاجة، ويتم التوزيع من المصارف الزراعية وفق المتوفر لديهم.

وعن تأمين المازوت المدعوم لمزارعي القمح والشعير، أوضح الخليف أن هناك لجنة مختصة برئاسة المحافظ وعضوية عدة جهات في كل محافظة هي التي تقوم بتحديد احتياجات المزارعين من المازوت، مؤكدا أن الكميات التي وزعت تعتبر “غير كافية” للخطة الزراعية للموسم القادم.

كما وأن التوزيع متوقف منذ حوالي الشهر، لذا يضطر مزارعو القمح والشعير لشراء المازوت حاليا من السوق السوداء بأسعار مرتفعة من أجل ري أراضيهم وسقايتها، وطالب الخليف بضرورة تأمين السماد لمزارعي القمح والشعير باعتباره ضروريا وأساسيا خلال الفترة الحالية إضافة لتأمين المحروقات من أجل ري الأراضي بالشكل الأمثل، وفقا لصحيفة “الوطن”.

قد يهمك: أسعار غير مسبوقة في الأسواق السورية منذ 30 عاما

وعود حكومية “خلبية”

يرى رئيس مكتب الشؤون الزراعية في الاتحاد العام للفلاحين أن إنتاجنا من القمح والشعير للموسم القادم سيكون أفضل من الماضي بنسبة تقارب 25 بالمئة نتيجة موسم الأمطار الجيد، فقد بلغ إنتاج القمح خلال الموسم الماضي حوالي 400 ألف طن، ومن المتوقع أن يصل خلال الموسم القادم لحدود 600 ألف طن.

وعزا الخليف هذا الأمر إلى تقصير الحكومة في دعم المزارعين، حيث قال: لو كان هناك توزيع كاف من الأسمدة والمازوت المدعوم، وتم توزيع الأسمدة بالشكل المطلوب وعلى دفعات والمحروقات متوافرة وتعطى بالتوقيت المناسب لمزارعي القمح والشعير، لكان “إنتاجنا أفضل من المتوقع ومضاعفا”.

وكانت الجهات الحكومية السورية، قد قالت في منتصف شهر شباط/فبراير الفائت، إنها ستعطي الأولوية لمحاصيل القمح والشعير في دعم السماد والمازوت، الأمر الذي أثار عشرات التساؤلات عند المزارعين أصحاب الأشجار المثمرة والخضروات والفواكه، حول مبررات الحكومة لعدم توزيع الدعم لهم، ورغم وعودها في السابق إلا أنها لم تقم بدعم القمح والشعير أيضا بالشكل المطلوب، بل كانت مجرد “وعود خلبية”.

وبحسب شبكة “بي بي سي”، كانت شركات الأسمدة العالمية أصدرت تحذيرات من أن الحرب الروسية في أوكرانيا ستحدث صدمة في الإمدادات العالمية من الغذاء إثر ارتفاع أسعار الأسمدة وسط مخاوف من تأثر الإمدادات.

وتعد روسيا من أهم الدول المصدرة للأسمدة عالميا، بينما تساهم أيضا بنسبة كبيرة من المغذيات الضرورية للتربة في الأسواق العالمية، كما أنها ثاني أكبر منتج للغاز الطبيعي الذي يلعب دورا كبيرا في إنتاج الأسمدة الكيماوية، بحسب تقارير صحفية.

وكانت حكومة دمشق وقّعت عقدا مع شركة “ستروي ترانس غاز” الروسية التي تمتلك حصة في الشركة العامة للأسمدة، في تشرين الثاني/نوفمبر 2018، يقضي باستثمار شركة الأسمدة ومعاملها الثلاثة مدة 40 عاما قابلة للتجديد.
وبموجب العقد الموقع، يقوم الجانب الروسي بإعادة صيانة المعامل الثلاثة، ويلتزم بالحفاظ على إنتاجيتها وإيصالها للطاقة التصميمية خلال عامين، بحيث تبلغ حصة الشركة السورية من الأرباح 35 بالمئة مقابل 65 بالمئة للشركة الروسية، بحسب بنود العقد التي نشرتها صحيفة “تشرين” المحلية وقتذاك.

ومنذ توقيع العقد، سادت مخاوف من أن تسهم روسيا في رفع الدعم عن الأسمدة الزراعية، وبالتالي غلاء أسعارها نتيجة تصدير الشركة الروسية للأسمدة، خاصة أن العقد يجيز لها التصدير ولكن في حال اكتفاء حاجة السوق المحلية، وهذا ما حصل نوعا ما حاليا.

قد يهمك: في ثاني أيام رمضان.. مواد غذائية مختفية وأسعار الخضار مرتفعة

ارتفاع مرتقب في الأسعار

وفي تقرير لصحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، حذرت فيه الصحيفة من انتشار حالة الذعر من إمكانية فقدان المواد الغذائية في الشرق الأوسط؛ من بينها سوريا، جراء الغزو الروسي لأوكرانيا.

وقال التقرير إن هناك مخاوف في العديد من البلدان في الشرق الأوسط، على رأسها سوريا، من محدودية وفرة وارتفاع أسعار السلع الأساسية مثل القمح وزيت دوار الشمس، والمواد التي تستورد عادة من البلدين المتحاربين.

وفي 4 من آذار/مارس الماضي، حذر برنامج الأغذية العالمي، من أزمة غذائية تلوح في الأفق في المناطق المتضررة من الحرب في أوكرانيا ومخاطر تفاقم المجاعة في جميع أنحاء العالم، بسبب توقف إنتاج وتصدير منتجات مثل الحبوب.

وبخصوص مواجهة تدهور الأمن الغذائي من قبل دمشق، وتأمين رغيف الخبز في ظل الأزمات المتعددة لاسيما أزمة الغزو الروسي لأوكرانيا، رأى الخبير الاقتصادي، يوسف أحمد، خلال حديث سابق لـ”الحل نت” أن دمشق و في ظل الظروف الراهنة لا يمكن لها فعليا مواجهة خطر الأزمة الغذائية، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن الزراعة ليست من ضمن أولويات الحكومة.

وقال عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق، محمد الحلاق، يوم أمس، لوسائل الإعلام المحلية، أنه بالإمكان تأمين كل المواد، لكن الأسعار غير معقولة وغير منافسة وتشهد سوريا اليوم “طفرات بالأسعار ولاسيما على المواد الغذائية بسبب ارتفاع أجور النقل وقلة المحروقات عالميا وارتفاع التصنيع والتوريد وغيرها، وكقطاع أعمال تفاجأ بالأسعار التي لم يشهدها خلال أكثر من 30 عاما في قطاع التجارة.

هذا ويشهد السوق السوري ارتفاعا تصاعديا في الأسعار منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، كما تدهورت الليرة السورية مقابل النقد الأجنبي، وبالتالي بعد مضاعفة تكلفة الأسمدة، سيكون هناك بالتأكيد مضاعفة في تكلفة القمح والشعير (السلة الغذائية لسوريا) مما سيؤثر حتما على الأسواق، وحدوث موجة أخرى من الغلاء خاصة في المواد الغذائية والخضروات والفواكه والخبز.

قد يهمك: لا سماد من أجل الزراعة بسوريا.. التهاب أسعار مرتقب؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.